الواضح أن بعض المتحذلقين لا همَّ لهم هذه الأيام سوى حمل آلاتهم الحاسبة وقاموس الشتائم الخاص بهم أينما ذهبوا لإجراء حساباتهم السريعة واختيار عبارات الشتائم التي يدعمون بها موقفهم الواهن للرد على أي أرقام لا تتوافق وعقولهم المريضة بشأن نسبة المشاركين في الانتخابات التكميلية.

هؤلاء المتحذلقون يظنون أن احتساب نسبة المشاركة في الانتخابات التكميلية (فقط) من دون أرقام المشاركة في انتخابات 2010، هو خطأ وحرام وعيب وبدعة، وأن احتساب هذه الأرقام يحتاج لأشخاص «فلتة» من أمثالهم يقومون بها، لأنها عمليات حسابية معقدة ما أنزل الله بها من سلطان، ولم يقم بها إلا «آينشتاين».

في بعض الأحيان أضحك على هؤلاء المتحذلقين، ولكن في أحيان أكثر لا أملك إلا إيجاد العذر لهم والشفقة عليهم، لأن النتيجة الحقيقية لنسبة المشاركين في الانتخابات التكميلية (التكميلية فقط) نزلت كالصاعقة عليهم، وهم بصراحة معذورون في ذلك، لأن النتيجة خسرتهم الكثير من الرهانات.

أذكر أني حين كنت في المرحلة «الابتدائية»، كانت إحدى معلماتي الفاضلات، وفي محاولة منها لتغيير أجواء الصف الدراسي الجاد في حصة الرياضيات - وبالمناسبة «الرياضيات» هي حصة تعلم حساب الأرقام لمن يتعذر عليه فهم معناها - تقسمنا إلى فريقين للعب لعبة اسمها «الملكة»، لتنشيط ذاكرتنا بشأن جدولي الضرب والقسمة، والحق أننا كنا نجد متعة في استرجاع ذاكرتنا الحسابية عبر هذه اللعبة، والتي يتم تنصيب الفائزة منا فيها «ملكة» على الصف بالمعنى المعنوي.

وأعتقد بأن هؤلاء المتحذلقين بحاجة لإنعاش ذاكرتهم الحسابية عبر لعب هذه اللعبة مع أصدقائهم المتحذلقين، فهي لعبة مرحة ومفيدة وخصوصاً في هذا الوقت.

بالعودة إلى معالي وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، والذي تفضل مشكوراً بشرح آلية احتساب الأصوات المشاركة في تشكيل البرلمان في المؤتمر الصحافي الذي عقده لهذا الغرض بعد يومين من الانتخابات التكميلية، فإنه - وبغض النظر عن الآلية التي احتسب بها نسبة المشاركة في مجلس النواب - إلا أنه وفي الوقت نفسه لم يتفضل بالإجابة على سؤال وجهه إليه أكثر من صحافي بشأن نسبة المشاركة في الانتخابات التكميلية فقط من دون انتخابات 2010، وقال: «إن دوري يقوم على تقديم نسبة المشاركة في البرلمان، ومن خلال الأرقام التي زودناكم بها، يمكنكم احتساب نسبة المشاركة في الانتخابات التكميلية».

باللغة العربية - ومجدداً لمن لا يفقه العربية جيداً - فإن موقف الوزير هنا يطلق عليه «تحاشي» ذكر رقم أو نتيجة معينة لنسبة المشاركة، ولكنه ذكر «يمكنكم حساب النسبة بأنفسكم»، لأنه يعلم أن هذه العملية الحسابية، ليست بحاجة إلى فتاوى «فلتات» في الأمر، فهو لا يعدو كونه عملية ضرب واحدة وقسمة واحدة، ولمحاولة تبسيط العملية التي يعجز البعض عن فهمها، فإن (عدد المشاركين في الانتخابات التكميلة 100x / عدد الناخبين = نسبة المشاركة في الانتخابات التكميلية).

بصراحة، لا أقول إلا أعان الله هؤلاء المتحذلقين بعد نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التكميلية، لأنهم سيقعون في «حيص وبيص» في إجراء عملياتهم الحسابية التي ستصبح أكثر تعقيداً من جهة، ومن جهة أخرى في إيجاد المزيد من الردود «الفلتة» على من يختلفون معهم في الرأي