يتفشى العنف ضد المرأة والفتاة في جميع أنحاء المعمورة ويتخذ أشكالاً عدة. فهو يشمل الاغتصاب، والعنف العائلي، والتحرش في أماكن العمل، والإيذاء في المدارس، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والعنف الجنسي في النزاعات المسلحة. وغالباً مَّا يكون مرتكبو هذه الأفعال من الرجال. إن تفشي هذا النوع من أنواع العنف سواء في البلدان النامية أو البلدان المتقدمة النمو لا بد أن يكون أمراً مروعاً لنا جميعاً. فالعنف، بل ومجرد التهديد باستخدامه في حالات كثيرة، من أهم العقبات التي تحول دون تحقيق المساواة التامة للمرأة.
وحق المرأة والفتاة في العيش في مناخ يخلو من العنف هو حق أساسي غير قابل للتصرف. وهو حق مكرس في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. كما أنه يتبوأ مكانته في لبِّ حملتي التي تحمل اسم «متحدون من أجل إنهاء العنف ضد المرأة». لقد نجحت هذه الحملة، منذ انطلاقها في العام 2008، في حشد تأييد الحكومات والمجتمع المدني وقطاع الشركات وحفز همم الرياضيين والفنانين والنساء والرجال والشباب في جميع أنحاء العالم. وسجل محفل التعبئة الاجتماعية «لا للعنف - متحدون» أكثر من مليوني نشاط في جميع أنحاء العالم - من المسيرات الاحتجاجية إلى حملات التوعية الجماهيرية ومن أنشطة الدعوة في المجال التشريعي إلى تقديم المساعدة إلى الضحايا.
وتلقى الكثير من هذه الأنشطة دعماً من صندوق الأمم المتحدة الاستئماني لدعم الإجراءات الرامية إلى القضاء على العنف ضد المرأة. وقدم الصندوق، منذ إنشائه قبل 15 عاماً، منحاً قيمتها 77 مليون دولار إلى 339 مبادرة في 126 بلدا وإقليما. إننا نود أن يتوافر للصندوق إمكان بذل المزيد إلا أن الطلب على الدعم لايزال يتجاوز الموارد المتاحة. فقــد تلقى الصندوق في هذا العام فقط أكثر من 2500 طلب لتوفير ما يقرب من 1.2 مليار دولار. وإنني أناشد جميع شركائنــا أن يساعدونا على تلبية هذه الاحتياجات الهائلة غير المستوفاة.
إن التحدي الذي نواجهه يتمثل في كفالة نشر رسالة «عدم التسامح إطلاقاً» في كل حدب وصوب. ولتحقيق ذلك، لا بد أن نشرك المجتمع بأسره، ولاسيما الشباب. والشبان والصبيان يجب، على وجه الخصوص، تشجيعهم على أن يصبحوا مناصري نبذ العنف الذين نحتاج إليهم. إننا في حاجة إلى تعزيز نماذج الذكورة السوية. فلا يزال هناك عدد كبير من الشبان ينشأون محاطين بنماذج نمطية للذكورة عفا عليها الزمان. وبالتحدث إلى الأصدقاء والأقران عن العنف ضد المرأة والفتاة والتحرك للقضاء عليه، يمكن لهؤلاء الشبان المساعدة في تحطيم هذه السلوكات التي توارثتها الأجيال.
وإنني، بمناسبة الاحتفاء بهذا اليوم الدولي، أحث الحكومات والشركاء في جميع أنحاء العالم على تسخير طاقات الشباب وأفكارهم ومهاراتهم القيادية لمساعدتنا على وضع حد لوباء العنف هذا. عندئذ فقط، سننعم بعالم أكثر عدلاً وسلاماً وإنصافاً.
إقرأ أيضا لـ "بان كي مون"العدد 3366 - الخميس 24 نوفمبر 2011م الموافق 28 ذي الحجة 1432هـ