لا أعلم ما الذي حل بوزارتنا فكثير منها نسي الشيء الأصلي الذي أنشأت من أجله وراح يكمل الثغرات بفعاليات لا تمس الوزارة التي هو فيها بصلة.
فقبل فترة خرجت علينا وزارة البلديات بدورات رياضية بتوزيع كؤوس وهدايا وجوائز تصدرت صورها واجهات الصحافة حتى ظننا أننا مقبلون على دورة ألعاب أولمبية عالمية فقال البعض ربما يحضر الفعاليات المقبلة رونالدو أو رونالدينيو إذا استمر الحال على ما هو عليه، في حين تناسب الوزارة النخيل المقطعة وبعض سواحلنا الباكية كساحل البديع فلا أعتقد أن هناك ساحلا يفوقه أتربة وصخورا وكم تمنيت لو أقيمت إحدى المباريات بالقرب من ساحل البديع فقد يشفع لها ذلك فتنال حظها من الترتيب والتنظيف. لعل الشيء الغريب والملفت أنك إذا سألت الوزارة عن تنظيف مثل هذه الأماكن تتذرع إليك بتذرع لا أول له ولا آخر أو بضعف الموازنة في حين تتفاجأ بأن المكان بقده وقديده يتغير بين عشية وضحاها وفي ظرف استثنائي وفي سرعة ضوئية عند علم الوزارة بأن هناك نية لقدوم مسئول!
في منطقة سار والمنطقة الشمالية واللتين وعدتا من قبل بزرع خمسين ألف زهرة العام الماضي ماتت الزهرة وكذلك الخمسون زهرة ولم يتغير وضع المنطقة.
ما سمعناه في الفترات الانتخابية في ظل حمى انتخابات البلدية تبخر فلا ولَّد لنا لا جبلا ولا فأرا سوى صور بابتسامات متنوعة في الصحافة. والحق يقال ان هناك بعضا ممن انتخبوا - حتى أكون منصفا - في مجالسنا البلدية انتخبوا ولم نر بعد ذلك إلا غبارهم وهذا ينطبق على جميع المناطق حصلوا ما حصلوا عليه وراح البعض منهم يبيع الناس وهم المنطقة الجميلة والشارع الجميل وسأعمل وأنا مصر و... الخ. بعض الأهالي يقولون: في فترة الانتخابات بعض هؤلاء يزوروننا في كل وقت «فمازالوا يوصوننا بانتخابهم حتى ظننا أنهم سيورثونا». لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد فيهم أناس مخلصون أخذوا على عاتقهم المصلحة العامة. المهم تمنى الجميع ألا تتحول الوزارة إلى وزارة شباب ورياضة... هذا جزء من الهم وفي لحظة وإذا بنا نتفاجأ بقدوم وزارة الإعلام بسباق سيارات «فعالية رياضية» أخرى والكل يسأل ما بال وزاراتنا وما هذا التداخل واللهث وراء الفعاليات التي هي من اختصاص مؤسسة الشباب والرياضة. كان الأولى بوزارة الإعلام إعادة تقييمها لأدائها، لقناتها، لمراسيلها، لبرامجها المكررة أو للممثلين الذين بدأوا يتقاطرون على وزارات الإعلام الخليجية بدلا من مسابقات السيارات! هناك تداخل عجيب بين فعاليات بعض الوزارات وهذا يعكس حالة تداخل وفوضى لم يسبق لها مثيل. كان الأولى من كل هذه النفقات المالية هو إرسال وفدٍ تلفزيوني يصور منتخبنا البحريني عند ذهابه إلى الخارج، ففي الوقت الذي أرسلته فيه كل وزارات الإعلام الخليجية مجموعة كبيرة من المصورين والإعلاميين أثناء معسكراتها للتغطية في المقابل كان منتخبنا البحريني قد سافر وانقطعت الأخبار عنه.
ومازال تلفزيوننا البحريني يكرر «ما تغلبونه»... انه نشيد فقد قيمته لأن الغلب له لوازمه ومتابعاته.
نقطة أخيرة من هوس التداخل الفضيع هو تحويل متحف البحرين إلى مسرح غنائي ومكان للطرب... هذا ما لم يحدث حتى في دولة الواق واق، فالمتحف له أصوله وله مفرداته وفعالياته الخاصة وإذا به بين عشية وضحاها يتحول إلى مكان للغناء علما بأن الفعالية الواحدة ينفق عليها أموال طائلة كان الأولى أن تنفق لدعم كل تراث بحريني وكل موقع يحمل آثارا بحرينية غالية على الجميع.
إن الآثار البحرينية تعاني الغربة فقلعة البحرين مهددة، هذا فضلا عن تعريض آثار عالي هي الأخرى للإندثار فربما تأتي الإجابة أيضا على طريقة «ما تغلبونه» ان لكل هذه الآثار للمتحف رمزية خاصة يبقى أن نقول: ان للشيخة مي دورا قيما في انقاذ ما يمكن انقاذه من تراث الماضي تستحق من خلاله التقدير
العدد 340 - الإثنين 11 أغسطس 2003م الموافق 12 جمادى الآخرة 1424هـ