العدد 3417 - السبت 14 يناير 2012م الموافق 20 صفر 1433هـ

التحولات الكبرى

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نقلت وكالة (أ ف ب) في تقرير صحافي عن السلطات العراقية توقعاتها بأن يبلغ عدد الزوار هذا العام 15 مليوناً.

حتى لو أخذنا بأقل كثيراً من هذا الرقم، يبقى الرقم كبيراً جداً، واستثنائياً... الزيارة الأربعينية أوّل من بدأها الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري (رض)، وسارت على نهجه الأجيال. وفي السنوات التسع الأخيرة أخذت طابعاً شعبياً واسعاً، انعكس على شاشات القنوات الفضائية، وخصوصاً الدينية التي تضاعفت أعدادها، وبعضها خصّص ساعات من البث لتغطيتها بشكل حيّ يومياً.

هذه الظاهرة الاجتماعية تستحق التأمل، لأنها تترجم التحوّلات الكبرى التي شهدها العراق الشقيق، على عدة مستويات. فهي من جانب توضّح زيادة التوجه الإسلامي في الشارع، وهي ظاهرةٌ متكرّرةٌ في الدول العربية الأخرى، وخصوصاً الربيع العربي. إلا أن ما يميّزها هو هذه العاطفة المشبوبة والانجذاب العارم نحو شخصية كبرى تمثّل البطولة والثورة والفداء. فهل سيترك ذلك تأثيراً على توجّه العراق في المستقبل ورسم هويته وتحديد سياساته؟

نحن أمام ظاهرة اجتماعية مهمة، حيث يتوجه الملايين نحو مدينة متوسطة يتوسطها قبور الشهداء، بنيتها التحتية ضعيفة، والخدمات محدودة، وفنادقها دون المتوسط. هذه الملايين التي تزحف لمدة قد تزيد على عشرة أيام، لا يحملون على ظهورهم زاداً ولا متاعاً. وفي بلد لم ينجح في ضبط البطاقة التموينية لسكّانه على مدار ثلاثين عاماً، يتولّى الشعب أكبر عملية تموين ذاتي، فتنتشر آلاف الخيام التي تقدّم الطعام والشراب والمنام للزائرين، دون أن يكلّف موازنة الدولة بنداً إضافياً، إذا ما استثنينا تكاليف الأمن.

الأمن، هذا العنصر المفقود من قبل ومن بعد. ففي العهد البائد، كانت أجهزة النظام الأمنية تلاحق الزوّار وتضيّق الخناق على هذه المراسم الدينية وتقنص من يجازف بالتسلل إلى المدينة عبر الحقول والبساتين. وبعد الاحتلال الأميركي استمر الاستهداف على أيدي الجماعات المتشدّدة الطارئة على العراق حتى أزهقت آلاف الأرواح. التحديات المستفزة والأخطار، تولّد حالةً من الاستجابة، كما يذهب إلى ذلك المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي في نظريته حول قيام الحضارات.

سياسيّاً، هذه أول أربعينية بعد رحيل المحتل، وأكبر تحدٍّ لقوات الأمن العراقية. خلال الأيام الماضية، ورغم نشر 35 ألف عنصر وفرض خمسة أطواق أمنية حول المدينة، إلا أنّ عدة عمليات تفجير ضربت العراق وسقط فيها المئات من الجرحى والشهداء. هذا الاستهداف الدموي لم تنتج عنه حركة انكفاء أو تراجع في أعداد الزوار، بل اندفاعٌ وحماسة وإصرار على الوصول.

إننا أمام ظاهرة استثنائية في حياة الشعوب، فهذه تجربةٌ روحانيةٌ من شأنها أن ترقّق القلوب والأخلاق على المستوى الفردي، وهو أمرٌ يحتاجه العراق الخارج من تحت عباءة دكتاتورية عصيّة واحتلال بغيض، عمل على تشطير العراق وشرذمته. وأمّا على المستوى الاجتماعي فتخلق حالةً من التراحم والتعاطف والشعور بالأخوة، وهو ما تلمسه عندما تستمع للمقابلات التلفزيونية المباشرة، التي تجرى عفوياً ولا يجري ترتيبها داخل استوديو وتتعرض لعمليات مونتاج.

إنه تحوّلٌ تاريخيٌّ يتجاوز السطح إلى الأعماق، فيسهم في إعادة صياغة الهوية الوطنية، ويصنع كتلةً بشريةً صلدةً في مواجهة الأخطار، في العراق الجديد

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3417 - السبت 14 يناير 2012م الموافق 20 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 26 | 2:20 م

      كربلاء...

      كربلاء هي معروفة منذ قبيل الاسلام ب..قرب الاله لما تتضمن تربتها أقدس خلق الله سبحانه وتعالى وهو وارث الانبياء جمعاء (ع)- ألامام الحسين(ع) سيد شباب أهل الجنة سبط رسول الله(ع)- فلا عجب أن ترى كل الاعداد الميلونية-ولا يوجد محب لآل البيت إلا ويعشق الزيارة ناهيك عن الزيارة من بعيد أقصى يوميا من أتباعه في جميع أصقاع الارض !!!.

    • زائر 25 | 1:16 م

      لو قطعوا ارجلنا واليدين..ناتيك زحفا سيدي يا حسين

      ماذا جنى هؤلاء الارهابيون الخارجين عن ملة الاسلام باهدار دم المسلم ..هل تخوف الزوار وتراجعوا عن الزيارة؟؟ كلا بل الاعداد تتزايد والحمد لله
      واقول للدول الممولة للارهابيين ( قل موتوا بغيظكم ان الله مخرج ما كنتم تحذرون)

    • زائر 24 | 5:23 ص

      اريد جواب

      هل كل من زار الحسين يحبه اكثر من الذي لم يزره؟

    • زائر 23 | 5:03 ص

      قاتل الله قاتلي الحسين ومن خذلوه

      هذه حقيقة كل من تسبب في مقتله عليه السلام

    • زائر 22 | 4:49 ص

      هل

      محبي الحسين عليه السلام من يزوره؟ فالترحم له وتذكر محنته في من قتلوه ومن خذلوه عظيمة ودروس مستفيضة....وهل يجاب الدعاء بقصر او طول المسافة بينك وبين قبرة الشريف...ام اننا ندعو الله القدير من اي مكان وحبذا لو كان في بيوت الله والله في كل مكان وزمان والسلاما

    • زائر 20 | 3:00 ص

      سلام على الخد التريب

      (نحن عشاق الحسين ابن علي)
      (وهو للأحرار اسمى مثـــــــــــل)
      (لا نوفيه ولو بالمقــــــــــــــــــــل)
      (فله الأرواح تفنى وزيـــــــــــــاده)
      (فهو نبراس على درب الشهاده)

    • زائر 19 | 2:57 ص

      كربلا

      "كربلا" منا سيبنى لك جيل بعد جيل
      وسيعلوا الصوت بالآهات عنك والعويل
      نحن لا نسجد لا نعبد إلا للجليـــــــــل

      "كربلا" قد أرضعتنا الصالحات الطاهرات
      وتقي عن تقي جددوا فينا الثبــــــــات
      في دمانا في حشانا أنت رمز للأبــاة

    • زائر 16 | 2:32 ص

      رقم 10 ولماذا غير محدد الرقم في كربلاء؟

      هل تضن انه سبب وراء ذلك؟ والتنظيم مطلوب والعدد ضروري معرفة لنواحي كثيرة..

    • زائر 15 | 2:31 ص

      موضوع في الصميم مع اتفاقي مع رقم 3

      أجل أن وصف القتلة بالمتشددين خفيفة جداً!! هم متعصبون ملحدون ومدمرون يستحقون اللعن والجحيم. حشرهم الله مع قتلة الحسين.

      السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى مقطوع الكفوف.

    • زائر 14 | 1:48 ص

      الأخ زائر رقم "6" ... مقارنة بغير محلها.

      لأسباب عدة منها: أنّ العدد المسموح به للوصول للحج هو محدود و ليس مفتوح.

    • زائر 12 | 1:45 ص

      السلام على الحسين الشهيد المظلوم المقتول (ع)

      هناك في كربلاء سالت دماء الائباء والتضحية لاجل اعلاء الدين الحقيقي والاسلام الصحيح الذي لاينتقص من اسود او ابيض او كبير او صغير ولا يرجوا غير رضى الله العزيز واصلاح الامة الى النهج القويم نهج الرساللة المحمدية

      السلام على الحسين الشهيد المظلوم المقتول (ع)

    • زائر 11 | 1:33 ص

      ياليتنا كنا مع الزوار

      السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين

    • زائر 10 | 1:25 ص

      السلام عليك يا سيدي ومولاي ابا عبدالله

      الله يعودنا ويرزقنا واياكم زيارتهم في الدنيا وشفاعتهم في الاخره وحرة تحر العدوان

    • زائر 7 | 1:11 ص

      حج بيت الله وزيارة الرسول

      لا تصل بهذا العدد...فماذا نسمي تكاثر الأعداد؟

    • زائر 6 | 1:09 ص

      السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين

      عليك مني سلام الله ما بقيت و بقي الليل و النهار.

    • زائر 4 | 11:01 م

      جعلنا الله وإياكم من زوار سيد الشهداء

      تزوروني .. اعاهدكم .. تعرفوني .. شفيع الكم اساميكم اسجلها اساميكم .. هلا بيكم يا زواري ..هلا بيكم

      جعلنا الله وإياكم من زوار سيد الشهداء

    • زائر 3 | 10:40 م

      ما يعني التشدّد؟؟!!

      يا استاذ قاسم .. خانك التعبير في (استمر الاستهداف على أيدي الجماعات المتشدّدة حتى أزهقت آلاف الأرواح).. كيف يُقال لمن يقتل العشرات بحزام ناسف أو المئات بسيارة مفخّخة انه متشدّد .. انه والله مدح قليل القدح.. فما الطفها تهمة وارقها شبهة! ألا يجب تسمية الأشياء بأسمائها فهل سيحاسبه الله تعالى على قتل عشرات الأبرياء المسالمين لأنه متشدّد ام لأنه مجرم مولغ في الدم والكراهية!! ان وصف متشدّد هي ما يحتاجه هؤلاء لأن يشعروا بالفخر!! ومنح الآخرين سببا معقولا للدفاع عنهم ومنحهم عذر التشدّد والمبالغة!!

    • زائر 2 | 10:24 م

      الله ايعودك على هلمناسبه الشريفه يا فرقد بلاد القديم

      سيدنا المتأمل للحدث لا يمكن ان يصدق ان مدينه بحجم كربلاء المقدسه تستوعب اعداد هائله لايمكن باي شكل من الاشكال ان تستوعبها مدينه اخرى تزيد على حجم كربلاء عشرات المرات هذا اذا ما تجاوزنا موضوع البنيه التحتيه والمستوى الاقتصادى للمدينه واهلها تحيه شكر وعرفان لكل ابناء الرافدين الافاضل الذين عجزت كل سياسات التفريق ان تشطرهم الى نصفين

    • زائر 1 | 9:14 م

      ستراوي ص م و د

      اكبر تجمع على بقعة ضيقة في العالم على مر التاريخ كله هي كربلاء .. اعطوني بقعة في الارض يتواجد عليها اكثر من 10 ملايين .. فما بالكم ببقعة ضيقة يتواجد عليها 15 مليون والعدد قابل للزيادة في السنوات القادمة .. انها ثورة وسوف تغير مجرى التاريخ .. من هذه البقعة سوف ترون العجب العجاب ..

اقرأ ايضاً