العدد 3321 - الإثنين 10 أكتوبر 2011م الموافق 12 ذي القعدة 1432هـ

مصر... اللعب بالنار

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مصر الجديدة الخارجة من ميدان التحرير مرفوعة الرأس، يجب إغراقها من جديدٍ في مستنقع الفتنة الطائفية، لكيلا يأخذ هذا الشعب العريق مكانه اللائق به تحت الشمس.

لا يُراد لهذا البلد أن يكون قائداً، ولا رائداً، بل يريدونه مقوداً للآخرين في أحلاف ترويج الفتنة ونشر الشقاق.

مواجهاتٌ داميةٌ انفجرت فجأةً، على وقع نكء الجروح القديمة. مشكلةٌ موروثة منذ أيام الإنجليز الذين أتقنوا زرع الفتن في البلدان التي استعمروها... من شبه القارة الهندية حتى نيجيريا وجنوب إفريقيا وشرقها والشمال.

مصر لم تستكمل ثورتها بعد. مازالت أمامها استحقاقات كثيرة، والكل بدا مدركاً ضرورة استكمال محاكمة رموز النظام السابق. الصحافة والإعلام المصري الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي التي تغذّي الثورة والتغيير، كلها باتت تتكلم عن «تطهير» أجهزة الدولة من رموز الفساد السابقين. حين قام العراقيون بمثل ذلك صبّ عليهم العالم العربي جام غضبه، واتهمهم بألف تهمة وتهمة. اليوم يعيد العرب حساباتهم بعد التجربة والمخاض العسير، فيفكّر التوانسة في تطهير أجهزة الدولة من أنصار النظام السابق كضرورة لصيانة الثورة الوليدة، وضمان عدم انتكاستها. ويفكّر المصريون بمثل ذلك، من دون أن تتعرّض لهم الفضائيات المشحوذة بالنقد والتهويل والتشهير. كلهم يمرون بهذه المرحلة خفافاً إلا العراقيون، الذين دفعوا ثمن الطغيان ثلاثين عاماً، ودفعوا ثمن الخلاص من الدكتاتورية مع شماتة كثرةٍ من العرب ورقصهم على جروحهم في تشفٍّ يدلّ على لؤمٍ شديد.

أحد المحللين المصريين يقول إن «مصر تدفع الآن ثمن محافظة المجلس العسكري على نظام مبارك. لا توجد ثورة تنتصر وتترك النظام القديم في الحكم لأنه سيتآمر ضدها بكل الطرق». وهو ما أثبته الانفجار الأخير.

وزير الداخلية السابق حبيب العادلي قُدّم إلى المحاكمة الشهر الماضي، بتهمة تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، الذي تورط فيه جهاز مباحث أمن الدولة، وأعقب ذلك اشتباكات دامية بين الأقباط والمسلمين، استمرت أسبوعاً كاملاً. كانت الثورة المصرية حينها تحبو نحو الانتصار وخلع حسني مبارك. لم يكن يُتصوّر أن وزيراً مكلّفاً بحفظ الأمن العام، هو الذي يقود عمليات سرية تفجّر الوضع العام وتزيده اشتعالاً.

الإعلام المصري الذي لم يتخلص من شحومه السابقة؛ ركّز في الساعات الأولى على مقتل ثلاثة من رجال الأمن، واستمر على روايته حتى بدأت الفضائيات الخارجية ووسائل التواصل الاجتماعي تكشف حقيقة مقتل 24 مواطناً مصريّاً، وجرح أكثر من مئتين، مع لقطات مصوّرة لمدرعات الجيش وهي تحاول دهس المتظاهرين الغاضبين. لقد عادت قوات الأمن إلى قواعد الاشتباك القديمة، وسياسة احتقار الناس وإذلالهم وكسر أنوفهم. هل يمكن التخلص من سياسات عمرها أربعون عاماً... خلال أربعة أشهر؟

الاشتباكات وقعت بعد محاولة أقباطٍ الاعتصام أمام مبنى التلفزيون بالقاهرة، احتجاجاً على هدم كنيسة لم يرخّص بناؤها في أسوان. ولأن في النفوس ما فيها، تجدّدت الاشتباكات ليلاً بين شبانٍ مسلمين ومسيحيين، كان يؤمل أن يشاركوا في إخراج مصر من كبوتها.

رئيس الوزراء المصري قال بنبرةٍ حزينةٍ إن هذه الأحداث «أعادتنا إلى الوراء بدل أن تأخذنا إلى الأمام لبناء دولة عصرية على قواعد ديمقراطية سليمة». أما الجماعات الحقوقية فأخذت الملف للمحكمة الدولية في لاهاي للتحقيق فيما أسمته «إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية»، من القتل العمد والخطف والاغتصاب والتفرقة العنصرية والتمييز الممنهج ضد جماعة دينية، واستهداف مجموعة من السكان بالقتل والاضطهاد والتكفير

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3321 - الإثنين 10 أكتوبر 2011م الموافق 12 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 12:21 م

      البعض يريد تدمير الدول العربية الكبيرة عبر زرع الفتن فيها وسينجح في مسعاه من أجل تحقيق هدف لاسرائيل ... ام محمود

      بعد الأحداث المؤسفة التي وقعت في ماسبيرو وسقوط هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى والذي لم نكن نتوقع أن تحدث هذه المأساة ..العالم تفاجأ بالعنف الدموي والوحشي
      المتحدث باسم الجيش المصري يقول ان أفراد الأمن بريئيين وانهم لم يطلقوا النار ولم يدهسوا المتظاهرين ولم يكن عندهم ذخيرة حية أصلا وان هناك مندسين وبلطجية دخلوا وقتلوا وداسوا الأقباط بسياراتهم المسرعة
      أحدى الزوجات الثكلى قالت ان الدبابات لم تكن تسير في خط مستقيم انما متعرج عمدا وان زوجها مايكل وجدته مدهوس وهي لا تصدق ما حصل له
      هناك حزن وغضب

    • زائر 7 | 5:49 ص

      الورقة الطائفية

      كلهم يتعاملون بالورقة الطائفية ويهددون بالحرب الأاهلية، وبعضهم شرع فيها. لكن الله يحفظ هذه الشعوب العربية الحرة.

    • زائر 6 | 5:28 ص

      الاعلام ودورة في لم الشمل

      وبرغم ما حدث لم نسمع في الاعلام المصري من يهاجم الاقباط او يتكلم عنهم بحقد او يرميهم بالخيانة او انهم تحركهم اجندات خارجية او يشكك في ولائهم لمصر وانما يتحدثون عن حقوق ومطالب ويحاولون لم الشمل وتهدئة النفوس واصلاح ذات البين وخاصة من رجال الدين من الازهر والاقباط

    • زائر 4 | 3:12 ص

      في كل مكان حلال الا العراق حرام

      عندما توافقت مصالح المعارضة العراقية و القوى الغربية على خلع نظام صدام حسين ثارت ثائرت العرب و قالوا أحتلال و نظام عملاء جاء على دبابات المحتل و الان عندما حدث ذات الشيى في ليبيا قالوا ثوار و الكل اعترف بهم و كل شيى على ما يرام. عندما صدر قانون اجتثاث البعث بعد سقوط صدام قالوا تدمير و ابعاد و تمزيق و الان عندما تعلوا الاصوات في مصر لتطهير اجهزة الدولة من انصار النظام السابق يعلوا التصفيق. قاتل الله الطائفية العفنه التي تسللت الى كل مفاصل العقل العربي.

    • زائر 2 | 12:50 ص

      سؤال:

      لماذا لا يعاملون الشعوب العربية بالعدل؟

اقرأ ايضاً