العدد 340 - الإثنين 11 أغسطس 2003م الموافق 12 جمادى الآخرة 1424هـ

تصريح برغبة

علي صالح comments [at] alwasatnews.com

هناك ظاهرة غريبة يمرّ بها مجتمع البحرين، وهي ظاهرة ممارسة أعضاء مجلسي الشورى والنواب نشاطهم ومسئولياتهم ودورهم من خلال الصحافة، وليس من خلال المجلس الذي ينتمون إليه، ويتمثل ذلك في هذا الكم اليومي من التصريحات التي يدلي بها أعضاء المجلسين يوميا، وخصوصا بعد أن حصلوا على العلاوة المكتبية والمقدرة بـ 750 دينارا في الشهر.

فالمعروف في كل بلاد العالم أن عضو السلطة التشريعية ينتخب لكي يمارس دوره في الدفاع عن حقوق الشعب وفي تقديم مشروعات القوانين، ومناقشة وانتقاد قرارات ومواقف الحكومة، وفي طرح مشكلات ومطالب الشعب والناخبين من خلال جلسات البرلمان، ومكاتبه ولجانه، وأن ظهوره على صفحات الصحف يتم فقط حين توجه اليه أسئلة تتعلق بقضية أثارها المجلس أو مشروع قانون تقدم به، واكتسب أهمية شعبية أو اقتصادية أو سياسية.

لكن الواضح من حال مجلسي الشورى والنواب، أو السلطة التشريعية عندنا أن الوضع فريد من نوعه، وأن أعضاء هذا المجلس وذاك باتوا يهتمون بمتابعة ما تنشره الصحف من مشكلات واهتمامات عامة، والمبادرة، أو بالأحرى التباري من أجل تبني ما ورد في الخبر الصحافي، أو اتخاذ موقف معين بشأنه.

بل إن الأمور تطورت سريعا في الفترة الأخيرة، بحيث بات لدى عدد من النواب مستشارون أو محررون إعلاميون مهمتهم تتبّع أخبار الصحف والتشاور مع النائب ، ومن ثم صوغ التصريح الصحافي المطلوب ونشره باسم النائب الذي يحتج أو يستنكر أو يرفض أو يحذر أو يتبنى أو يطالب بفعل كذا أو بعدم فعل كذا، وفي اليوم التالي يظهر علينا النائب نفسه بتصريح آخر، الى درجة أن بعض النواب أصبح لديهم برنامج تصريحات يوزعونها على مدار الأسبوع يؤكدون من خلالها حضورهم في الصحافة ومتابعتهم قضايا وهموم الناس.

والسؤال الذي يطرح هنا، هو: هل يمكن تصنيف هذه الظاهرة الفريدة على انها تعويض عن إحساس نواب الشعب بالعجز لفقدانهم سلطة التشريع والرقابة؟، وان ما يفعلونه على صفحات الصحف هو مكمل لما يقدمونه في برلمانهم؟ ففي البرلمان يقدمون اقتراحات بمشروعات قوانين، واقتراحات برغبة، وليس أكثر من ذلك، بل انه لا يفترق عما يقدمونه في الصحافة من رأي برغبة أو موقف برغبة أو تصريح برغبة، فليس هناك فرق بين قاعة البرلمان وصفحات الصحف، وليس هناك فرق بين اقتراح برغبة وتصريح برغبة

العدد 340 - الإثنين 11 أغسطس 2003م الموافق 12 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً