العدد 3377 - الإثنين 05 ديسمبر 2011م الموافق 10 محرم 1433هـ

لا قوة تصمد أمام بلاغة الدم

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

تأخذني العاطفة ولكنها عاطفة الذي استوحى قيمة الدم في زمن لا دم في عروقه. عاطفتي في أنني في عجزي أمام المعاني الكبيرة والفاصلة والتضحيات التي لم يستوعبها الزمن، قوة ترفد قيمتها؛ ثم إنه لا قوة يمكن لها أن تصمد أمام بلاغة الدم.

***

من لم يعطِ «بيده إعطاء الذليل» ولم يفر «فرار العبيد» خليق بأن يكون من ضمير وذات وقيم الحسين.

***

أدرك الفارق بين أن تموت لتحيا للأبد وبين أن تحيا لتموت للأبد. معادلة الفارق فيها معنى الحياة وألاَّ ترى «الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً».

***

كل معنى بعد معنى دمك خارج المعنى. يكفي أنك إلى اليوم والغد البعيد تمثل تهديداً لكل صلف ووعداً لكل صبر.

***

خليق بدمك أمس واليوم وغداً أن يكون الجامع لقيمة الإنسان الذي من أجله بذلت دمك وآلك عرضة لشماتة العواصم الآبقة من القيمة والشرف والمعنى وهي تستعرض قيم ومعدن الرسالة في بلاط من سكرة وغرور وغياب.

***

أرنو إلى إسرائك بالروح فيتمثل لي معراج الأمة في زمنها الحر الذي تختطه. لم تخرج أشِراً ولا بطراً ومن ولد في حضن الإسراء والمعراج ينأى بنفسه عن التراب.

***

دم سفح وأريق ليهب الحياة حيويتها وعافيتها وخلاصها من طغيان يهب عليها فيحيل أخضرها يباباً وحياتها عدماً ومعناها سخفاً.

***

لا بلاغة يمكنها أن تصمد إزاء بلاغتك. يكفي أنك بدأتها بالرفض وختمتها بالدم.

***

الأحرار لا تصنعهم المهادنات والمساومات والقبول بأنصاف الحلول. الأحرار حاسمون منذ وعيهم الأول بأن الحياة لا تحتمل إلا الصريح من الموقف والتصدي لمبادرة القيمة في شجاعتها والحسم في كون من التردد والخذلان.

***

كل زلزال في الراكد من الحياة فيه لبَّ روحك وموقفك. كل خذلان ومساومة فيه لبّ موت الذين خذلوك وأسلموك إلى حتف جللتَه بروعة موقفك وثباتك.

***

قرون ولاتزال نبض الزمن وقيمته وفعله وسيف تهديده إذا شذ وانحرف وانهمك مزهواً بالسطوة وسكرة الغلبة. قرون وألقك في صعود. وبهاؤك في الذروة وروحك في امتداد ومعناك يستعصي على التأويل. فلم يترك دمك وموقفك مجالاً لأي تأويل.

***

أعود إلى إسرائك في الرفض ومعراجك في الدم فلا أرى إلا خريطة خلاص لمن يتوخون مضياً من دون رجعة حين يسود الليل ويمتهن الصبح. حين تصبح الحياة مبغى لمن غلب وسجناً لمن حوله وقوته الصبر.

***

أهفو إلى بلاغتك أمام السيف والنار واحتشاد الشواذ. أهفو إلى كلام منك. فيك بعض من كلام أضاء كلام الله، وبعض من كلام لنبي الأمة. أهفو إليك في عليائك البعيد الذي لا يجاريه إلا الراسخون في الرفض، والممعنون في المواجهة.

***

من يستبق من؟ في زلزلة أعادت لأرواح البشر - كل البشر - توازنها المفقود، ومواقفها المؤجّلة، وصحوتها التي غاضت، كما تغيض المياه، بحيث تحولت إلى قارَّة من غياب، وكون من غيبوبة.

***

من خالد المجد أتيتَ. مجدٍ تنظَّم على إكليل أنت في الذروة من استحقاقه، وفي الصميم من استجلائه في أروع صور المثل والأنموذج.

إكليل غار له في المثل شاهد، وفي الحُمْرة بيان، وفي الدم نص عز ورفعة، وفي الرفض سُنَّة

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 3377 - الإثنين 05 ديسمبر 2011م الموافق 10 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 6:08 ص

      عبد علي البصري

      يمكن اخي العزيز ان تأتيني بهذه الآيه التي عاتب فيها الله نبيه يعقوب عندما قال اخاف ان يأكله الذئب ؟ اين هي من االقرآن . يمكن تأتيني بها لو سمحت ؟ ثانيا : انا قلت لك ان الله لم لم يعاتب نبيه على بكائه على يوسف ابدآ لم يعاتبه فأن أنت فهمت من القرآن أن الله عاتب نبيه فأين هذه الآيه ودع عنك قول الاجتهاد الفردي واتعصب . ثالثا : يعقوب لما قال لهم اخاف ان يأكله الذئب ، بالفعل جائوا اليه بقول اكله الذئب ، وأردف صلوات الله عليه قائلا (( ولاكن سولت لكم انفسكم امرا فصبرٌ جميل ))

    • زائر 11 | 2:55 ص

      السلام على أبو الأحرار

      بارك الله هذه الكلمات البليغة الكاتب المتميز جعفر الجمري وفي رحاب الحسين تجود الأقلام ...
      الحسين منبر وخطه واضح وفي خطى قافلته الواقعية والملهمة ما زالت تنضم الحشود عن قناعة وولاء وعشق لا تملك حتى أن تلتفت للآخر بل لا تجد في قاموسها مفردة للتعاطي معه فقد تشربت حب الحسين وفكر الحسين ونور الحسين وكفى..

    • زائر 10 | 2:05 ص

      رد علي4

      قتلة الحسين شارك فيها بطريقة مباشرة او غير مباشرة..من دعوه الي نصرته ولما أـي لهم خذلوه ودعوه وحيدا"...ولهذا هم نادمون اكثر عليهويبكونه أكثر من غيرهم..

    • زائر 9 | 2:02 ص

      يارقم واحد

      عاتب الله النبي يعقوم لما قال يعقوب ((أخاف أن يأكله الذئب)) فعتاب الله علي نبيه بكلة أخاف فكيف يخاف والله هو الحافظ..هذا ماورد من عتاب الله لأنبيائة..ولا داعي للأجتهاد الفردي او التعصب علي تفسير يراه غيرك مخالف لك..

    • زائر 7 | 1:47 ص

      يا حسين

      نص جميل غاصت روحي به في جمال الحسين (ع) شكرا من اعماق القلب .

    • زائر 6 | 12:39 ص

      عبد علي البصري

      عن عبد الله بن مسعود قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم اغرورقت عيناه وتغير لونه فقلت ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه ؟ قال إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من أهل المشرق ومعهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا ...تكمله...

    • زائر 5 | 12:36 ص

      عبد علي البصري((مشروعيه البكاء على الحسين من اسيره النبويه))

      كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فمر به فتية من بني هاشم فتغير لونه فقلنا : يا رسول الله لا نزال نرى في وجهك الذي تكره ، قال : إن بني هؤلاء اختار الله لهم الآخرة على الدنيا وسيلقون بعدي تطريدا وتشريدا
      الراوي:عبدالله بن مسعودالمحدث:ابن القيسراني - المصدر:ذخيرة الحفاظ- الصفحة أو الرقم:4/1875
      فهل فعل النبي يعتبر تقرير يأخذ به ام شنهو تقولون؟؟

    • زائر 4 | 12:27 ص

      كل من شارك في قتل الحسين

      كل من شارك في قتل الحسين يوم كربلاء كان يعرف من هو الحسين بلضبط ولالقاء الحجه عليهم عرفهم الحسين بنفسه وبحسبه ونسبه لكيلا تكون لهم حجه عند الحساب الكثير منهم ليس مقتنعا بقتال الحسين ولاكن لغب عبيدالله بن زياد بعقولهم ووعدهم بلجوائز وجزيل العطاء فاشتروا فختارو الدنيا وفضلوها على جنان عرضها السماوات والارضين فباوء بغضب من الله ولعنه الى يوم يبعثون منظر احد جنود ابن زياد وهو يسلب احدى يتاما الحسين قرط في اذنها ويبكى يستوقفني كثيرا واسئل نفسي اي صنف من الرجال هذا

    • زائر 3 | 12:08 ص

      عبد علي البصري((فما معنى بكاء يعقوب عليه السلام))

      فأذا كان يقول عن نفسه فصبر جميل اذا فما معنى هذا البكاء فهل هو لكون يوسف نبي من دون اخوته ، فهو يفضله في النظر عليهم لكونه نبي لو فقط محبه انسانيه وهذا نوع من اتمييز الطبقي وهذا لا يجوز للانبياء . (( اقتلوا يوسف او اطرحوه ارضا يخلو لكم وجه ابيك))فنحن عندما نبكي على الحسين ،نقول كما يقول يعقوب عندما لامه الناس انما نشكوا بثنا و حزننا الى الله لاننا نؤمن بالحسين لا كما يؤمن به الآخرون ((حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من احب حسينا ، حسين سبط من الاسباط)) .

    • زائر 2 | 11:50 م

      عبد علي البصري

      وأنما لامه الناس ((قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين ( 85 ) قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ( 86 )وكلمه حرضا كمايفسرها ابن عباس في تفسير القرطبي حتى تكون حرضا أي تالفا . وقال ابن عباس ومجاهد : دنفا من المرض ، وهو ما دون الموت .فمن منكم يلوم يقوب على بكائه لدرجه العمى والموت ؟؟ !
      فبكاء يوسف لم يعدو عن كونه صبر فأن كان جزع على يوسف فيعقوب لم يصدق حين قال فصبر جميل والصبر لايتناسب والبكاء حتى الموت والعمى . اذن فما معنى بكائه.؟؟

    • زائر 1 | 11:35 م

      عبد علي البصري ((شرعيه البكاء على الحسين))

      هل البكاء على الحسين مشروع ام هو من ترهات التاريخ ؟!هل البكاء على الحسين تأمر به السماء ام هو من بدعه اهل الارض؟!هل البكاء على الحسين بدعه حسنه كمايقولون أم هو استحباب نصي ؟!
      نبدأ بالقرآن الكريم : ان يعقوب لما جائه ابنائه ومعهم قميص يوسف وبه دم كذب قال لهم فصبرُ جميل .. فهل البكاء على يوسف حتى ابيضت عيناه مصداق لكالم يعقوب بأنه سيصبر ؟؟!هذا عكس الصبر ؟؟ والله في القرآنه الكريم لم يلم يعقوب ؟؟ على بكائه حتى ابيضت عيناه من الحزن.تكمله...

اقرأ ايضاً