أراد أن يقطع مسافةً في القطب المتجمد الشمالي ليصل إلى مكان لم يصله بشر، فحدث انهيار جليدي، وأصبح لا يقوى على الحركة، في مكان لا يعلم به أحد. تجمدت قدماه، وبدأ جسمه بالبرود، وشعر بالموت يتسلل إلى جسمه، وظن أنه الفراق، ولكنه سرعان ما أطلق صرخته «أنا لست وحدي، إن من خلقني فهو معي». لتعود الحرارة إلى جسمه، وما هي إلا لحظات وإذا بطائرة مروحية تحلّق فوق رأسه.
وأخذ لمستشفى وقطعت بعض أصابع قدميه نتيجة تجمدها وللجروح الناتجة من تداعيات الانهيار الجليدي.
هذه قصة حقيقية قرأتها منذ ما يقارب 8 سنوات، ولا أتذكر اسم الشخص، ولكن ما يهمنا العبرة من القصة.
هناك سنة كونية وحكمة ربانية، مفادها أنه بعد أن تتعقد الأمور، ويصل الناس إلى مرحلة اليأس، ويعتقدون أنه لا خلاص، يأتي الانفراج بشكل سريع وغير متوقع.
هناك الكثير من القصص والعبر لهذه الحكمة، منها أن أحد المواطنين في 2008 استدعته الطبيبة 4 مرات، وأدخلته إلى غرفة «الولادة» حيث تقيم زوجته، وكشفت له البيانات والأجهزة، بما يؤكد أن احتمال موت الجنين عالية جداً، حيث إن ضربات القلب تزداد بسرعة عالية وغير طبيعية، واحتمال أن الحبل السري قد طوق عنق الجنين.
والحل لإنقاذ الجنين هو أن يوقع على إجراء عملية قيصرية. فرفض ذلك 3 مرات. وفي المرة الرابعة شاهد الجنين في شاشة الأجهزة الطبية، وأخبروه أن الموت شبه مؤكد.
زادت مخاوفه، وارتعش جسمه، وانكسر قلبه،وكان يقول «إن للجنين رباً يحميه ويحفظه، خلقه في بطن أمه وهو قادر على إخراجه للحياة».
هذه الكلمات، أرجعت له الأمل، وما هي إلا دقائق، وإذا بالجنين يصرخ معلناً خروجه إلى الحياة، بولادة طبيعية، وبصحة جيدة.
هناك حكمة ربانية إلهية، أنه كلما تعسرت الأمور قرب الفرج، «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا » (سورة الشرح، 5, 6). والإنسان في هذه الحكمة يحتاج إلى إيمان يحرك الأمل لديه بما يولد القوة الذاتية. وإذا لم يكن هناك إيمان، فالنتيجة يأسٌ، واستسلامٌ لواقع الجحيم.
وهذا ينطبق على كل أمور الحياة سواء كان في السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع وغيرها.
مثلاً في الاقتصاد، الدورة الاقتصادية، تبدأ بالأمل، ثم تفاؤل، اقتناع، حماس، تسابق، انتعاش، تشبع، حيرة، قلق، خوف، كساد، هلع، إحباط، وتنتهي باليأس، إذ يشعر التجار باليأس من الأوضاع الاقتصادية.
وبعد اليأس، يبدأ التجار يبحثون عن الأمل، ويتولد هذا الأمل ممن لديهم إيمان بأن الصبر مفتاح الفرج، وعندها تعود الدورة الاقتصادية من جديد حتى تصل إلى الانتعاش، وهكذا.
وهذا ينطبق على كل مشكلة، فمثلاً المشكلة الإسكانية، بلغ عدد الطلبات الإسكانية 54 ألف طلب، وأتوقع أن يرتفع العدد خلال السنوات المقبلة إلى أكثر من 80 ألف طلب، وسيصل الناس إلى مرحلة من اليأس والانفجار، وبعد أن يعتقد الناس أنه لا خلاص، سيأتي الانفراج سريعاً وغير متوقع
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3438 - السبت 04 فبراير 2012م الموافق 12 ربيع الاول 1433هـ
يارب
فعلاً..... ما أضيق العيش لولا فسحة الامل. الله كريم ويفرجها.