دائماً ما يلجأ الباحث في المجال العلمي والتربوي ـ مهما بلغت درجة كفاءته العلمية وقدراته البحثية ـ إلى أدوات البحث التي تعدُّ من الخطوات الأساسية التي ينبغي عليه الإلمام بها وإتقانها ووضعها في سياقاتها المنهجية الصحيحة.
من جملة هذه الأدوات انتقاء المصطلحات البحثية وتحديدها وتوصيفها بشكل دقيق، لتعينه على إتمام بحثه بشكل منهجي وموضوعي.
هذه المصطلحات لا غنى عنها لأي باحث أثناء كتابة رسالة الماجستير أو الدكتوراه، وغالباً ما يتحتم عليه الرجوع إلى المراجع الأجنبية، والاطلاع على أحدث الدراسات ذات الصلة بموضوع البحث، وخصوصاً أننا نتحدث عن توجه جديد ومتقدم يسعى لإيجاد نوعٍ من الشراكة والتوأمة بين التربية وحقوق الإنسان.
أكثر ما يلفت نظر الباحث في هذا السياق هو عدم وجود معجم متخصص يضم بين دفتيه كل ما يرتبط بثقافة التربية على حقوق الإنسان، علاوة على أن ما كتب في كثير من الأحيان لا يعدو كونه مبادرات تطلقها منظمات حقوقية دولية بين الفينة والأخرى، وعليه فقد انبثقت لدينا فكرة إعداد «معجم التربية على حقوق الإنسان» ليدخل ضمن سياق معاجم المصطلحات أو المعاجم المتخصصة التي تجمع ألفاظاً معينة، ثم تقوم بشرح كل لفظ أو مصطلح بحسب استعماله الجذري ورأي المتخصصين، تماماً كمعاجم الطب والهندسة وعلم الفلك وعلم النفس والتربية وما إلى ذلك، فالمعجم إذاً بهذا المعنى سيفيد عموم التربويين والحقوقيين من منظِّرين وممارسين ومدربين، ميدانيين وباحثين في مجالات التربية والتعليم، والمشتغلين بتنمية الوعي بثقافة حقوق الإنسان على جميع المستويات.
ربما يربط البعض نجاح هذه الفكرة أو فشلها بالإرادة السياسية أو الحالة الثقافية في مجتمعاتنا العربية، ولكنها ستظل بالتأكيد رغبة ملحة لدى فئة واسعة من الأكاديميين والباحثين المعنيين بقضايا حقوق الإنسان، لأننا نعيش فعلاً في عصر حقوق الإنسان على مستوى الواقع السياسي العالمي، ولا يمكننا أن نعيش بعيداً عن هذه المفاهيم العالمية شئنا أم أبينا، كما أن علاقة مصطلحات حقوق الإنسان بالكثير من مصطلحات العلوم الأخرى، مثل العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية وعلوم التاريخ والديانات وعلم النفس والشعوب والأجناس والقانون وحركات التحرر وغيرها من العلوم الأخرى، هي التي تدفعنا للقول إن هذا المعجم يصلح ليكون مصدراً مهماً وأساسياً في مجال التربية على حقوق الإنسان ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما على المستوى العالمي.
في الغالب الأعم، فإن ما كُتب عن «التربية على حقوق الإنسان» في المصادر البحثية باللغة الإنجليزية يجعلنا أكثر حاجة للاستمرار في رحلة التقصي والبحث، لفهم واستيعاب هذه النصوص والمصطلحات التربوية ذات المضامين الحقوقية من مصادرها الأجنبية، ومن ثم ترجمتها بالصورة الملائمة، بعيداً عن الترجمة الحرفية الخاطئة المخلة بالمحتوى أو المعنى.
إن شأن المصطلحات العلمية في المعاجم المتخصصة شأن العملة الصحيحة المعتمدة في الدول من حيث كونها تخص فروعاً متقاربة من العلوم كالعلوم التربوية مثلاً، ولكن ما نرنو إليه في «معجم التربية على حقوق الإنسان» هو أبعد من ذلك بكثير، وذلك بجعل هذا المعجم كالعملة التي يتم تداولها بين الناس في السوق بشكل يومي، لننطلق من الفضاء المدرسي حيث المعلمون والطلبة، لأنه يمثل بالنسبة إليهم واحدة من أدوات الاتصال بين المتخصصين والمنتمين لجميع المؤسسات التعليمية.
إن أهمية فكرة «معجم التربية على حقوق الإنسان» تتمثل في دعم جهود مبادرة تحسين أداء المدارس، ذلك أن المعجم هو السبيل لمعرفة كل المفردات والدلالات، وهو بمثابة المرشد الذي يساعد المتعلم على بلوغ المعنى المقصود لكل مفردة من المفردات التربوية/ الحقوقية، كما يساعد المتعلم أو المدرب على تحصيل كمٍّ هائل من المعارف والمعلومات ذات الصلة بالتربية على حقوق الإنسان، والمساهمة في بناء شخصية المتعلم عن طريق التعلم الذاتي.
وبما أن المعاجم تتنوع بحسب الغرض الذي ألِّفت من أجله، مثل المعجم اللغوي الذي يسير وفق المنهج الألفبائي النطقي (بحسب تتابع الحروف الهجائية)، والمعجم الموضوعي الذي يسير وفق الموضوعات المختصة بعلم معين، فإن المنهج الذي نجده ملائماً لـ «معجم التربية على حقوق الإنسان» هو المنهج القائم على التصنيف الموضوعي للمواثيق والأطر المرجعية الدولية لحقوق الإنسان، وأعني بذلك المواثيق الثلاثة (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «السيداو»).
يضطلع «معجم التربية على حقوق الإنسان» بدوره في جمع النصوص والمواثيق الدولية والمواد المتعلقة بموضوع واحد مثل: حق التعليم أو حق العمل أو حق المساواة أو حق التعبير عن الرأي وما إلى ذلك، ليسهل على الباحث الرجوع إليها في مكان محدد، ليدرك ما بينها من انسجام وترابط، وليقدِّم له فكرة تامة وشاملة في الموضوع الواحد، بحيث يتتبع ويستقصي كل ما ورد فيه دفعة واحدة، كما ويمكِّن كلاً من الباحث والمدرب والمعلم والمتعلم وغيرهم من الإلمام التام بأبعاد الموضوع وزواياه وتفاصيله، والوصول سريعاً إلى الهدف المقصود من دون مشقة أو تعب.
السؤال المطروح هنا: من هي الجهة المعنية بإصدار هذا المعجم؟
لكي يخرج «معجم التربية على حقوق الإنسان» بالصورة العلمية والمنهجية، نرى أهمية أن يشرف على هذا العمل الحِرَفي فريق يضم نخبة من المختصين في الحقلين التربوي والحقوقي، باعتبار طبيعة عمل كل منهما، فالتربوي مهما كان مثقفاً في مجال حقوق الإنسان فإنه لا يستطيع أن يستغني عن خبرة الحقوقي المنفتح أساساً على قضايا وثقافة حقوق الإنسان، وفي المقابل فإن الحقوقي يحتاج إلى الخبرة المتراكمة لدى التربوي سواءً في مجال التدريس أو التدريب أو البحث أو العمل الأكاديمي بشكل عام.
بلاشك، هذا العمل يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، لكنه سيعزز ثقافة التربية على حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية، بدلاً من ترك المجال مفتوحاً أمام الاجتهادات الشخصية والارتجالية في توصيف بعض المفردات ذات الصلة بحقوق الإنسان بصورة مشوَّهة، أو توظيفها بشكل منحاز لطرف على حساب طرف آخر على طريقة «باؤكم تجر وباؤنا لا تجر»
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3347 - السبت 05 نوفمبر 2011م الموافق 09 ذي الحجة 1432هـ
يا سلام عليك يا استاذ
كلام ثمين من الأستاذ فاضل حبيب .... اتمنى لك التوفيق. ومنتظرينك في مدرسة التعاون.
يكفيك القرأن ونهج محمد وعثرته عن كل المعاجم
كرامه الانسان حقوقه مصانه بتعليمات واجبه وملزمه لكل من حمل الاسلام واعتنقه دين التعاليم الربانيه ومنهج خاتم النبيين وخيره الخلق بعده تصون للانسان حقوقه بلكامل الى درجه ان معظم قوانين حقوق الانسان الدوليه مشتقه اشتقاق اصلي من الاسلام الحنيف بس يخوي من يطبق في عالمنا الاسلامي هلتعاليم الله يقول سبحانه ولاتزر وازره وزر اخرى جارنا سياسي كم يتغربل في الحياه لانه ولد فلان الناشط كم امراه تهان كرامتها ويلقى عليها ابذى ما في قاموس اللغه من مفردات لانها اخت او بنت اوزوجه فلان من الناس فاين حقوق الانسان