كانت لديّ كثير من الأحلام الواقعية قد تحققت بفضل الله، وبالإرادة والطموح منها أن أواصل دراساتي العليا، أو أكون صحافياً أو باحثاً أو مؤلفاً. مع أن كثير منها قد تحقق وأنا في طريقي لتحقيق أحلامي الواقعية (اليقظة) الباقية ما دامت هذه الأحلام تمسني مباشرة.
بعيداً عن أحلامي المباشرة، وبالانتقال إلى أحلامي غير المباشرة. والتي بودي تحقيقها (الحلم الباطني) الذي يراودني ليل نهار - معافاة البلد من أزمته - كيف يتم تحقيقه واقعياً إذا لم تكن لدى الحالم سلطة عليه، والمعروف بأنه صعب تحقيقه أو تحليله. فهذا الحلم لم يستطع الناس تفسيره وإن ألفت الكتب والموسوعات في تفسيره. ما اضطرني لكتابة هذا المقال بعد أن راودني حلم في المنام - الحلم الباطني - بأن أزمتنا قد انتهت، وفعلاً لإيهام نفسي اندفعت نحو القلم لتدوين هذا المقال كي أشبع رغباتي النفسية والعقلية.
بالقفز على الأحلام والانتقال إلى أزمة البلد، لا نعرف من نلوم ومن تقع عليه المسئولية العظمى لحفظ الوطن، الذي نعتز بانتمائنا إليه، حيث كان يعتبر لؤلؤة ودانة الخليج، ونفتخر به لما يتمتع من طاقات شبابية علمية وأكاديمية وثقافية خلاقة، ولكننا على الأقل بودّنا، أن نسلط الضوء على الفئة البسيطة التي تحرض على أبناء الوطن وتزرع فيهم الحقد والكراهية، فضميرنا الإنساني يحتم علينا أن نقول لهم كفى بالبلد هتكاً وانشقاقاً، وأوقفوا هذا التخوين والسب والقذف والشتم. فكما قيل «قل خيراً أو اصمت».
بسبب هذه الوشايات نتج ظلم لا يغتفر، وقتل كل طاقات وطموح الشباب، فقد تحول الناس إلى إحباط ويأس بنظرة سوداوية حالكة لوضع البلد. فأين كان وضع البلد ومنتسبيه الذي يمتلك من العادات الحسنة ومن علم وتربية، وأخلاق قل نظيرها بين الأمم العربية، وأصبح الآن يتسم بالحقد والكراهية لبعضه البعض بسبب قلة بسيطة تزرع هذا الحقد بين فئات المجتمع المترابط على مدى قرون.
ما نود أن تعمل عليه القيادة، هو تقليم هؤلاء وتقنين مقالاتهم السياسية، فبلادنا تحتاج إلى تقويمات سياسية بشكل عاجل، لإصلاح الاعوجاج الأخلاقي والمهني والثقافي والسياسي برمّته، فالجدل القائم من السب والشتم المنتشر بين فئات الشعب لا يجوز، ولا يخدم إلا الأعداء، ونذكر بأن هذه الأساليب العبثية تبعث على الانشقاق وتؤول البلد إلى الهاوية.
أصبح المواطن يتألم لما آلت إليه أوضاع المواطن الذي كان عمود الوطن، مما قد يعزز النفوس بالكره والحقد والكراهية، وهذا لا يقبله ديننا الحنيف، ويعارض كل المواثيق الدولية والإنسانية والوطنية.
ازدادت في الآونة الأخيرة زراعة السموم في تربة هذه الأرض الطيبة من أقلام تبث الحبر المسموم في قلوب المجتمع، وبدورنا نرفض من يزرع نبات الحنظل ذات السيقان الزاحفة السامة في أرضنا لمحو جذورنا الأصلية، فهذه التربة لا تذر إلا نباتات حلوة المذاق طيبة المعدن تتميز بروائحها الزكية.
لا نسمح بترسيخ عادات وسلوك لا تتناسب مع المواطن البحريني المتميز بأخلاقه الرفيعة وحب الخير، والذي يتصف بالود بين فئات المجتمعات، ولا نريد أن ننزوي إلى أجندات دخيلة من قبل فئة قليلة جداً لا تحب الخير لهذا لبلد.
إذا ما أردنا التئام جروح البلد، فعلينا اتخاذ أساليب مغايرة، تتمثل في وقف التهجم على القيادات بشتى أنواعها من قبل جميع الأطراف، لاسيما الرموز الدينية والقيادية والحزبية.
أعتقد أنه قد حان الوقت المناسب للرجوع لصوت العقل، وترجيح كفة المصلحة العامة بشكل سريع وتحقيق مطالب الشعب التالية: (الشعب يريد المساواة... الشعب يريد العدل... الشعب يريد الحرية... الشعب يريد الأمن... الشعب يريد الحياة... الشعب يريد مملكة دستورية... الشعب يريد برلمان كامل الصلاحية... وأخيراً الشعب يرفض الطائفية).
فالشعب بكل أطيافه قاطبة يدعو إلى الخير والصلاح لهذا الوطن والتعافي من أزمته الراهنة، فلا يسر أي مواطن شريف له ولاء لهذه الأرض أن يرى البلد تتمزق ويلتزم الصمت
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3323 - الأربعاء 12 أكتوبر 2011م الموافق 14 ذي القعدة 1432هـ