تمثل التربية للمواطنة هدفاً عميقاً لمناهج التعليم في جميع المراحل سواء من خلال حصص الاجتماعيات وما شابهها أو من خلال حصص اللغات والإنسانيات عموماً لكن قد يغفل البعض عن أن هذا الهدف قد يجد له مجالاً للتحقق العملي – لا النظري – في حصص النوادي الإثرائية كنادي الصحافة المدرسية مثلاً. فإلى أيّ مدى يمكن للصحافة المدرسية أن تحوّل المفاهيم الأساسية والفرعية للتربية للمواطنة إلى تطبيقات عملية تحدث تغييرات إيجابية في سلوك الطلبة؟ ومن جهة أخرى هل يمكن القول إن نجاح الصحافة المدرسية في تحويل مفاهيم المواطنة إلى ممارسة حياتية هو مقياس لإعلام مدرسي ناجح؟
ليست مدارس مملكة البحرين حديثة العهد بأنشطة الصحافة المدرسية المكتوبة أو المسموعة بل إن جرداً سريعاً لمنجزات الكثير من هذه المدارس يلحظ ألواناً شتّى من الأنشطة أغلبها بمبادرات فردية أو بإيعاز من إدارة المدرسة. لكن بقيت تلك التجارب في حيّز الهواية تخبو جذوتها حيناً وتتّقد شعلتها حيناً آخر.
ثمّ أولى القائمون على مشروع الإصلاح التربوي المكانة البارزة للطالب بوصفه قطب العملية التعليميّة – التعلميّة، فشكلت بذلك المراكز الإبداعية فرصة تعلّميّة لاكتشاف المزيد من ذوي المهارات الإبداعية، ثمّ تأطيرهم بالتكوين والتدريب، وتعتبر مراكز الإبداع (صحافة وإذاعة) نموذجاً عملياً لذلك وغدا العمل داخل هذه المراكز أقرب إلى الاحترافية منه إلى الهواية وصار ينتظر من المشرف على المركز، فضلاً عن الرغبة في التنشيط، الخبرة في الميدان الصحافي وهو ما سارت الوزارة فيه قدماً بالتعاون مع إدارة الخدمات بتنظيم الملتقيات والورش لتبادل الخبرات.
هكذا يمكن الحديث ولو مجازاً عن نقلة نوعية في الصحافة المدرسية من الهواية إلى الاحتراف، وحتى نعصم الاحتراف من الانحراف نرجو إيلاء الصحافة المدرسية مزيداً مما تستحق من العناية.
هذا من جهة منزلة الصحافة المدرسية في المنظومة التعليمية، أما عن مكانة التربية للمواطنة في المشروع الإصلاحي التربوي فمكانتها كبيرة حيث يأتي إقرار مناهج التربية للمواطنة متلائماً مع التوجه الإصلاحي الذي تتبعه المملكة ومواكباً للتحوّلات الاجتماعية، فضلاً عن مواكبة التطورات العلميّة والتكنولوجيّة الحديثة التي أفرزت مفاهيم جديدة مثل مجتمع المعرفة والتعليم الافتراضيّ واقتصاد المعرفة وغيرها... كما أنّ هذه المناهج تساير التقدّم المطرد في مجال علوم التربية.
وتدعونا كلمة مواطنة إلى وضع حد مفهومي بينها وبين كلمة وطنية لاحتمال تداخل مفاهيم الوطنية والمواطنة عند البعض: الوطنيّة هي مصدر صناعيّ يعبّر عن فكرة مجرّدة هي الشعور الجمعيّ الذي يربط بين أبناء الجماعة ويملأ قلوبهم بحبّ الوطن والجماعة والاستعداد لبذل أقصى الجهد في سبيل بنائهما.
والمواطنة: هي مصدر قياسيّ على وزن مفاعلة وهو وزن يفيد المشاركة وبذل الجهد أمّا اصطلاحاً فهي العضوية في المجتمع وتتطلب المشاركة القائمة على الفهم الواعي والتفاهم وقبول الحقوق والمسئوليّات. إذاً: الوطنيّة عقيدة موجودة في الإنسان بالقوّة والمواطنة ممارسة موجودة في الإنسان بالفعل.
ولئن كانت التربية للمواطنة تمرّ عبر قنوات متعدّدة كالعائلة، وتنظيمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والثقافة، فإنّ دور المدرسة يبقى أساسيّاً ومتميّزاً في إكساب المتعلّم أدوات التفكير والنشاط التي تسمح بنقل المعرفة وتحويلها إلى خصال وممارسات نافعة من خلال مراكز الإبداع (الصحافة نموذجا). فأيّة علاقة ممكنة بين الصحافة المدرسيّة والتربية للمواطنة؟
نعم هي علاقة تكامل: إذ بالصحافة المدرسية تزكو المواطنة وبالتربية للمواطنة تنمو الصحافة المدرسية فالصّحافة المدرسيّة تمتد من قيم المواطنة وتؤسّس لها في الوقت ذاته.
ونضرب أمثلة دقيقة على ذلك:
فمن المفاهيم الكبرى للمواطنة احترام حقوق الآخرين وكرامة الإنسان وبذلك تنال احترام الآخرين لك وهذا الجانب انعكس في مقررات التربية للمواطنة بالمملكة حيث نجد أن من أهداف تدريسها في مناهج الوزارة أن تترسّخ لديه مفاهيم حقوق الإنسان وقيمها وأن يتنامى وعيه بأهميّة القوانين المعمول به في المجتمع البحريني ويعمل على ترسيخها وأن يربط بين ممارسة الحقوق والقيام بالواجبات وبالنظر إلى الأبعاد المتعددة لمفهوم الصحافة نجد أنّ الصّحافة عمل جماعيّ متكامل وعلى كلّ واحد أن يحترم عمل الآخر والصحافة مجال للتّنافس واحترام حقوق الإنسان فخلال إنجازه للنّشرة المدرسيّة مثلاً يراقب الطالب الصحافي نفسه ويتدرب عملياً على احترام الآخرين من دون تعصّب حيث يحترم حقوق الإنسان قارئاً وكاتباً ويحافظ على الطّابع الشّخصي لكتاباته.
ومن مفاهيم المواطنة أيضاً الانخراط في العقد الاجتماعي حيث إنّ الإرادة الجماعيّة أخرجت الإنسان من طور الطّبيعة (قانون الغاب) إلى طور التمدّن (سلطة القانون) حيث يسعى لحلّ الخلافات والنزاعات بواسطة القانون ومن أهداف تدريس المواطنة في مناهج الوزارة أن يدرك الطالب أهمية العدل في إرساء مجتمع الوفاق وأن يعمل على ترسيخ قيم التعايش مع الغير تحقيقاً لمبادئ الوحدة الوطنية. ومن جهة أخرى فإن الصحيفة تحترم القانون إذ الصحافة العامة تقدر مبدأ المراقبة في دولة القانون ويتجلى تطبيق ذلك في العمل الصحافي المدرسي بما هو ممارسة ثقافيّة تنضوي ضمن عقد مدرسي إذ يتدرب الطالب الصحافي على احترام اللّوائح الداخلية والقوانين المنظّمة للمدرسة. وباحترامه لقوانين المدرسة وهو يمارس عمله الصحافي يكون الطالب متعايشاً مع محيطه متحلياً بالسلوك المدني
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3314 - الإثنين 03 أكتوبر 2011م الموافق 05 ذي القعدة 1432هـ
نظرة إلى الصحافة المدرسية
شكرا على الموضوع
بودنا لو تلقي الوزارة اهتمام كبيرا بالصحافة المدرسية
وتخصص لها الامكانيات والكفاءات اللازمة والقادرة على تحقيق أهدافهى ع الموضوع
كتب المواطنة
أرجو أن تكون قد اطلعت جيدا على محتويات كتب المواطنة
وخاصة الابتدائي
صراحة بعيدة عن مفهوم المواطنة و...........
شكرا
الصراحة بعض الأمور مخلوطة في ذهن الناس حول موضوع المواطنة والوطنية لكن حاولت توضيح الفرق بينها فشكرا
ما الفرق؟
إذا كانت المواطنة: هي مصدر قياسيّ على وزن مفاعلة وهو وزن يفيد المشاركة وبذل الجهد أمّا اصطلاحاً فهي العضوية في المجتمع وتتطلب المشاركة القائمة على الفهم الواعي والتفاهم وقبول الحقوق والمسئوليّات. إذاً: الوطنيّة عقيدة موجودة في الإنسان بالقوّة والمواطنة ممارسة موجودة في الإنسان بالفعل
فلماذا لسنا جميع بقدر من المساواة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟