حين يحين الرحيل على حين غرة، حين يمسك الموت بأرواح الزهور، حين ينتهي العمر في مقتبل العمر، عندها تهتز النفوس وترتجف القلوب ألما وحسرة، مع الموت نقف لحظة صمت واجفة، نفكر فيها بعمق، وتبقى عيوننا محدقة، والصورة لاتزال عالقة في الأذهان، والسؤال الملح يراودنا هل نحتاج بالفعل لصدمة مثل هذه لتوحدنا؟ وهل نحتاج لمصيبة لتعيدنا لصوابنا؟ فمع الموت لا يصلح أي حديث، ومع الموت يقف اللوم والعتاب ومعه تذوب الأحقاد والخصومات، لكن يبقى الفقد سيد الموقف، والدموع والحزن واللوعة عنوانه، لنصرخ أيها الموت قف قليلا ترفق بالفاقدات.
الموت هو نهاية الحياة وهو حالة توقف المخلوقات الحية عن النشاطات الوظيفية الحيوية، وهو خروج الروح من جسم الإنسان وانتقالها إلى العالم الآخر، ما يميز الموت هو عنصر المفاجأة فلا يعرف الإنسان متى موته وأين تفيض روحه امتثالا لقوله تعالى «وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ان الله عليم خبير» (لقمان: 34)، وعلى رغم أننا جميعا نعرف تاريخ ميلادنا، بل نسعد وتحتفل به، في المقابل نجهل تاريخ موتنا، ونعلم جيدا أن كل صباح نستيقظ فيه ننقص من أعمارنا يوما، فللموت فلسفة يصوغها الإمام علي (ع) بقوله «إن الموت هادم لذاتكم، ومكدر شهواتكم، ومباعد طياتكم، زائر غير محبوب، وقرن غير مطلوب، قد أعلقتكم حبائله، فيوشك أن تفشاكم دواجي ظله واحتدام علله».
ان النفور من الموت هو وليد الرغبة في الخلود، هكذا بنيت أسطورة جلجامش، الأسطورة السومرية التي كتبت على 12 لوحا طينيا واكتشفت العام 1800م، والتي ترى في زهرة الخلود هروبا من ملاقاة الموت، بطلها جلجامش تحكي الأسطورة عنه انه ملك فاق كل الملوك، متين البنيان، وتصفه بالثور النطوح، كموج الطوفان الصاخب، مهدم الأسوار الصماء، لكن يهزمه ذكر الموت ويخشاه، فأراد الخلود، لذا بدأ البحث عن الزهرة التي تهب له الخلود، في ارض الخلود، ارض لا ينعق فيها الغراب، ولا تنكس الحمامة رأسها، ولا تأكل النسور فيها الطيور، انها ارض دلمون، فحين قرر جلجامش الرحيل، نصحته صاحبة الحانة بالعدول عن رأيه إذ قالت له «إلي أين تسعى يا جلجامش؟ ان الحياة التي تبغي لن تجد،... دلل صغيرك، وافرح زوجتك، هذا هو نصيبك» عاد جلجامش إلى بلاده دون أن يحقق شيئا بحسرة، لأنه تفاجأ بالثعبان الذي التهم الزهرة، فعذرا جلجامش لم تجد في أرضنا من تريد فالثعبان ليس منا، لكن يا جلجامش لم تعد دلمون اليوم ارض الخلود، فقد أصبح الموت مسمى لبعض شوارعها التي تعددت أشكالها ومسمياتها ونواحيها التي امتلأت بالدم، فمازال دم زهراتنا الست رقية وغيداء وطاهرة وفاطمة ومريم ومروة يروي الفاجعة التي أخرجت الموت عن المألوف، فرسمت ألما مضاعفا، لا تسعى الكلمات لاحتوائه، ولا تصل الآهات لمقداره، وصدق من قال:
شيئان لو بكت الدماء عليهما
عيناي حتى يؤذنا بذهاب
لم يبلغا المعشار من حقيهما
فقد الشباب وفرقة الأحباب
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 3464 - الخميس 01 مارس 2012م الموافق 08 ربيع الثاني 1433هـ
ابدعتي
شكرا يابنت ديرتي ويارب حسن الخاتمه وربي يصبر قلوب اهاليهم
شكرا لكم
جزاك الله خيرا وسلم يداك وما أجمل أن يلاقي الانسان خالقه وهو راض عنه فيكون الموت معبرا لبلوغ لقاء الله عزوجل نسأل الله حسن الخاتمة وأن نلقاه وهو راض عنا جميعا ، اللهم آمين
رحم الله زهراتنا اليانعات ومسح الله على قلوب ذويهم ومحبيهم وصديقاتهن وزميلاتهن وساعد الله قلوبهم على هذا المصاب الجلل وإنا لله وإنا لله راجعون ولاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم
رحم الله من قرأ الفاتحة وأهداها لأرواحهن الطاهرة المطمئنة بلقاء الله تعالى "يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و
الموت حق
وقهر عباده بالموت والفناء .. فعلا فالموت يأتي بدون استئذان والموت ضيف غير مرغوب فيه .. اللهم اجعل خاتمتنا رالى خير