ما قاله وزير شئون مجلس الوزراء محمد المطوع في حديثه المنشور يوم الأربعاء الماضي يدخل في إطار المحاولات المتواصلة من السلطة التنفيذية لتقييد حرية الصحافة، فبعد قانون 47 وتعديلاته وأحاديث وتوجيهات وزير الإعلام بهذا الشأن يأتي حديث الوزير المطوع ليصبّ في الاتجاه ذاته.
هذه المرة دعا الوزير المطوع إلى ضرورة أن تكون لكل صحيفة سياسة محددة، وألا تسمح بنشر كل الموضوعات والآراء والأخبار التي ترد إليها إلا في إطار هذه السياسة التي يحدّدها ويشرف عليها رئيس التحرير.
وعن طبيعة هذه السياسة التي على كل صحيفة أن تضعها لنفسها، قال: إنها تلك التي تمكّن الصحيفة من أن تلعب دورا قياديا في عملية التأهيل والإعداد لمتطلبات المرحلة المقبلة التي يسعى إليها المشروع الوطني الإصلاحي، وأن تكون حرية الصحافة قيمة يجب الالتزام بها لتوجيه الرأي العام إلى جانب الصواب. وألا تنجرّ الصحافة خلف التيارات أو الأفكار التي لا تخدم المصلحة الوطنية والوحدة الوطنية، وأن تمارس الصحافة دور المعلم لهذه الحرية وليس المتعلم لها.
وهكذا، فالحكومة دائما لا تتدخل في شئون الصحافة ولا تتضايق مما تقدمه من انتقادات، ولا تسعى إلى توجيه أو تحذير الصحافة، وانما تدعوها هذه المرة إلى ضبط الحرية التي تمارسها وإلى توجيه هذه الحرية إلى جانب الصواب وإلى جانب المصلحة الوطنية، وإلى أن تضع لها سياسة تحقق هذه الأهداف.
فحرية الرأي والتعبير والصحافة هي أساس الديمقراطية وهي على رأس الحريات الديمقراطية التي يتم تعلمها بالممارسة والممارسة المتدرجة، هذا ما سمعناه كثيرا من المسئولين في المملكة ومن الوزراء بالتحديد، لكن هذا القول يتم التركيز عليه فقط عندما يرى المسئولون أن حصان الصحافة منطلق باتجاه توسيع وترسيخ مجتمع الديمقراطية، أي في الاتجاه الصحيح، أمَا وقد قطعت الصحافة شوطا في هذا الاتجاه، فإن المسئولين - ومن بينهم الوزير المطوع - يرون أن تتوقف الصحافة عن انطلاقتها، وأن تقيد حريتها وحركتها بسياسة محددة ومسئولة، وأن تستبدل بالتعلم المتدرج ممارسة دور المعلم والموجه نحو الصواب!
وبعبارة أخرى فالسيد الوزير يدفعنا إلى أن تحاكي صحافتنا الصحافة في البلدان الشمولية التي توضع لها سياسة واحدة، وتسير ضمن توجيهات واحدة، غير أن الصحافة التي يجب أن تسود في المجتمع الديمقراطي هي الصحافة المستقلة تماما عن السلطة، والبعيدة عن كل نصح وتوجيه
العدد 338 - السبت 09 أغسطس 2003م الموافق 10 جمادى الآخرة 1424هـ