تنطلق بعض المفاهيم والمصطلحات المتداولة في الفضاء المدرسي من ذهنية ذكورية بحتة تتعارض مع أبجديات التربية على حقوق الإنسان.
ومن هذه المصطلحات التي تحظى باهتمام المجتمع الحقوقي «الجندر» أو ما يطلق عليه النوع الاجتماعي، والذي يشير إلى تبادل الأدوار الوظيفية داخل المجتمع لكل من الرجل والمرأة على حدة، بأن تكون الأولوية لمن له الكفاءة في أداء هذه الأدوار، بغض النظر عن أية معايير أخرى.
وبما ان الترجمة عملية دقيقة، ففي الغالب الأعم لا يميل المترجمون إلى الترجمة الحَرفية للمفردات؛ لأن الكلمة الأصلية تفقد معناها ومحتواها عندما نطابقها مع الكلمة المترجمة.
هذه القاعدة العامة هي الأصل، ولكن قد نختلف معهم بعض الشيء في أنها ليست دقيقة 100 في المئة، فعلى سبيل المثال، أدركت بعض المدارس في الدول العربية أهمية توظيف كلمة (مجالس الآباء والأمهات) بدلاً من (مجالس الآباء)، وذلك للتعبير عن الكلمة الأصلية (Parents Boards)؛ لأنها وضعت في الاعتبار الدور الرائد للأمهات تحديداً في هذه المجالس، التي تشكل علامة بارزة في العملية التربوية والتعليمية.
هذا الاتجاه في التسمية ـ ثنائية الآباء والأمهات ـ كان مغيباً إلى حد كبير عن تشريعاتنا في البحرين، وخصوصاً عندما قمنا بإصدار النظام الأساسي في أبريل/ نيسان 2001 م تحت عنوان «مجالس الآباء في المدارس».
لنقرب الفكرة أكثر، فعندما نقول: (الأَبَوَاْن) فتلك إشارة إلى الأب والأم معاً، كما ورد في قوله تعالى: «وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً» (الكهف:80). و(القَمَرَاْن) في لغة العرب بمعنى الشمس والقمر، وذلك من باب التغليب، فعلى رغم أن الشمس أكبر حجماً من القمر، فإن تمَّ تغليب الذكورة (القمر) على الأنوثة (الشمس)، لدرجة أن البعض لم يدرك بعد مقاصد ودلالات المفردات في اللغة العربية، فالتغليب ليس تحيُّزاً للذكور على حساب الإناث، طالما أن (واو الجماعة) من مختصات الذكور، و(نون النسوة) من مختصات الإناث.
على ما يبدو أن الاستغراق في الجذر اللغوي للأسماء من دون النظر إلى المسميات والدلالات هو الذي أحدث لدينا نوعاً من اللبس والغموض في التعاطي مع المفردات الخاصة بالمدرسة الحديثة الفعالة، والقائمة أساساً على مفهوم الشراكة وتبادل الأدوار بين المدرسة والأسرة.
من هنا كان لابد من الوقوف على الأسماء والمسميات، لمعرفة أهمية هذه المجالس بالمدارس ووظائفها، باعتبارها همزة الوصل بين المدارس والطلبة، وأهم التحديات التي تواجهها، سواءً على مستوى التشريعات والقوانين المنظمة لها، أو على مستوى الممارسات داخل المؤسسات التعليمية، وآفاقها المستقبلية في ظل وضعيتها الحالية الجامدة والصورية التي لا تكاد تحرِّك ساكناً في الميدان التربوي!
من الناحية الحقوقية والإجرائية، فإن تسمية هذه المجالس بـ (مجالس أولياء الأمور) أدق وأشمل، نظراً للصلاحيات الواسعة الممنوحة لهم، باعتبارهم شركاء حقيقيين في صناعة القرار التعليمي جنباً إلى جنب المدارس؛ لأنهم يمنحون القرارات الإدارية بالمدرسة المزيد من الصدقية والفاعلية والحصانة والقوة وغيرها.
بالطبع فإن وظائف (مجالس أولياء الأمور) متعددة، ولكنها تصبّ بالكامل في مصلحة أبنائنا الطلبة، فعلى الصعيد الأكاديمي، ان لهذه المجالس دوراً في التعرف على مستويات الطلبة، وذلك عندما تقوم إدارة المدرسة بدورها الفعال في إقناع الأهالي بضرورة متابعة أبنائهم ومدى تقدمهم الدراسي، فوجود المجالس يعني الاستفادة من الكفاءات والخبرات والطاقات المتوفرة لدى الوالدين كل بحسب تخصصه واهتماماته، وذلك من أجل رفع مستوى التحصيل الدراسي للطلبة.
وعلى الصعيد الاجتماعي، تعمل هذه المجالس على إيجاد التكامل بين أدوار المدرسة والأسرة في تربية الطفل، من خلال عمل بعض النشاطات الاجتماعية والرحلات الترفيهية وغيرها مما يعزز دور المدرسة في المجتمع، فالمجالس تقوم بالحد من حالة الازدواجية بين ما يمارسه الطالب في المدرسة من سلوك وما يقوم به من عمل من جهة، وما يمارسه من سلوك في البيت من جهة أخرى، لتكون بيئة البيت امتداداً طبيعياً وواقعياً لبيئة المدرسة، لأن البيئة المدرسية لن تكون صالحة وملائمة لنمو الطلبة، إلا إذا تضافرت جهود الأسرة والقائمين على أمور المدرسة في مناقشة كل ما يهمهم في المجلس.
عملية الإرشاد والتوجيه مهمة، لذا تقوم المجالس بحل المشاكل الطلابية كالغش مثلاً، والحد من الظواهر التي باتت تشكل هدراً تربوياً كالتسرب والهروب والغياب الجماعي وإتلاف الممتلكات والمرافق المدرسية وما إلى ذلك.
على الصعيد الصحي، فإن المجالس تقوم بالتوعية الصحية للأهالي والطلبة أنفسهم، وتنمية العادات الغذائية والصحية الجيدة، والاهتمام بنظافة البيئة.
الجانب النفسي هو الآخر يساهم في رفع معنويات الطلبة وتحفيزهم على التعلم؛ لأن من وظيفة المجالس التواصل بين أولياء الأمور والمعلمين، والذي يمنح الطلبة شعوراً بالحماية والأمان، نتيجة التفاهم والتشاور والمتابعة المستمرة.
أما على الصعيد الإداري، فعندما يتعرف أولياء الأمور على القوانين واللوائح المدرسية، فإنهم سيساهمون حتماً في التخفيف من المشاكل الطلابية وهكذا.
إن أبرز التحديات التي تواجه هذه المجالس أنها «استشارية» كما ورد ذلك في النظام الأساسي، ولذا فإن الأمر متروك لإدارة المدرسة في اتخاذ القرارات، ما يشعر أولياء الأمور بعدم جدوى المشاركة والانضمام إليها، على عكس المدارس الخاصة التي تضطر إداراتها لتفعيل قرارات المجلس، مراعاة لسيكولوجية الزبائن.
هذا إلى جانب عدم وضوح أهداف اجتماعات المجالس في أذهان أولياء الأمور، لعدم وضوح الرؤية أساساً فيما يتعلق بدور المجالس في العملية التربوية، والاختيار الخاطئ للأوقات التي تعقد فيها الاجتماعات، وخصوصاً مع انشغال أولياء الأمور بالعمل في الفترة الصباحية، واقتصار الاجتماعات في المناسبات، أو عند حدوث مشكلة طلابية طارئة، بمعنى أنها تنطلق من ردات الفعل، وليس وفق رؤية مستقبلية شاملة، وفي نهاية المطاف فإن القرار بيد رئيس المجلس (مدير المدرسة) الذي يتحكم في نجاح اجتماعات المجالس أو فشلها، فهو المسئول إدارياً ومالياً عن أداء المجلس.
ولكي نكون منصفين، فإننا مطالبون بإجراء دراسة علمية منهجية للوقوف على أسباب عزوف أولياء الأمور عن الانضمام لهذه المجالس.
على المدى البعيد، فإن ما نطمح إليه كبير ولكنه غير مستحيل، ويتمثل في تأسيس (اتحاد مجالس أولياء الأمور)، طالما كنا نتحدث عن تحسين أداء المدارس
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3410 - السبت 07 يناير 2012م الموافق 13 صفر 1433هـ
حسين . ع. 2
بارك الله بك استاذي وجزاك الله الف خير لاهتمامك بنا .
وعذرا على اللغة العربية إن لم تكن جيده ^_^.
حـسـين ع .
بوركت استاذي قرأت الموضوع أكمله وبتمعن
وبالفعل نحتاج الى تطبيق ما ذكر لأنه في غاية الاهمية.
بالمناسبة انا طالبك وقد ادركت الآن بعد تخرجي (سنتين) بأن الطلاب مثل ما ذكرت يحتاجون الى رفع المعنويات والتشجيع
والمشكله بأن أي اتصال من مربي الفصل الى ولي الأمر ينتاب ولي الأمر شعور بأن هنالك مشكله وهذا صحيح
فالمفترض أن يكون التواصل بين مربي الفصل وولي الأمر ليس بغرض حل مشكله وقع بها الطالب فقط.
بل احيانا لمدح الطالب عندما يتطور دراسيا أو عملا جيد قد قام به
فهذا ايضا قد يشجع ولي الامر على الاهتمام
الأباء أشمل
في مجالس الأباء يكون مدير أو مديرة المدرسة وبعض المدرسين ممثلين مع بعض أولياء الأمور و لأن أبنائنا هم أبنائهم نظرا لرعايتهم إليهم ولأن أولياءالأمور قليلون في هذه المجالس يجب أن يبقى الإسم حتى نصل لمجلس أباء من أباء وإمهات أولياء أمور فقطز