التعصب دائماً ما يؤثر بشكل كبير في مدى حياديَّة القرارات التي نتخذها، وكذلك يدخل التعصب في تقييمنا للأمور وتقييمنا للأشخاص، فالعصبية توصف بالجاهلية لأنها تعمي الإنسان عن رؤية الحقائق تماما.
في بعض الأحيان تكون الحقيقة أوضح من نور الشمس ومع ذلك يتنكر لها الكثيرون نتيجة تعصبهم، وهذا ينطبق على جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقاتنا الشخصية وتظهر جليا أيضا في المجال الرياضي.
التعصب هو أحد الآفات التي تصيب عقل الإنسان فتشله عن التفكير والإبداع وتجعله رهينة بيد بعض المتعصبين المجانين الذين دائما ما يصلون ببلدانهم وأنفسهم وتابعيهم إلى التهلكة المحتومة.
أن تكون تابعا لمتعصب يعني أن تشل عقلك تماما عن التفكير وتبقى رهنا لما يقوله ويفسره ذلك المتعصب المصاب بالعمى الفكري، فتكون نتيجة ذلك أن تبقى خارج العصر بل خارج تطور العقل الإنساني بشكل يضعك في موقف محرج أمام العالم.
التعصب يعميك عن رؤية الجيد في الآخر فلا ترى إلى الأمور السلبية وإن لم يكن هناك شيء سلبي فإنك تنظر إلى الصورة الذهنية الخاطئة التي تم رسمها في مخيلتك باعتبارها الحقيقة المطلقة التي ما بعدها حقيقة.
رياضياً، نحن كثيرا ما نتعصب لبعض الفرق أو اللاعبين بشكل سلبي، بل إننا نقلب الصورة تماما في بعض الأحيان بسبب تعصبنا.
حديثاً تم اختيار نجم برشلونة ومنتخب الأرجنتين ليونيل ميسي كأفضل لاعب للعالم للعام الثالث على التوالي وسط منافسة من لاعب وسط برشلونة الإسباني إكسافي.
ميسي لم يكن باعتقادي بحاجة إلى أي تصويت أو سجل نقاط لكي يتم اختياره الأفضل، لأن كل من له عين سيختاره من دون الحاجة إلى أي تقييم، ومن دون أي منازع من المنافسين، بل لا يمكن لأي من منافسيه أن يصل إلى نصف المستوى الذي يقدمه هذا اللاعب.
ولو استثنينا أداء اللاعب مع المنتخب الأرجنتيني والذي يرجع الكثير منه لأسباب نفسية وأسباب تكتيكية، فإن أداءَه مع فريق برشلونة لا يضاهيه أي لاعب ربما على مر التاريخ سوى الأساطير الكروية أمثال بيليه ومارادونا.
ومع ذلك ظل البعض يكابر في منح ميسي الجائزة، ومع أني لست من مشجعي ميسي أو المنتخب الأرجنتيني ولكن الحقيقة لا يمكن نكرانها، فميسي لاعب من كوكب آخر، وما قدمه خلال الموسم الماضي شيء من عالم الخيال قاد به فريقه للتتويج بلقب الدوري ودوري الأبطال وصولا إلى الفوز بكأس العالم وكأس السوبر الإسباني وكأس السوبر الأوروبي، وفي جميع هذه البطولات كان ميسي العلامة الفارقة.
نكران الحقيقة لا ينفيها، وما ينطبق على ميسي ينطبق على الكثير من الأمور في المجال الرياضي وغيره، والتعصب الأعمى يصيب صاحبه بالعمى ولكن الآخرين يظلون محتفظين بأعينهم فيروا به ما قدر لهم الله أن يروه من الحق عسى أن يهتدوا
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 3419 - الإثنين 16 يناير 2012م الموافق 22 صفر 1433هـ