العلامة الشيخ يوسف القرضاوي مازال يطلع علينا بطلعات فكرية كبرى تستحق التقدير فلو أن شبابنا مكث طويلا بتأنٍ أمام كتب الشيخ لعرف الكثير من المفاهيم الإسلامية النيرة التي تنتهج نهج الوسطية في الدين والتوازن في تناول قضايا الأمة. كتب متنوعة لهذا المفكر تعمل على ترشيد الوعي الديني وتدعو الى عصرنة الفكر الإسلامي والى «تفهم الغرب» على حد تعبير النفيسى لا الانغماس فيه. (الصحوة الاسلامية من المراهقة الى الرشد) كتاب للقرضاوي وضع فيه عصارة فكره ومؤاخذاته على كل من الطوائف الاسلامية «الشيعة والسنة والسلف كلها بشتى اطيافها» ووصل الى مفاهيم موفقة.
- الولاء للاسلام لا للجماعة.
- العمل للدعوة لا للتظلم.
- الترحيب بالافكار الجديدة.
- تجديد الوسائل بحسب ظروف المرحلة.
مقاربات الشيخ كانت موفقة خصوصا في قضية تناول الدعوة وقد أعاب كثيرا على بعض سلوكياتنا كمسلمين في عملية تكفير الآخر أو التعصب الذي يأخذنا في تبني الأفكار، وهذه هموم جماعية محل ابتلاء لدى مجتمعنا الاسلامي.
الاسلام بالطبع ليس زقاقا ضيقا ومظلما يرتطم الانسان بجداره لذلك قد تغبط بعض المتدينين من جهة وتشفق عليهم من تشددهم من جهة اخرى اذا ما فهموا الاسلام فهما ضيقا وراحوا يوزعون صكوك الغفران وتقسيم الجنة تقسيما هندسيا على طريقة «الكوتا» هذا القسم لهذه الفئة وذاك للفئة الأخرى على طريقة فلسفية قائمة على «احتكار الحقيقة»، لذلك الاسلام يدعو الى الوحدة بين المسلمين.
نحن كمسلمين بحاجة الى تعميق الوعي الديني عند الشباب وتحريك العقل كما وصف عليٌ دور الانبياء، إذ قال ان دور الانبياء قائم على «اثارة دفائن العقول» لذلك لا يكفينا كدعاة ان نروج الاسلام بتكرار مجموعة من المحفوظات لذلك يحرك الاسلام العقل لأجل العدالة الاجتماعية وهموم البشر.
وهنا نطرح بعض الرؤى السريعة: نحتاج كحركة أو كأمة اسلامية إلى:
1- نبذ التعصب للرأي في القضايا الاجتهادية ما بين الفقهاء كقضايا التقليد وغيرها.
2 - نبذ التشدد بما لم يأت به الدين، قال الرسول (ص) «لا تشددوا فيشدد الله عليكم فإن قوما شددوا فشدد الله عليهم»، وقال ايضا «اياكم والغلو في الدين فانما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين» أي الغلو في الحب والبغض إذ ان الاحكام في الاسلام قائمة على خمس «الحرمة - الوجوب - الاباحة - الكراهة - الاستحباب» .
قد يصاب بعضنا بما اصطلح عليه علماء النفس بالخصاء الذهني وهو عجز الذهن عن توكيد الذات فيقع اسير الآخرين أو يصاب بعلاقة دمجية ذوبانية تنتفي منها الاستقلالية والغيرية.
بعضنا ركز في جلباب الرجل والمسواك والبعض بالغ في قضايا ما أنزل الله لها من سلطان حتى وقعت كل المشكلات الخلافية بين المسلمين فأصبحت على حساب القضايا الاستراتيجية. نقطة أخيرة هناك هم مشترك، التسامح بين المسلم وأخيه المسلم مسألة مهمة، يذكر التاريخ ان رجالا جاءوا للإمام الصادق (ع) منتقدين إمامة احد الشخصيات ويدعى بالحميري فقال لهم «ان زلت له قدم فقد ثبتت له أخرى».
لو فتشنا حياتنا سنرى الكثير ممن نستطيع ان نتصل بهم لاضاءات جميلة في حياتهم. قد يمنعنا ذلك من ان نلقي عليهم حبرا اسود
العدد 342 - الأربعاء 13 أغسطس 2003م الموافق 14 جمادى الآخرة 1424هـ