(خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 سبتمبر / أيلول 2011): أود أن أتحدث إليكم عن موضوع راسخ في صميم الأمم المتحدة، ألا وهو موضوع السعي إلى تحقيق السلام في هذا العالم غير المثالي.
لقد رافقتنا الحروب والنزاعات منذ بدء الحضارات، إلا أن تطور الأسلحة الحديثة في العقود الأولى من القرن العشرين قد تسبب في قتل أعداد هائلة، وكان هذا القتل هو الذي أجبر مؤسسي هذه الهيئة على بناء مؤسسة تركز ليس فقط على إنهاء حرب واحدة، بل على تجنب حروب أخرى؛ إنه اتحاد للدول ذات السيادة التي تسعى إلى منع نشوب الصراعات، في حين تعالج أيضاً أسبابها.
لم يعمل أي أميركي في سبيل تحقيق هذا الهدف أكثر من الرئيس فرانكلين روزفلت. فقد كان يدرك أن النصر في الحرب لم يكن كافياً. وكما قال في أحد الاجتماعات الأولى بعد تأسيس الأمم المتحدة: «علينا أن نصنع سلاماً، وليس مجرد سلام، بل سلاماً سيدوم».
فقد أدرك الرجال والنساء الذين بنوا هذه المؤسسة أن السلام هو أكثر من مجرد غياب الحرب. إن السلام الدائم - للدول والأفراد - يعتمد على حس العدالة والفرص، الكرامة والحرية، ويعتمد على الكفاح والتضحية، على التسوية، والشعور بالإنسانية المشتركة.
وعبّرت عن ذلك إحدى المندوبات إلى مؤتمر سان فرانسيسكو الذي أدى إلى إنشاء الأمم المتحدة بشكل جيد، حيث قالت إن «الكثير من الناس تحدثوا وكأنَّ كل ما علينا القيام به للحصول على السلام هو... القول بصوت عالٍ وبشكل متكرر إننا نحب السلم ونكره الحرب. والآن فقد تعلّمنا أنه مهما أحببنا السلام وكرهنا الحرب، لا يمكننا تجنب الحرب التي تُفرض علينا إذا كانت هناك تشنجات في أجزاء أخرى من العالم».
والحقيقة هي أن السلام ليس بالأمر السهل، ولكن شعوبنا تطالب به. على مدى نحو سبعة عقود، وحتى عندما ساعدت الأمم المتحدة في تجنب حرب عالمية ثالثة، لا نزال نعيش في عالم مزقته الصراعات ويعاني من الفقر. حتى عندما نعلن حبنا للسلام وكراهيتنا للحرب، هناك تشنجات في عالمنا وهي تشكل خطراً علينا جميعاً.
تسلمت منصبي في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تخوض حربين. وبالإضافة إلى ذلك، كان المتطرفون العنيفون الذين جرونا إلى الحرب في المرة الأولى - أسامة بن لادن وتنظيم «القاعدة» - لايزالون طليقين.أما اليوم؛ فقد حددنا اتجاهاً جديداً.
في نهاية هذا العام، ستنتهي العمليات العسكرية الأميركية في العراق.وستكون لدينا علاقة طبيعية مع دولة ذات سيادة هي عضو في الأسرة الدولية. وستتعزز هذه الشراكة من خلال دعمنا للعراق - ولحكومته ولقواته الأمنية، ولشعبه ولتطلعاته.
وبينما نحن ننهي الحرب في العراق، بدأت الولايات المتحدة وشركاؤنا في التحالف مرحلة انتقالية في أفغانستان. وبين الآن والعام 2014، وبعد تحسن قدراتها، ستتسلم الحكومة وقوات الأمن الأفغانية مسئولية مستقبل بلادها وفي هذه الأثناء سنقوم بسحب قواتنا، بينما نبني شراكة دائمة مع الشعب الأفغاني.
لذلك لا تدعوا الشك يساوركم: لقد بدأت موجة الحرب تنحسر. فعندما تسلمت منصبي، كان هناك نحو 18 ألف أميركي يخدمون في العراق وأفغانستان. وبحلول نهاية هذا العام؛ سيتم خفض هذا العدد إلى النصف، وسيستمر في الانخفاض، وهذا الأمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى سيادة العراق وأفغانستان، وهو أيضاً بالغ الأهمية بالنسبة إلى قوة الولايات المتحدة ونحن نبني وطننا في الداخل.
علاوة على ذلك، إننا متأهبون لإنهاء هذه الحروب من موقف قوة. فقبل عشر سنوات، كان هناك جرح مفتوح وأعمدة حديد ملتوية وقلوب منكسرة في وسط هذه المدينة.أما اليوم، ومع ارتفاع البرج الجديد في موقع أرض الكارثة، الذي يرمز إلى تجدد نيويورك، ترزح «القاعدة» تحت وطأة الضغوط أكثر من أي وقت مضى. وقيادتها تعرضت لضربة قاصمة. ولن يتمكن أسامة بن لادن، الرجل الذي قتل الآلاف من الناس في عشرات البلدان، أن يشكل خطراً على السلام في العالم مرة أخرى.
لذلك؛ نعم، لقد كان هذا العقد صعباً. لكننا اليوم، نقف على مفترق طرق من التاريخ مع وجود فرصة للسير بطريقة حاسمة في اتجاه السلام. وللقيام بذلك، يجب أن نعود إلى حكمة أولئك الذين أوجدوا هذه المؤسسة.إذ إن ميثاق تأسيس الأمم المتحدة يدعونا إلى «توحيد قوانا للمحافظة على السلام والأمن الدوليين». والمادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لهذه الجمعية العامة يذكرنا بأن «جميع الناس يُولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق». وتلك المعتقدات الصلبة - في مسئولية الدول، وحقوق الرجل والمرأة - يجب أن تكون مرشدنا.
وفي هذا الجهد، لدينا كل سبب يدعونا إلى الأمل، فقد كان هذا العام فترة للتحولات الاستثنائية.وتقدمت المزيد من الدول للمشاركة في حفظ السلام والأمن الدوليين. ويطالب المزيد من الأفراد بحقوقهم الإنسانية العالمية للعيش بحرية وكرامة.
فإذا فكرنا في ذلك: منذ سنة خلت، عندما اجتمعنا في نيويورك كان احتمال نجاح الاستفتاء في جنوب السودان موضع شك. ولكن الأسرة الدولية تخطت الانقسامات القديمة لدعم الاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه لإعطاء جنوب السودان حق تقرير المصير. وفي الصيف الماضي، وبينما ارتفع العلم الجديد في جوبا، ألقى الجنود السابقون أسلحتهم، وبكى الرجال والنساء فرحاً، وعرف الأطفال أخيراً وعد التطلع إلى المستقبل الذي سيحددون شكله.
ومنذ سنة مضت، اقترب شعب ساحل العاج من إجراء انتخابات مهمة. وعندما خسر رئيس الجمهورية آنذاك، ورفض احترام النتائج، رفض العالم أن يغض الطرف وينظر إلى الجهة الأخرى. فقد تعرضت قوات حفظ السلام التابعة إلى الأمم المتحدة للمضايقات، لكنها لم تترك مراكزها. تضافر أعضاء مجلس الأمن واجتمعوا معاً، بقيادة الولايات المتحدة ونيجيريا وفرنسا، لدعم إرادة الشعب. والآن يحكم ساحل العاج الرئيس الذي انتخبه الشعب لقيادة البلاد.
ومنذ سنة مضت، قُمعت آمال الشعب التونسي. لكنهم اختاروا كرامة الاحتجاج السلمي ضد الحكم بقبضة من حديد. فقد أشعل بائعٌ عودَ كبريت قضى على حياته، لكنه أشعل حركة.وفي مواجهة الإجراءات الصارمة وحملة القمع، هتف الطلاب بكلمة «حرية». ورجحت كفة ميزان الخوف من جهة الحاكم لصالح أولئك الذين كان يحكمهم. والآن يستعد الشعب التونسي لإجراء الانتخابات التي ستنقلهم خطوة أقرب نحو الديمقراطية التي يستحقونها.
ومنذ سنة مضت، كانت مصر لا تعرف سوى رئيس واحد منذ نحو ثلاثين عاماً. لكن أعين العالم ظلت على مدى 18 يوماً مركزة على ميدان التحرير، حيث تجمع المصريون من جميع مناحى الحياة - رجالاً ونساءً، شيباً وشباناً، ومسلمين ومسيحيين – ليطالبوا بحقوقهم الإنسانية العالمية. ورأينا في أولئك المحتجين القوة المعنوية لنبذ العنف الذي أشعل العالم من دلهي إلى وارسو، ومن سلمى إلى جنوب أفريقيا، وكنا نعرف أن التغيير قد جاء إلى مصر والعالم العربي.
غباغبو، والرئيس بن علي، ومبارك لم يعودوا في السلطة. أسامة بن لادن انتهى، والفكرة القائلة بأن التغيير لا يأتي إلا من خلال العنف قد دُفنت معه.هناك شيء ما يحدث في عالمنا. لن تعود الأمور إلى ما كانت عليه. والقبضة المذلة للفساد والطغيان قد فُتحت عنوة. وقد أصبح الطغاة المستبدون تحت المراقبة. إن التكنولوجيا تضع السلطة في أيدي الشعب. ويسدد الشباب ضربة قوية ضد الديكتاتورية، ويرفضون الكذبة القائلة بأن بعض الأعراق والأديان والأقوام لا يرغبون في الديمقراطية. وأصبح الوعد المكتوب على الورق بأن- «جميع الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق»- قاب قوسين أو أدنى.
ولكن دعونا نتذكر أن: السلام صعب المنال. السلام صعب المنال وليس بالأمر السهل. ويمكن عكس مسار تقدمه. والازدهار يأتي ببطء. ويمكن للمجتمعات أن تتفتت. يجب أن يكون المعيار لنجاحنا هو ما إذا كان الناس يستطيعون العيش بحرية، وكرامة، وأمن على الدوام. ويجب على الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها القيام بدورهم لدعم تلك التطلعات الأساسية. وهناك المزيد من العمل الذي يجب علينا القيام به.
في إيران، شهدنا حكومة ترفض الاعتراف بحقوق شعبها.وبينما نحن نجتمع هنا اليوم، يتعرض الرجال والنساء والأطفال للتعذيب والاعتقال والقتل على يد النظام السوري. فقد قُتل الآلاف من الناس، والكثير منهم خلال شهر رمضان. وتدفق آلاف آخرون عبر الحدود السورية. وقد أظهر الشعب السوري الكرامة والشجاعة في سعيه لتحقيق العدالة - يحتجون سلميّاً، يقفون بصمت اعتصاماً في الشوارع ويموتون في سبيل القيم نفسها التي يفترض أن تدافع عنها المؤسسة. والسؤال بالنسبة إلينا واضح:هل نقف إلى جانب أبناء الشعب السوري، أم إلى جانب مضطهديهم؟
لقد فرضت الولايات المتحدة بالفعل عقوبات قوية على القادة السوريين.وأيدنا عملية انتقال السلطة التي تستجيب لمطالب الشعب السوري. وقد انضم إلينا في هذا الجهد الكثير من حلفائنا. ولكن لصالح سورية - والسلام والأمن في العالم - يجب أن نتكلم بصوت واحد.لا يوجد أي مبرر للتقاعس عن العمل. الآن هو الوقت المناسب لمجلس الأمن الدولي لفرض العقوبات على النظام السوري، والوقوف مع الشعب السوري.
وفي سائر أنحاء المنطقة، علينا أن نستجيب لدعوات التغيير. ففي اليمن، يتجمع الرجال والنساء والأطفال بالآلاف في المدن وساحات المدن في كل يوم على أمل أن يتغلبوا بقوة تصميمهم وعزمهم وبدمائهم على النظام الفاسد. وأميركا تدعم هذه التطلعات. لذلك يجب علينا أن نعمل مع جيران اليمن وشركائنا في جميع أنحاء العالم من أجل التوصل إلى المسار الذي يسمح بالانتقال السلمي للسلطة من الرئيس صالح، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في أقرب وقت ممكن.
وفي البحرين، تمّ اتخاذ خطوات في اتجاه الإصلاح والمساءلة.نحن مسرورون بذلك، ولكن المطلوب أكثر. أميركا هي صديق مقرّب من البحرين، وسنستمر في دعوة الحكومة وكتلة المعارضة الرئيسية - الوفاق - إلى السعي من أجل إجراء حوار جاد يؤدي إلى تغيير سلمي يستجيب لتطلعات الشعب. ونحن نعتقد أن الوطنية التي تربط البحرينيين معاً يجب أن تكون أقوى من القوى الطائفية التي من شأنها أن تمزقهم. إنه أمر صعب لكنه ممكن
إقرأ أيضا لـ "باراك أوباما"العدد 3310 - الخميس 29 سبتمبر 2011م الموافق 01 ذي القعدة 1432هـ
من أقوال اسحاق نيوتن: نحنُ نبني الكثير من الجدران والقليل من الجســــــــور .. ( وهذا القول ينطبق على امريكا ).... ام محمود
وقال أيضاً ..الكياسة هي في تحقيق هدف من دون صنع أعـــــــــــــداء
أما ابراهام لنكولن فقال : معظم الرجال تقريباً يمكنهم تحمل الصعاب لكن ان أردت اختبار معدن رجل فاجعل له ســـــــــــــــلطة
رسالتي التي أقدمها لجميع الزعماء بان يستفيدوا من دروس الثورات العربية وما حدث لبعض القادة العرب الذين كانوا في يوم من الأيام يتخيلون انهم يحكمون الكون وان عروشهم لن تهتز أبداً وأموالهم و ممتلكاتهم لن تتغير وانهم باقون للأبد في النعيم
ما أصابهم يمكن يصيب القادة الغربيين خاصة ممن أضاع بوصلة العدل والانصاف
نعم، لقد كان هذا العقد صعباً. لكننا اليوم، نقف على مفترق طرق من التاريخ... ام محمود
خطاب رائع و مؤثر جداً يا سيادة الرئيس اوباما لكن يا ريت امريكا تطبق كل ما جاء فيه لأصبحت الدولة المثالية والملائكية في العالم
نتفق معك بان الحروب والنزاعات رافقتنا منذ بدء الحضارات وان تطور الأسلحة الحديثة تسبب بقتل أعداد هائلة لكن يا ترى من هي الدولة المثيرة والصانعة للحروب غيركم يا سيد باراك ومن هم أصحاب التشنجات على قولتك غير أصدقائكم
أنا أختلف معك في نقطة واحدة وهي ان الســـــــــلام ليس صعب المنال إذا ما تضافرت الجهود لتحقيقه
نحن رأينا بمن قام بخنق عملية السلام وقتله
وتفجير المنطقة با
سلام
انتم اّخر ناس تتكلمون عن السلام ( لن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم )