من الممكن معالجة القضايا المتعلقة بالقتل والاعتقال والتعذيب الممنهج كما ذكر بسيوني في تقريره، إلا أنه ليس بالإمكان اصلاح قضايا تتعلق بالفتن والحقد والكراهية بين الناس، فهذه الأخيرة تتأصل في النفوس عقوداً طويلة، وتحتاج إلى قرون لعلاجها، ما يدل على حقيقة راسخة؛ أن «الفتنة أشد من القتل». وبمعنى أكثر وضوحاً أن زرع الحقد والكراهية أشدُ وطأة من القتل.
ما يثير الاستغراب والاستهجان أنه، كلما حاول المسئولون زرع الثقة مع المعارضة، خرج علينا كُتاب الطبخات الإعلامية الفاسدة، بالتحريض وحث المسئولين على عدم الائتمان لهذه الفئة ومطالبتهم بتجريدهم من حقوقهم، ونعتهم بأنهم خونة وأجنداتهم لولاية الفقيه وغيرها من الترهات المبتذلة والسخيفة.
المثير للاستغراب أيضاً أنه كلما خططت الدولة لمشروع صلح جديد وبِدء روح التسامح والمصارحة والمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، خرج علينا هؤلاء بمقالاتهم العدائية وحماقاتهم المفرطة لمنع المسئولين من ترسيخ العدل والمساواة.
بسبب هذا الكره المتأصل في نفوس «كتاب الأزمات»، وبسبب أنانيتهم والعداء لإخوان لهم في الدين والوطن، شوّهوا كيان الدولة داخليّاً وأضعفوها دوليّاً. فالكاتب النبيل هو من يمتلك الانسانية الحقة، وهو من يعمل لخير الأمة ورخائها وتقدمها معنويا وروحيّاً وماديّاً، لا من يقوم بشق نسيجها الاجتماعي بطبخات إعلامية فاسدة. لذلك يحتم علينا الوضع النصح، أو أن نقف ضد وِزر هؤلاء المؤزمين للساحة السياسية وشق اللحمة الوطنية.
الشيء المُعيب أن هذا التحريض ينشرعلى العلن في أعمدة الصُحف اليومية، وبعض وسائل الإعلام الرسمي. وهذا ما أجج مشاعر الفئة المستهدفة، ونتج عنه سوءاً على الساحة السياسية، ونشأ عنه كره مضاد.
لا نستطيع أن نحلل لماذا يقوم بعض هؤلاء المؤزمين بزيادة التوتر بشكل يومي بين فئات الشعب، وما هي أجنداتهم من تكريس الكراهية بين الناس. من المفترض على من يعتبر نفسه من أهل الفكر، أن يعمل، من خلال كتاباته، على لمِّ الشمل، وإصلاح ذات البين لا أن يقوم بتمزيق وهلاك المجتمع، إلاإذا كانت لديه مآرب شريرة، أو لإظهار نفسه بهدف الحصول على مزايا ومغانم، باختصار (مصلحجي).
على مدى تسعة الأشهر الماضية، ومن خلال الأزمة التي عصفت بالبلاد، كثير من المقالات اليومية، ان لم يكن جلها تحض فئة بعينها على الكراهية والتسقيط والعداء، لفئة أخرى من مكونات الشعب الرئيسية، حتى وصل بهم من الحقد - كتاب المقالات - إلى مطالبة الدولة علنا ومن غير استحياء بالانتقام من فئة تتشارك معهم في اللغة والدين والوطن.
من خلال متابعتنا للأحداث، وقياسنا للتطورات لوحظ أنه كلما اتجهت القيادة خطوة تصحيحية نحو المصالحة، تصدت لها هذه الفئة الموتورة بمقالاتها المسممة- نحن هنا! -، ووقفت سدّاً منيعاً ضد الإصلاح والتسامح، وقامت بنشر ثقافتها المُسَمِّمَة للشعب وبث معلومات مغلوطة، و التشكيك ضد هذه الفئة المستهدفة من قبلهم... يا جماعة كفوا عن هذه الألاعيب المكشوفة التي تضر أكثر مما تنفع، فالبلد بحاجة إلى قلم يبني وليس إلى معول يهدم.
الغريب أن من يقوم بذلك الفعل المشين، يصور نفسه بأنه هو الذي يستحق التكريم بادعاء الولاء المطلق، بينما هو واقعاً يضر بهذا أكثر مما ينفع، وأنه للأسف هو الأقل وفاء للأرض والقيادة، لأن من لهُ ولاء لأرضه لا يحرقها باشعالها سياسيا، بل يبذرها بالخير والتآلف والتسامح.
الأكثر إيلاماً هو توغل هذا الغول السرطاني في كل مفاصل الدولة، وصار البلد يُحكم بالوشايات والظلم والتمييز، وليس بالعلم والعقل والحكمة، فتم استبدال الكفاءات بالولاءات والمحسوبية وليس بالقانون والمساواة.
من المحزن جدّاً، أن هذا الداء وصل إلى من تعول عليه الدولة حل المشاكل البرلمان، فعلى سبيل المثال بدلا من حلحلة قضايا المفصولين، يصر مجلس النواب على فصل الموظفين التابعين له بالأمانة العامة، على رغم التوجيهات إليهم بحلها.
اللهم اجمعنا على الخير أجمعين، واهدنا جميعاً لما تحب وترضى، وأبعد عنا الجهل والتعصب الأعمى يا رب العالمين
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3393 - الأربعاء 21 ديسمبر 2011م الموافق 26 محرم 1433هـ
شكرا لكم
قل خيرا أو اصمت شكرا لك ايها الأخ العزيز واتمنى من كتاب السوء ان ينتهوا من بث السموم التي فتكت بالوطن وأهله.. كفانا الله من شرورهم
نفتخر فيك
ستراوي وافتخر فيك يا العزيز
لم الشمل
الله يصبحك بالخير يااصيل والله ليوجد مئه من امثالك لكانت البلد بخير ...........
شكرا دكتور
كلام قوي وفي الصميم، يا ابن الاجواد
إن من زرع سيحصد ما زرع في الدنيا قبل الآخرة
ومن زرع الحقد فلا يظن ان ينجو بنفسه عنه سوف يذق
حصاد ما زرع كأس لا بد له ان يشرب منها تلك هي مشيئة الله
البعض يظن انه سوف يحمي نفسه ببث الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد ليختبأ وراء هذه الفتنة ولكن
هيهات الفتن لا تبقي ولا تذر فهي عمياء اذا تحركت
تخبط الجميع في مشيها ولا تعرف احدا كالنار تحرق
حتى من اشعلها فهي عمياء بكماء خرساء صماء
و القول المأثور:-
العدو النزيه و العاقل يرفع راسك و يخزيه الصديق الجاهل . و المصلحجى صفه من صفات الجهل .
يا أستاذ أحمد
لا أعرف مدى قوة من ذكرتهم من مسئولين على الحكومة هل هم أصحاب القرار أم الحكومة ؟ وقد طال الأمر قرارت جلالة الملك التي أمر بها ولم تلقى أي تنفيذ من قبل المسئولين مهما كانت مسنوياتهم وهذا شيئ كبير ! اذن أين الخلل في القرار أم التنفيذ فان لم يكن هذا ولا ذاك فهو اللعب على الذقون وباتفاق بين الأطراف نتيجتها استهجان المواطن المغلوب على أمره وهذا ما يريده أصحاب الفتن أصحاب النفوس المريضة والتي ستبقى في غلها سباقة للتسلق على أكتاف الناس حتى تقع من حيث علت والمنتقم عادل منصف