ربما تكون الحجج التي ساقتها وزارة التربية والتعليم لتطبيق «تمديد الدوام المدرسي» للمرحلة الثانوية، مستندة على قرار مجلس الوزراء - الذي تبنى من جهته خمس مبادرات لتطوير التعليم - ولكن لا يمكنها أن تُقنع أولياء الأمور أو المدرسين أو الطلبة.
والسبب أن جميع هؤلاء يشعرون أن القرار فرض عليهم فرضاً، ولم يتم أخذ رأيهم أو التشاور معهم في آلية تطبيقه والمردود الإيجابي والتداعيات السلبية التي قد يتسبب فيها.
الوزارة اتكأت على استطلاع رأي أولياء الأمور والمعلمات خلال أول تجربة نفذتها في مدرسة المحرق الثانوية للبنات، ولكن لم تستطلع آراء أولياء الأمور في جميع مدارس البحرين، فتفردت باتخاذ القرار وتعميم التجربة بناءً على استطلاع جزئي لا يمثل المجتمع البحريني وطبيعته الاجتماعية.
تحتفظ العوائل البحرينية باجتماعها حول مائدة الطعام، بخصوصية وتفرد لا تقبل أن يزاحمها فيه شيء، فمن هذا الاجتماع المصغر بين الأب والأم والأولاد، تنطلق أحاديث يوم مضني من الجد والتعب والمثابرة، سواءً في مواقع العمل أو مقاعد الدراسة.
ومن هذا اللقاء الأسري الحميم، تُسدى التوجيهات والنصائح الأبوية للنشء، ويستشعر كل مسئول عن رعيته حاجتهم ومتطلباتهم، وعلى إثر ذلك يتفاعل معها ويتحرك ويبادر لتلبيتها وتوفيرها.
وإذا كان الدوام المدرسي للمرحلة الثانوية لا ينتهي إلا بحلول الساعة الثانية والربع ظهراً، فكيف لهذا اللقاء الأسري أن يتم وفي أي مكان؟
وفي أبسط تقدير، هل للوزارة أن تتخيل حالة الشتات التي تعيشها أسرة لا تتناول وجبة الغداء إلا بعد الثالثة عصراً، لتلك الاعتبارات وأسباب أخرى ليس أقلها الاكتظاظ المروري القاتل في وقت الظهيرة، حين يخرج الطلبة والموظفون العاملون في القطاعات الحكومية وبعض المؤسسات والشركات الخاصة دفعة واحدة إلى الشوارع، في مشهد ملحمي مشوب بالضيق والاستياء والقفز على دائرة الصمت.
وزارة التربية والتعليم تقارن وضع التعليم بالمدارس الأجنبية في الدول الأوربية المتقدمة، وتناست أن لهذه الدول طبائع وخصالاً وعادات تختلف كلياً عن الوضع البحريني المتأصلة عادات أهله في جذور التاريخ، والتي لا يمكن اقتلاعها بهذه الصورة السهلة التي تتصورها.
الأمر الآخر، أن الطالب في جميع المراحل الدراسية، لديه قدرة محددة للاستيعاب والفهم، ومتى ما طالت هذه الفترة خرج عن نسق المادة التي يحضر حصصها، وخصوصاً في ظل تقلبات الطقس ما بين الحرارة والبرودة، ودسامة المعلومات التي يتلقها منذ بداية اليوم الدراسي حتى نهايته.
وكذلك حال المدرس المنهك بنصاب ثقيل، والذي يعمل حتى خارج وقت الدوام الرسمي في منزله، لتحضير الدروس لليوم التالي، وتصحيح الواجبات، وإعداد أسئلة الامتحانات ومراجعتها بعد استلامها من الطلبة، وهي مهمات لا يتقاضى عليها أي أجر، بل تضاف على عاتقه حصص تستغرق مدة كل واحدة منها ساعة كاملة.
والطالب حين يعود إلى بيته متأخراً، سيحتاج إلى قضاء ساعة أو اثنتين للراحة، قبل البدء في مذاكرة دروسه وأداء الواجبات المكلف بها، وذلك سيحرمه من أداء أي نشاط بدني أو فكري أو ذهني، كما لن يكون بمقدوره تنمية مواهبه وقدراته، وبالتالي سنصحو ذات يوم على جيل ربما أخذ كفايته وحقه من العلم والمعرفة، ولكن أصيب بضمور في قدراته على الإبداع والابتكار نتيجة انغماسه الكلي إلى حد الإنهاك في العملية التعليمية.
مهما قدمت الوزارة من مبررات لن تقنع الشارع البحريني المستاء من قرارها، لذلك هي بحاجة إلى إيقاف «تمديد الدوام المدرسي» مؤقتاً، والجلوس مع كل الأطراف المشاركة في التعليم (أولياء الأمور، المدرسين، الطلبة)، للاطلاع على دوافعهم وأسباب رفضهم للمشروع، فإما أن تقدم المبررات المقنعة التي تكفل لها المضي فيه بسلام أو تتراجع عن المشروع برمته.
لا يوجد ولي أمر لا يطمح أن يرى أبناءه في أفضل المواقع والمناصب العلمية والحياتية، ولكن من الضرورة مراعاة الالتزامات التي سيرتفع سقفها وسيكون ملزماً بتوفيرها، بدءاً من الملابس والقرطاسية والمأكل، فضلاً عن الأسباب الأخرى التي ذكرناها. وكلها مسائل مهمة جداً ومؤثرة على نمط معيشة الأسرة البحرينية، وبحاجة إلى مراجعة شاملة ومتأنية ووافية
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 3455 - الثلثاء 21 فبراير 2012م الموافق 29 ربيع الاول 1433هـ
نور ال بورشيد
تمديد الدوام فكرة وايد زينة ان شاء الله يمددونه
شكرًا سيدى على المقال واللذى يصف معاناتنا ولكن و
للأسف سوف يستمر التمديد ولن تتراجع الوزارة عن قرارها ولن تلتفت لمعاناة الجميع
تدرون متى بيحسون
بتزيد عليهم تكاليف الكهربا بالصيف بسبب زياده الحصه
بعدها بيعرفون خطائهم
واكبر المتضررين اتحاد الرياضه لانه اللاعبين بيوصلون التمرين متاخر وما بيقدرون يدربون مده اطول
مد اليوم وتميدالليل والنهار
من البديهى انه اذا طال الليل قصر النهار. اذا مد اليوم الدراسي فماذا يقصر؟؟
فالشمس والظل يمتد اذا زالت معلنأ قرب مجئ الليل..
خلل في الوزارة
لانها تتعامل مع المعلم بشيفونية و لاتتيح للمعلم المشاركة في صنع القرار
فبدل تمديد الدوام المدرسي تقليل عدد الطلبة في الفصول بما لايزيد عن 20طالب في الفصل ستحل الكثير من المشاكل و تمديد الدوام المدرسي للتقويةو المساندة في اداء الواجبات و الدروس العلاجية بدل ان يذهب الطالب للمعاهد و المدرسات في المنازل.