اعتمدت حكومة مملكة البحرين استراتيجية لإدارة كل أملاكها واستثماراتها، عبر تأسيس شركتين، الأولى شركة ممتلكات البحرين القابضة والتي تدير حصص الحكومة في الشركات غير النفطية، والثانية شركة النفط والغاز القابضة والتي تدير حصص الحكومة في الشركات التي تعمل في النفط والغاز والبتروكيماويات.
شركة النفط والغاز القابضة الآن تمتلك وتدير حصص الحكومة في 8 شركات، وهي: شركة نفط البحرين (بابكو) بنسبة 100 في المئة، شركة غاز البحرين الوطنية (بناغاز) بنسبة 75 في المئة، توسعة شركة غاز البحرين الوطنية (بناغاز) بنسبة 100 في المئة، شركة البحرين لتزويد وقود الطائرات (بافكو) بنسبة 60 في المئة، شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات (جيبك) بنسبة 33 في المئة، شركة تطوير حقل البحرين (تطوير البترولية) بنسبة 51 في المئة، شركة البحرين لزيت الأساس للتشحيم بنسبة 55 في المئة، وشركة سكاوجن جلف بتكم كاريزربنسبة 35 في المئة.
بغض النظر عن المسئولية الاجتماعية، ستكون شركة النفط والغاز القابضة مستقبل إيرادات حكومة البحرين، ورافداً رئيسياً لحصول البحرين على العملات الصعبة، والمؤثر الرئيسي في قيادة وتنمية وتحريك عجلة النمو الاقتصادي للبحرين في المستقبل، لسبب بسيط لأنها تستثمر في أهم المزايا النسبية التي تميز منطقة الخليج عن العالم، أي أن منتجات شركاتها تتمتع بميزة نسبية تجعلها تتفوق على مثيلاتها في الدول الصناعة.
كما أن منطقة الخليج، ستتحول إلى مركز رئيسي لصناعات التكرير والبتروكيماوية في العالم، لتوافر المواد الخام بأسعار رخيصة جدّاً تساعد المنتجين على إنتاج مواد بتروكيماوية بسعر تنافسي يقل بنسبة تصل إلى أكثر من 70 في المئة عن نظيره في البلدان الصناعية.
وسيكون هناك مستقبل واعد للصناعات المكملة للصناعات الأساسية، وهي فرصة لا تعوض للبحرين لبناء مصانع مكملة، والاستفادة من الطاقة الإنتاجية الفائضة والرخيصة من دول الجوار لإنتاج منتجات ذات قيمة عالية تحقق عوائد مجزية.
لعل أبرز مثال للعوائد المالية على رأس المال، شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات «جيبك» تحققت عوائد سنوياً تفوق 100 في المئة على رأس المال، فمثلاً في العام 2008 حققت عوائد تبلغ 188 في المئة على رأس المال.
أرباح شركة جيبك بلغت نحو 200 مليون دولار في 2007، و300 مليون دولار في 2008، و105 ملايين دولار في 2009، و135 مليون دولار في 2010، ويتوقع أن تصل إلى 235 مليون دولار في 2011.
وفي أقسى الظروف العالمية بعد انفجار الأزمة المالية العالمية، وهبوط الأسعار إلى مستويات متدنية جداً، حققت شركة «جيبك» أرباحاً تبلغ 105 ملايين دولار في 2009. بينما المصانع في الدول الأوروبية وأميركا وآسيا بعضها أفلس، وبعضها كاد أن يفلس. وهذا دليل واضح أن صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في منطقة الخليج تتمتع بميزة نسبية تجعلها تتفوق على مثيلاتها في الدول الغربية والأميركية والآسيوية، وهذه الميزة تحميها حتى في وقت الأزمات.
وكذلك بالنسبة لشركة نفط البحرين (بابكو)، وشركة غاز البحرين الوطنية (بناغاز)، تستفيد من الميزة النسبية.
وبالنسبة للاستثمار الجديد منذ تأسيس الهيئة الوطنية للنفط والغاز، فقد عملت البحرين على الولوج في الصناعات المكملة لصناعات التكرير، مثل مشروع الديزل منخفض الكبريت، والذي يحقق عوائد سنوية تتراوح ما بين 25 و30 في المئة، أي أن البحرين ستحصل على رأس المال خلال 3 أو 4 سنوات.
وكذلك مشروع زيت الأساس للتشحيم، كصناعة مكملة لصناعات التكرير، إذ يتم استخدام الديزل منخفض الكبريت كلقيم في صناعة زيت التشحيم، وعوائده مرتفعة، نظراً للميزة التي تتمتع بها منطقة الخليج.
والآن تعمل البحرين على إنشاء مرفأ للغاز المسال، وهو ما سيعطي أبعاداً وآفاقاً جديدة للمستقبل، وخصوصاً أن البحرين قد تعتمد إلى استيراد الغاز لتوفير احتياجاتها.
أما فيما يتعلق بموقع شركة النفط والغاز القابضة في النموذج الاقتصادي للبحرين، فنموذج البحرين يعتمد بشكل كبير على تأسيس شركات كبيرة، وهذه الشركة توفر وظائف، وتحرك الاقتصاد من خلال إسناد عقود على شركات متوسطة وصغيرة يديرها القطاع الخاص.
والمشروعات التابعة لشركة النفط والغاز كلها تعتبر مشروعات كبيرة، توفر آلاف الوظائف، وفي الوقت نفسه تسند عقود بمئات الملايين إلى شركات صغيرة ومتوسطة تابعة للقطاع الخاص.
كما أن المشروعات التابعة لشركة النفط والغاز تقدم رواتب عالية للموظفين والعاملين فيها (نسبة البحرنة 90 في المئة)، وهؤلاء بدورهم ينفقون رواتبهم على أسرهم وبالتالي تزداد حركة البيع والشراء في السوق المحلية.
أما على صعيد العملات الأجنبية، ستشكل المشروعات التابعة لشركة النفط والغاز عصباً رئيسياً لخزينة الدولة للحصول على العملات الصعبة، إذ إن منتجاتها معدة للتصدير وتباع بالدولار الأميركي وقد تباع باليورو الأوروبي.
وصادرات منتجات الشركات التابعة لشركة النفط والغاز، تعزز التجارة الخارجية وميزان المدفوعات للبحرين.
خلاصة الموضوع، أن مستقبل البحرين الاقتصادي مرهون في المقام الأول على قطاع الصناعة متمثلاً بالصناعات المكملة لصناعة التكرير والغاز والبتروكيماويات، لأن هذه الصناعات تشكل عصب الميزة النسبية لمنطقة الخليج، من ناحية السعر والجودة بما يجعلها تتفوق على مثيلاتها في الدول الصناعية والدول النامية، وبالتالي زيادة القدرة التنافسية لدول الخليج
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3396 - السبت 24 ديسمبر 2011م الموافق 29 محرم 1433هـ