عرَّف ميثاق أوتاوا في العام 1986 تعزيز الصحة بأنه «عملية تمكين الأفراد من زيادة التحكم بصحتهم وتحسينها»، ويترتب على تعريف تعزيز الصحة بحسب ميثاق أوتاوا الكثير، فهو يعني أن تعزيز الصحة عملية مستمرة لا تنتهي عند نتيجة محددة.
كما حدد ميثاق أوتاوا محددات لتحقيق الصحة تشمل الأمن والسلام والعدل والدخل الجيد والتعليم والوظيفة والمسكن والبيئة السليمة والعلاقات الاجتماعية وتوفر وسائل الترفيه وتقدير الذات، وعليه يكون العنف والبطالة والفقر والجهل وعدم وجود مسكن والعزلة الاجتماعية والتلوث والإدمان كلها مشاكل صحية بل وتناقش في مؤتمرات تعزيز الصحة.
وهذا يعني أن تعزيز الصحة مفهوم أشمل وأوسع من مجرد التثقيف الصحي بكثير، فهو لا يكتفي بتوعية الناس من خلال بث المعلومات بكل القنوات المتاحة وإن كان التثقيف الصحي جزءاً مهمّاً من تعزيز الصحة إلا أنه لا يقتصر عليه لوحده.
تعزيز الصحة يعني تمكين الناس وهذا التمكين ليس بمجرد التدريب على مهارات فقط بل من خلال توفير البيئة المسانده للصحة؛ أي بعبارة بسيطة أخرى جعل الخيار الصحي هو الخيار الأسهل.
حتى يومنا هذا؛ فالخيار الصحي هو الخيار الأصعب؛ فالسمك أغلى من اللحوم والخبز الأسمر أغلى من الخبز الأبيض والأماكن الخاصة بالمرأة لمزوالة النشاط البدني لاتزال مقتصرة على الأندية الصحية والفنادق ولا يستطيع الكل المشاركة فيها، وبسبب هذه العوامل تنتشر السمنة وزيادة الوزن وارتفاع الكولسترول وضغط الدم والسكري بين البحرينيين بشكل خطير وإن لم نبدأ الآن بتداخلات بيئية وتشريعات قانونية؛ فإن هذه المعدلات ستتضاعف في السنوات المقبلة، ولن تفيد نشر المعلومات الصحية لوحدها فقط وإن استخدمنا كل القنوات بل لعلها تكون سبباً في الشعور بالإحباط؛ فما الفائدة من إعلام الناس بأن الخبز الأسمر أفضل من الأبيض اذا كانوا بالأساس لا يستطيعون شراءه.
وهذا أمر لا يمكن الوصول إليه من خلال إدارة تعزيز الصحة فقط أو حتى وزارة الصحة ككل، بل يتطلب وضع الصحة على أجندة كل أصحاب القرار بكل الوزارات؛ فعند تخطيط مدينة مثلاً لا بد من الوضع في الاعتبار توزيع المساحات الخضراء ومضامير المشي وساحات اللعب وموقع المصان، وعند استيراد البضائع نضع في الاعتبار مدى سلامة وصحة البضائع وحقوق المستهلك في الحصول على المعلومات الصحية، وفي التعليم مدى صحة وسلامة مباني المدرسة وجودة مناهجها ومحتواها ونوعية الطعام المتوافر في المقصف وهكذا في كل الوزارات.
الصحة مفهوم إيجابي يعزز من مصادر الإنسان الشخصية والاجتماعية والفيزيائية، وهذا بدوره يعني أنها تتعدى مرحلة أنماط الحياة الصحية إلى تحقيق السعادة والرفاهية للإنسان، بمعنى آخر إنها نوعية حياة. وتستلزم تعبئة اجتماعية يتشارك بها الأفراد والعائلات والسلطة التشريعية والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام والقطاع الخاص
إقرأ أيضا لـ "أمل الجودر"العدد 3374 - الجمعة 02 ديسمبر 2011م الموافق 07 محرم 1433هـ
فلنعمل
د. أمل... أوافقك الرأي، و لنعمل على تشكيل فرق من المتطوعين لمساندة إدارة تعزيز الصحة في توعية المواطنين، و أنا من أول المتطوعين.