بالإضافة إلى التجارة، ستكون الإمدادات الثابتة من الطاقة من دول موجودة في نصفنا من الكرة الأرضية حاسمة بدرجة متزايدة لأمننا ولانتعاشنا الاقتصادي. إذ يقوم نصفنا من الكرة الأرضية بإمداد العالم بربع كميات النفط الخام، وثلث كميات الغاز الطبيعي، وربع كميات الفحم الحجري العالمية تقريباً، كما يولّد أكثر من ثلث الطاقة الكهربائية في العالم، ويشكل رائداً في إنتاج الطاقة المتجددة. وكذلك لدينا أكثر من 40 مبادرة مبتكرة يجري تنفيذها بموجب شراكة الطاقة والمناخ للاميركتين.
لقد استوردت الولايات المتحدة في السنة الماضية نحو نصف كمية النفط والمنتجات النفطية التي تستهلكها. وجاءت نسبة 49 في المئة من هذه الواردات من هنا بالذات، من نصفنا من الكرة الأرضية، و18 في المئة فقط من. فقد أصبحت كندا والمكسيك حالياً اكبر مصدرين لنا للنفط وأصبح بالإمكان الوصول إلى مخزونات كبيرة من النفط في البرازيل. وكما كتب خبير الطاقة دانيال يرغن حديثا قائلا إنه لم تعد خريطة العالم النفطية الجديدة مسلطة على الشرق الأوسط بل على نصف الكرة الأرضية الغربي. وهو يتكهن انه بحلول العام 2020 سوف لا يستورد نصفنا من الكرة الأرضية سوى نصف كميات النفط التي نستوردها الآن من خارج نصف الكرة الغربي.
ونظراً للديناميكية الاقتصادية على جانبي المحيط الهادئ، ليس من المستغرب ان آسيا وأميركا اللاتينية قد أصبحتا تدركان أيضاً إمكانات بعضهما البعض. أصبحت الصين اكبر متلقٍ لصادرات السلع من عدة بلدان في أميركا الجنوبية. ويوقع الكثير من زملائنا في نصف الكرة اتفاقيات تجارية أو استثمارية مع شركاء في آسيا، وأكد تقرير لبنك التنمية للدول الأميركية ان اليابان هي في مقدمة المستثمرين الآسيويين في أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي، وقد بلغ إجمالي استثماراتها أكثر من 26 بليون دولار خلال السنوات السبع الماضية وتبعتها كوريا الجنوبية بأكثر من 5 بلايين دولار والصين بنحو 1,8 بليون دولار. يجب ألا نخشى اهتمام آسيا الاقتصادي في نصفنا من الكرة الأرضية شرط ان تكون العلاقات شفافة وشرط احترام القواعد المعتمدة. وبالمناسبة، بلغ إجمالي استثمارات الولايات المتحدة في المنطقة خلال الفترة نفسها 148 بليون دولار.
والى جانب الاقتصاد، يزخر نصفنا من الكرة الأرضية بالشركاء المؤكدين والقادرين الذين أصبحوا يساهمون بصورة متزايدة خارج حدودهم المباشرة. نتعاون مع كندا بشأن كل شيء تقريباً، بما في ذلك المشاركة في محاربة «طالبان» وعملية ليبيا التي قام بها حلف شمال الأطلسي (الناتو). أما المكسيك فهي رائدة في المباحثات العالمية بشأن المناخ وهي حليف لنا ضد كافة أشكال التجارة غير المشروعة. ولدى البرازيل مشاريع تنمية طموحة في إفريقيا وتعمل عن كثب معنا في مكافحة مرضي الايدز والملاريا. وتشاركنا كولومبيا خبرتها في محاربة تجارة المخدرات والإرهاب. وتساهم الأرغواي بسخاء في المشاركة في قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام. ونحن نقوم حالياً بوصل شبكات كهربائية من شمال أميركا إلى جنوبها. وفي أعقاب زلزال هايتي، عمل كل بلد في الأميركتين فعلياً جنباً إلى جنب لتنفيذ اكبر عملية إغاثة جرت في تاريخ العالم.
والأمر الأكثر أهمية حتى من النجاح الاقتصادي في المنطقة هو تحولها الديمقراطي. ففي حين كانت الدكتاتوريات العسكرية تزحم الكثير من أنحاء هذه المنطقة قبل عقود قليلة ماضية، فلم يبقَ هناك الآن سوى عدد قليل جداً من الاستثناءات للحكم الديمقراطي في نصفنا من الكرة الأرضية. وبإمكان منظمة الدول الأميركية ان تربط ديمقراطياتنا سوية كما يستطيع الميثاق الديمقراطي للدول الأميركية الفريد من نوعه أن يكرّس واجبات حكوماتنا في حماية وتعزيز حق المواطنين في الديمقراطية.
لقد ترافق التطور الاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي للأميركتين مع تكامل إقليمي لم يسبقه مثيل. فبالإضافة إلى منظمة الدول الأميركية (OAS) هناك قمم تعقدها منظمة التجارة الحرة لأميركا الشمالية (NAFTA)، ومنظمة اتحاد دول أميركا الجنوبية (UNASUR)، ومنظمة التكامل الإقليمي لأميركا الوسطى (SICA)، ومنظمة مجتمع البحر الكاريبي (CARICOM)، وكذلك الكثير من المبادرات الأخرى التي تصبو لتعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي. لقد أدت هذه الجهود إلى تنمية الحوار، والى الحلول السلمية للنزاعات، والى التضامن الديمقراطي. كما بنت أيضاً إجماعاً سياسياً بشأن التكامل الذي جعل من العولمة شأناً أقل مدعاة للخوف، وأتاحت للبلدان ان تتغلب على غرائز حماية الإنتاج الوطني خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة
إقرأ أيضا لـ "وليام جاي بيرنز"العدد 3361 - السبت 19 نوفمبر 2011م الموافق 23 ذي الحجة 1432هـ