العدد 344 - الجمعة 15 أغسطس 2003م الموافق 16 جمادى الآخرة 1424هـ

الهدنة صامدة وتسارع الحوادث قد يولد انتفاضة ويسقط عباس

ماذا قالت الصحف العبرية عن العمليات الأخيرة؟

أمنة القرى comments [at] alwasatnews.com

.

شغل الصحف العبرية، رد المقاومة الفلسطينية على الاعتداءات الإسرائيلية التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني خلال الفترة الأخيرة وآخرها في نابلس، بتنفيذ عمليتين استشهاديتين في رأس العين بوسط «إسرائيل» وقرب مستوطنة ارييل بالضفة الغربية أسفرتا عن مقتل إسرائيليين وإصابة 12 آخرين، وأكدت في الوقت ذاته، تمسكها بالهدنة المعلنة في 29 من يوليو/تموز الماضي، معتبرة ان العمليتين هما رد طبيعي على الاحتلال وعدوانه المستمر. واللافت ان الفدائيين الاستشهاديين هما من مخيم عسكر إذ اغتالت قوات الاحتلال هناك قياديين في «حماس» قبل بضعة أيام.

لكن على رغم هذه العودة إلى العمليات الاستشهادية، لم تتوقع الصحف العبرية، أن يؤدّي ذلك إلى انهيار الهدنة وعودة العنف. ولفتت جميعها إلى ان «إسرائيل» لا تخطط لرد عسكري على عمليتي رأس العين ومستوطنة ارييل، بل ستزيد الضغط على الحكومة الفلسطينية لتفكيك البنى التحتية لما أسمته «الإرهاب» الفلسطيني... وبدا لافتا أيضا ان المراقبين الإسرائيليين ركزوا على إبراز قدرة الفصائل الفلسطينية و«حماس» تحديدا على القيام بعملياتها عندما يحلو لها ذلك، بحسب تعبير داني روبنشتاين.

واعتبر المحلل السياسي ألوف بن في «هآرتس»، أيضا ان ما قامت به حركة حماس يدل على ان عملية السلام برمتها رهينة الحركة وهذا السبب وراء ضرورة تفكيكها فورا... في حين برّر زئيف شيف عدم الرد بالقول ان المسئولين الإسرائيليين لا يريدون أن يتهموا بخرق الهدنة وخصوصا أن لديهم «خجلا» لأن المستوطنين قد «اختطفوا» قضية الجدار الواقي بينما يحرك الفلسطينيون هذه المسألة بقوة في المحافل الدولية.

ولفتت «هآرتس»، في خبر افتتاحي إلى ان «إسرائيل» لا تخطط لرد عسكري على عمليتي رأس العين ومستوطنة ارييل، بل ستزيد الضغط على الحكومة الفلسطينية لتفكيك البنى التحتية لما أسمته الإرهاب الفلسطيني. وأضافت الصحيفة الإسرائيلية ان «إسرائيل» ستقوم في المقابل بإجراءات وقائية منها وضع حواجز جديدة في الضفة الغربية وقطاع غزة بالإضافة إلى التضييق على دخول العمال الفلسطينيين إلى داخل «إسرائيل». من جانب آخر نقلت «هآرتس»، عن القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي التي نقلت بدورها عن مصدر فلسطيني ان السلطة الفلسطينية حذرت «إسرائيل» من احتمال حصول عملية «إرهابية» وهذا ما يفسر على حد قول «هآرتس»، إعلان حال الطوارئ في مستوطنة ارييل قبل العملية.

وإذ لم يتوقع ألوف بن في «هآرتس» أن تؤدّي العمليتين الفدائيتين إلى انهيار الهدنة وعودة العنف، رأى ان الهجمات لا تعني بالضرورة نهاية الهدوء وعودة المواجهات. فالطرفان ما زال لهما مصلحة في استمرار الهدوء وليس فقط ليستعيدا قوتهما. كما ليس من مصلحة «إسرائيل» والفلسطينيين إغضاب الرئيس الأميركي جورج بوش الذي يمضي عطلته الآن في تكساس.

ولكن من ناحية أخرى لاحظ بن، ان هناك ضغوطا داخلية، فمن الصعب على «إسرائيل» الاستمرار في ضبط النفس بعد امتناعها عن الرد على هجوم «حزب الله» في الشمال. واعتبر بن ان قرار ارييل شارون، عدم القيام برد عسكري على العمليتين الفدائيتين في رأس العين ومستوطنة ارييل، والتركيز على الضغط على السلطة الفلسطينية لتفكيك البنى التحتية لما أسماه «الإرهاب»، قرار حذق وتعبير عن وعي لدى شارون، بضرورة التركيز على الجانب السياسي للنزاع مع الفلسطينيين.

وأضاف بن، ان قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، حشد تأييدا من الوزراء خصوصا انه ترافق مع خطوة ذكية أخرى ألا وهي تعليق إطلاق سراح المعتقلين الذين كان من المقرر إطلاقهم وذلك من أجل ذر الرماد في عيون من يعارض سياسة ضبط النفس. على صعيد آخر نقل بن، عن مصدر في القدس ان ما قامت به حركة «حماس»، يدل على ان عملية السلام برمتها رهينة الحركة وهذا السبب يقول بن، وراء ضرورة تفكيكها فورا. بالإضافة إلى ذلك لفت بن، إلى ان الأخطر يحصل اليوم بين الفلسطينيين والإسرائيليين خصوصا في العلاقة بين شارون ومحمود عباس فقد بدأت الثقة بينهما تتآكل خصوصا انهما بدآ يضعان اللوم على بعضهما البعض في كل انتهاك يحصل في الأراضي الفلسطينية وفي «إسرائيل».

وتوقع بن، ألا يلتقي عباس وشارون مجددا وانهما سيفضلان نقل الرسائل لبعضهما عبر الوسيط الأميركي. وختم بالقول ان التطورات الدراماتيكية التي تحصل اليوم إن كانت في الأراضي الفلسطينية أو في «إسرائيل»، تجعل من الصعب التقدم في عملية السلام حتى ولو استمرت الهدنة فترة طويلة.

ولاحظ داني روبنشتاين في «هآرتس»، ان الهدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تنتهِ ولكنها تذوي شيئا فشيئا.. في إشارة إلى العمليتين الفدائيتين الأخيرتين. وعلق روبنشتاين، (فقط) على السهولة التي حصلت فيها العمليتان على رغم المراقبة الإسرائيلية المشددة في المناطق التي حصلتا فيها معتبرا ان ذلك يدل على قدرة «حماس» والفصائل الفلسطينية على القيام بعملياتها عندما يحلو لها ذلك.

وأوضح روبنشتاين، ان «حماس» وعدت بالرد على عملية مخيم عسكر يوم الجمعة الماضي ولم يمر سوى ثلاثة أيام وها هي تفي بوعدها. وأضاف ان الخطير بالنسبة إلى الإسرائيليين بالإضافة إلى قدرات «حماس»، العسكرية على رغم انه أشار إلى ان عمليات مماثلة لا تتطلب قدرات عالية، ذاك الاستعداد الدائم لدى الناشطين الفلسطينيين لتفجير أنفسهم كلما طلب منهم ذلك. وخلص إلى القول ان «حماس» أو الفصائل الفلسطينية الأخرى إن اتخذت قرارا بالقيام بعملية «انتحارية» فلن يقدر أحد على إيقافها.

ووصف زئيف شيف في «هآرتس»، الهدنة بالزائفة معتبرا ان هذا الزيف - ومصدره الفلسطينيون على حد قوله - هو الذي دفع الفصائل الفلسطينية إلى اعتبار ان الهدنة مستمرة حتى لو حصلت عمليات فدائية ضد الإسرائيليين التي هي تطور طبيعي في نظر الفصائل. وأضاف شيف، ان الإسرائيليين بدوا مشوشين فرئيس هيئة الأركان الإسرائيلي موشيه يعالون، لم يصف خلال كلمته أمام الكنيست العمليتين الفدائيتين بأنهما تخطيا «الخط الأحمر» واستمر الإسرائيليون بالحديث كما في السابق مركزين على ضرورة تفكيك الفصائل الفلسطينية كما انهم أبدوا التزاما بالهدنة أكثر من الفلسطينيين معتبرا ان ما حصل في مخيم عسكر كان عملية وقائية فهو استهدف على حد زعمه مختبرا لإنتاج المواد المتفجرة. وعزا شيف، هذا الموقف الإسرائيلي، بأن المسئولين الإسرائيليين لا يريدون أن يتهموا بخرق الهدنة وخصوصا أن لديهم «خجل» لأن المستوطنين قد «اختطفوا» قضية الجدار الواقي لذلك قرروا (أي المسئولين) تحويله إلى جدار سياسي على حد قوله بينما يحرك الفلسطينيون قضية الجدار في المحافل الدولية.

إلى ذلك اعتبر شيف، ان قرار تعليق إطلاق عدد من المعتقلين الفلسطينيين يعود إلى انزعاج المسئولين الإسرائيليين من تقاعس الفلسطينيين عن أداء ما أسماه واجبهم بتفكيك الفصائل الفلسطينية وخصوصا ان الإسرائيليين قرروا عدم الرد على العمليتين الفدائيتين.

لكن جدعون ساميت في «هآرتس»، رأى انه لابد من التنبه إلى ان لـ «إسرائيل» علاقة كبيرة في التوتر مع الفلسطينيين وذلك بسبب طريقة تفكير الإسرائيليين والطرق التي يتبعونها في إدارة أمورهم وفي إدارة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي... وقال ان عودة ما أسماها الاعتداءات «الإرهابية» على الحدود الشمالية الإسرائيلية، وفي داخل الأراضي الفلسطينية هي دليل واضح على ان العرب لم يتغيروا.

لكنه استدرك فقال ان الإسرائيليين لم يتغيروا أيضا، ولكن ليس الشعب الإسرائيلي الذي يفضل قسم كبير منه أن يسود الهدوء، وإنما القيادة الإسرائيلية التي لم يتغير شيء فيها. وتساءل ساميت، عن دور «إسرائيل»، في ما يجري في المرحلة الراهنة من إراقة للدماء وانتشار لليأس؟ وأجاب ان دورها كبير وأكبر مما يمكن لأحد أن يعترف به. معتبرا انه لابد من التنبه إلى ان لـ «إسرائيل» دور كبير في التوتر مع الفلسطينيين وذلك بسبب طريقة تفكير الإسرائيليين والطرق التي يتبعونها في إدارة أمورهم وفي إدارة النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

وقال ساميت، ان الحقيقة هي انه ما من حكومة إسرائيلية وإنما هناك ارييل شارون فقط. وهو قد استعمل كل ما لديه من قوة كي يعوق أية خطوات قد تؤدي إلى تحسين أوضاع الفلسطينيين والإسرائيليين. ورأى ان إطلاق عدد محدود من الأسرى الفلسطينيين لا يقلص من عدد الاعتداءات «الإرهابية» وإنما على العكس يزيد من حدتها لأنها تخلق نوعا من انعدام الثقة بأية خطوة إسرائيلية. واعتبر ساميت، انه في حال فشل رئيس الوزراء الفلسطيني أبومازن، في الحفاظ على الهدنة، فلن يكون بسبب أعدائه الداخليين وإنما من يتحمل مسئولية ذلك بشكل كبير هو شارون الذي نجح من دون أي هدف سياسي مهم أن ينفي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، في مقره في رام الله. ولاحظ ساميت، ان الأوضاع تتدهور بشكل سريع بالنسبة إلى الفلسطينيين والإسرائيليين حتى ان تسارع الحوادث قد يولد انتفاضة ويؤدي إلى تقويض الحكومة الفلسطينية المعتدلة. وختم بالقول انه لابد لشارون، أن يتنبه إلى سوء الأوضاع وأن يتخذ قرارات حاسمة.

وتطرقت عميرا هاس في «هآرتس»، إلى مسألة إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية ورأت ان الفلسطينيين أخطأوا حين بدأوا محادثاتهم مع الإسرائيليين بقضية المعتقلين لأنه من الخطأ توقع أي شيء إيجابي من الجانب الإسرائيلي، في هذه القضية بالذات. وأوضحت هاس، ان على الفلسطينيين أن يعوا ان «إسرائيل»، لن تقوم بإطلاق سراح أي معتقل فلسطيني قتل يهوديا لذلك طالبتهم بغض النظر عن القضية والتركيز على قضايا أخرى مثل مسألة المستوطنات.

وعزت هاس، التسرع الفلسطيني في التركيز على قضية المعتقلين إلى رغبة رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس، الحثيثة في التعويض عن خطئه في هذه القضية «أمام» رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، عندما وعد الفلسطينيين (تحديدا أبومازن) خيرا في قضية المعتقلين وذهبت وعده مع الريح.

وبعيدا عن العمليتين الفدائيتين والأسرى والجدار، تطرقت «هآرتس»، في افتتاحيتها إلى مسألة ما وصفته بتنظيم الزيارات للحرم القدسي، على رغم ان الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، أكدت في بيان ان ما أعلنته «إسرائيل» من احتمال إعادة السماح لغير المسلمين بدخول المسجد الأقصى مرفوض وقد يجدد العنف عند باحات المسجد. علما ان الأوقاف الإسلامية كانت قد أغلقت أبواب المسجد الأقصى أمام السياح في سبتمبر/أيلول العام 2000 بعد زيارة قام بها ارييل شارون عندما كان يتزعم تكتل «ليكود» اليميني المتطرف.

وفجرت زيارة شارون وسط عشرات من أنصاره الانتفاضة الفلسطينية الثانية. فذكّرت «هآرتس»، ان هذه المسألة كانت في صلب الموضوعات الخلافية التي أدت إلى فشل اتفاق أوسلو. ورأت الصحيفة العبرية، ان هذه القضية حساسة جدا وحلها يتطلب حكمة وروية وخصوصا ان أعدادا كبيرة من الناس من كل الطوائف والمذاهب يؤمون الحرم!!. واقترحت الصحيفة الإسرائيلية أن يحصل اتفاق بين الجانب الإسرائيلي والوقف الفلسطيني بشأن تقاسم السلطات في الحرم على أمل التوصل إلى تنظيم جيد للزيارات يضمن عدم حصول أية خلافات أو حوادث أمنية. غير ان الصحيفة استدركت مشيرة إلى ما قاله وزير الداخلية الإسرائيلي بأن الزيارات إلى الحرم ستستأنف مع أو من دون موافقة الوقف الإسلامي. مستنتجة ان ذلك قد يعني ان ما من احتمال للتوصل إلى اتفاق رسمي بين الجانبين وسيضع القضية رهن التجاذبات بمعنى ان الوقف الإسلامي سيخضع بحسب زعم «هآرتس»، لضغوط من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لرفض أي إجراء أحادي الطرف من جانب «إسرائيل»، كما ان الجانب الإسرائيلي سيبقى حذرا من احتمال حصول أي حادث أمني وخصوصا ان الحرم تدخله مجموعات دينية متطرفة لذلك فإن أي خطأ صغير من أحد سيؤدي إلى «إشعال» الحرم

العدد 344 - الجمعة 15 أغسطس 2003م الموافق 16 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً