الخطير فيما يحصل الآن في البحرين، ليس أن العقاب الجماعي الممنهج طال نصف المجتمع، فهو على مرارته وعظم أثره اليوم، لا يضاهي ما يشعر به المواطنون من انغلاق الأفق على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، لأن حملات الكراهية لم تقف عند الاستحواذ على المقدرات العامة عبر الإقصاء والتمييز، بل أصبحت تحيك خططها لأن تأخذ من مكون أساسي في البحرين حلم الحياة الكريمة التي يرومها هذا الجيل ومن هم من بعده.

إذا كنا اليوم نجزم بأن البحرين لا تستطيع أن تسير بهكذا حال مدة طويلة، بحيث يبعد أهلها ويقرب البعداء، فإننا على يقين بأن سنة الحياة في هذه الأرض وغيرها ألا يبقى حال على ما هو عليه، ويبقى الأمل محفوراً في أفئدة البحرينيين التواقين إلى العدالة والكرامة وبلد المواطنة المتساوية الذي لا يفرق بين أبنائه.

غير أن من يغلق باب الحوار الجاد أمام الجميع، يريد أن يوصل المواطنين لليأس من أن مستقبل أبنائهم لن يكون أحسن حالاً مما هم عليه الآن، واعتماد الحل الأمني طريقاً ومنهجاً وحيداً يعني سرقة التفاؤل من أعين الناس وقلوبهم وعقولهم، وهذا أخطر ما في الأمر، إذ إن ذلك يدفع الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.

إذا كان من حق أبناء هذا الجيل أن تكون لهم مطالب مشروعة في سيادة القانون على الجميع، والمشاركة في القرار والثروة والأمن، فإن هذا الأمر مهما ووجه بحلول أمنية سيظل المطلب نفسه الذي يرومه كل جيل مقبل، لأنه لا يتعلق بحاجات آنية، بل لكونه إكسير الحياة والمستقبل لأي مجتمع حي.

من الإنصاف ألا يستغرق أحدٌ أكثر في إيهام مكون أساسي في المجتمع بأن مستقبل أبنائه سيكون أسوأ مما هو عليه الآن من بشاعة، حيث صور هدم المساجد لن تمحى من ذاكرة البحرينيين، وعمليات الفصل الطائفي ستبقى في التاريخ، والانتهاكات الجسيمة الموثقة لحقوق الإنسان ستظل عالقة في مخيلات أبناء هذا الوطن، لأن ذلك يعني أن من يصر على بقاء الأمور على حالها يريد أن يغلق ويجفف منابع الأمل بوجود حل للأزمة التي يبدو أن الجميع خاسر فيها.

نعتقد أن الحلول السياسية التي تبنى على قاعدة لا غالب ولا مغلوب حري بها أن تجد طريقها على أرضنا اليوم دون إبطاء أو تأخير، لأن الكل يعلم أن ما يجري في البحرين مآله إلى حل سياسي، لأن اختيار غير هذا الحل يعني أن الأزمة ستظل مستمرة، وهو ما لا نرضاه لوطننا الذي نريده وطناً للجميع، لا وطناً لفئة دون أخرى.

لنا أن نسأل: ماذا بعد أن تم إغلاق باب الحوار الجاد؟ وماذا بعد أشهر مضت من تغليب الحلول الأمنية على غيرها؟ وهل وصلت البحرين إلى الهدوء والاستقرار؟ لماذا لا نجرب ولو مرة واحدة في التاريخ أن نحتكم إلى حلٍ سياسي، لعله يوصلنا جميعاً إلى الخير الذي نريده لكل أبناء هذه الأرض الطيبة، ويرى كل البحرينيين أن الأمل محاطٌ بمستقبل أبنائهم وبناتهم بأن يكون أفضل حالاً مما نحن عليه وكان عليه آباؤنا وأجدادنا