الحياة رحلة ومحطات، وبين المحطات تسير بنا سنوات العمر بما تحمله من تجارب وذكريات حلوها وعلقمها، ننسى أو نتناسى بعضها، ويتوارى بعضها الآخر في السجلات الخلفية لذكرياتنا ويبقى الكثير منها ماثلاً أمام ناظرينا دائماً حتى وان ابتعد عنا أو ابتعدنا عنه، بعض هذه الذكريات تتجسد في شخصيات ثم تتحول الى نماذج يصعب نسيانها أو العيش بدونها، الأخ العزيز والصديق الدائم الدكتور نبيل تمام هو افضل نموذجٍ يمكن تقديمه لهذا النوع من الذكريات والشخصيات.
حين تتعرف على هذا الإنسان وتسبر أعماق روحه وتقترب من طريقة تفكيره واستعداده الفطري للتضحية في سبيل ما يؤمن به من مبادئ وقيم، ومن أجل من يرتبط بهم من أصدقاء أو مرضى، ستكتشف أنك أمام إنسان من نوعٍ خاص، رجل يلتزم بكلمته ووعده ومسئوليته حتى النفس الأخير، يقدم خدماته بإخلاص منقطع النظير، لا يعنيه أن يكون من يتعامل معه غنيٌ أو فقير، مواطنٌ أو غير مواطن، فهو قد اختار مهنة الطب عن قناعة تامة وآمن بها سبيلاً وطريقاً لأداء رسالته في الحياة.
عرفته منذ العام 1978 ورغم أن دروبنا تباعدت وربما تنقطع اتصالاتنا فترات طويلة بحكم التزامات العمل، إلا أن نبيل حين تعاود الاتصال به أو يعاود الاتصال بك تجده كما هو لم يتغير، متفائلاً بالحياة رغم قسوتها، مؤمناً برسالته رغم مسئولياتها، متفانياً في أداء واجباته والتزاماته المهنية رغم ظروفها المتقلبة، مستعد وجاهز للعطاء تحت القصف والدمار والحصار وفي الصفوف الأمامية وقت إطلاق النار حتى لو كانت آلة القتل التي يواجهها أميركية الصنع ومستخدمها صهيوني الانتماء وإرهابي الطبع، لا يهاب الموت ولا يخاف المرض حتى ولو كان اسمه السرطان.
في الأحداث الأخيرة التي عصفت ولاتزال ببحريننا الغالية ما وجدت د.نبيل تمام إلا مشمّراً عن ذراعيه متقدماً الصفوف لإنقاذ أبناء وطنه الذين خرجوا للمطالبة بالإصلاح السياسي، كان في مقدمة من أنشأوا عيادة ميدانية في "دوار اللؤلؤة"، وكان طبيباً مرافقاً لسيارات الإسعاف وهي تنقل المصابين في مختلف الفعاليات السياسية الاحتجاجية، وحين وقعت الواقعة في جامعة البحرين، كان تمام في مقدمة من سارعوا إلى إنقاذ أبناء وبنات البحرين، كما كان الدكتور تمام في مقدمة من زرعوا الاطمئنان والثقة بين الكوادر الطبية والمرضى والزائرين في مجمع السلمانية الطبي وقدموا للجميع خدمات صحية متكاملة.
كان نبيل تمام في مقدمة الطاقم الطبي الذين أداروا مستشفى السلمانية بكل كفاءة واقتدار، ولم يتنصل هو ورفاقه من المسئولية. ورغم كل ما فعله نبيل تمام وما قام به من أدوار بطولية لم تجذبه الأضواء، ولم يسارع لاستغلال الفرص الإعلامية للظهور كبطل وطني أو قومي، بل فضل العمل بصمت وروية فهدفه كان ولايزال أن يخدم بلده وأبناء بلده دون رغبة في تملق أحد، أو سعي للتصدر وأخذ موقع أي مسئول في الوزارة أو المستشفى، ويستمر نبيل تمام نبيلاً كما عرفه كل من زامله في الدراسة والعمل، حتى عندما تم اعتقاله ضمن الكادر الطبي، ظل رابط الجأش محتسباً مؤمناً بأنه لم يقم إلا بأداء واجبه تجاه شعبه وأن الحقيقة لابد ستظهر ساطعة أمام الجميع، لكن الظلم الذي وقع على د. نبيل تمام ورفاقه الأطباء والكادر الصحي لم يتوقف عند حد، فهم لم يتجاوزوا بعد محنة السجن وتقديمهم للمحاكمة والتشكيك في وطنيتهم والطعن في مهنيتهم وكفاءتهم وصدقيّتهم، وتوقيفهم عن العمل في المستشفيات الرسمية وحتى في عياداتهم الخاصة والتضييق عليهم في كل مكان، حتى وقعوا تحت تهديد الفصل النهائي من العمل وربما المنع النهائي من مزاولة مهنة الطب وسحب تراخيصهم.
إن ما يحدث للدكتور نبيل تمام ورفاقه الأطباء وأفراد الطاقم الصحي هو وصمة عار على من اتخذ مثل هذه القرارات، والمطلوب هو أن يعاد الاعتبار للدكتور تمام ورفاقه بل ومكافأتهم على الجهود التي قاموا بها، وتركوا الأطباء الشجعان يواجهون المسئولية والمصير المجهول منفردين ودون أي غطاء. إن شعب البحرين مدين لهذه الثلة المؤمنة من الأطباء المخلصين للوطن ولابد من تقديم واجب الشكر والثناء لهم وحفظ جميلهم. إنها شهادة حق أقدمها للتاريخ في حق هذا الإنسان الرائع الذي لم يؤذِ أحداً في حياته ولم يسعَ إلا لرفعة البحرين وعزة أهلها في كل المحافل التي عمل بها، فهل يجد صوتي صدى لدى المعنيين؟
إقرأ أيضا لـ "محمد حسن العرادي"العدد 3366 - الخميس 24 نوفمبر 2011م الموافق 28 ذي الحجة 1432هـ
بنت الجيب
الاخ الفاضل محمد انت لم توف الدكتور نبيل حقه فأنا قد عرفته عن قرب و قد نسيت اهم صفاته و ابتسامته الهادئه حتى و هو في اصعب حالاته و نسيت هدوؤه و عقلانيته حتى في اصعب الظروف انه الانسان قبل الطبيب و العاقل في قمة الغضب انه الأنسان تحياتي لعائلته الكريمه المبتسمه دائما حتى في أصعب الظروف و تحياتي لك ايها الصديق المخلص
سستر
د. نبيل تمام اسم على مسمى بحق
أنت مقصر يالعرادي
مهما قلت في هذا الإنسان فانت مقصر في حقه ولم توفيه حقه نعم هذه رجال البحرين التي تفخر بهم .
نعم الرجال هؤلاء وأمثالهم والصعاب اختبار للكبار
لكل انسان امتحان واختبار حسب مكانته وقدرته التي اعطاه الله اياها وهؤلاء الرجال وعلى رأسهم الدتور نبيل الذي هو بحق نبيل الخلق هو احد الرجال الكفؤ والأهل لهذه الصعاب وكيف نعرف معادن الناس ونقيس مدى
اخلاصهم عندما نمتحنهم في مثل هذه الظروف
يبقى ما ينفع الناس واما الزبد فيذهب جفاء
شكراً لكم
نقول له ولرفقائه ...........: شكراً لكم شكراً لكم
يا عرادي هولاء هم الثروه الحقبقبه للبلد
في دوله غير البحرين لا يفرط في كفاءات مثل نبيل وعشرات من امثاله ممن ذاقوا الويلات ونكل بهم بس لانهم قاموا بلواجب المهني والوطني على اكمل جهه وللعلم الدول تتسابق على استضافتهم وتشغيلهم لان ببساطه معضهم استشاري وصل للمستوى العالمي ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الدكتور صادق عبدالله اللي زرع كلي لمواطنين اكثرهم من الطائفه السنيه الكريمه والدكتور عبدالشهيد فضل الذي اذا ذهب اي خليجي لفرنسا لعمل عمليه ترقيع او تجميل اشاروا عليه الاخصائين هناك التوجه للبحرين للدكتر عبدالشهيد هذه كنوز البحرين الحيه
شكرا لكم
أشكرك وكثر الله من أمثالك.
شكرا لكم ياأطباء وياصحفيين