العدد 3308 - الثلثاء 27 سبتمبر 2011م الموافق 29 شوال 1432هـ

الهروب من الأزمات... لا يضع لها حلاً

محمد حسن العرادي comments [at] alwasatnews.com

حين تغمض عينيك فإن المشاكل التي تعاني منها لا تذهب بعيداً، كما أن التحديات التي تواجهك تظل ماثلة أمام ناظريك حتى وأنت مطبق بأجفانك مخافة رؤيتها، لذا فإن أفضل حل للتخلص مما تعانيه من مشاكل وما يواجهك من تحديات هو أن تواجهها وتتعامل معها بجدية عبر تحديد مدى خطورتها وتأثيراتها على واقعك ومستقبل حياتك.

وكذلك الأمر مع المشاكل والتحديات التي تواجه الدول، لا يمكن أن تجد لها الحلول الناجعة عبر إنكارها والانشغال عنها بقضايا خارجية، أ و من خلال إلقاء المسئولية واللوم على أطراف ومؤامرات خارجية، ذلك بأن هذا النوع من السلوك إنما يطول عمر الأزمات ويزيد من تداعياتها والخسائر المترتبة عليها. ودون شك فإننا في البحرين نعيش النموذجين من المشاكل المجتمعية والرسمية وللأسف فإننا في الحالتين نتعامل معهما بالوسيلة ذاتها والسلوك نفسه المبني على الهروب والادعاء بأن ما يحدث إنما يتم بفعل فاعل، أو نتعامى عما يجري وننكر أن هناك مشاكل حقيقية بحاجة لمن يتصدى لها ويبحث لها عن حلول، لقد آن الأوان لأن نعترف بأننا أمام في البحرين أمام مفترق طرق، ولابد لنا أن نختار طريقاً بعينه، طريق يخرجنا من المشاكل والأزمات التي نعاني منها كأفراد وإن من البديهي القول بأن من يخلقون الأزمات عبر ممارساتهم وأفعالهم على مدى سنوات وعقود قد يكونون غير قادرين على الخروج من هذه الأزمات ، ذلك لأنهم لوكانوا قادرين على إيجاد الحلول والمخارج لما تفاقمت وتراكمت بفعل أعمالهم هذه الأزمات، وقد يكون مرد ذلك أحد أمرين لا ثالث لهما، فإما أن يكونوا هم جزءاً من المشاكل والأزمات، وإما أن يكون اعتقادهم بأن ما يفعلونه هو عين الصواب وبالتالي لا ينظرون له كأخطاء أو مشاكل، وإنما يتعاملون معه كنوع من التطوير والإبداع وهو ما يرتب تفاقماً للمشاكل ونسخاً مكرراً ومملاً للأزمات، ودون شك فإن الخيار الثاني أكثر كلفة وضرراً وهو ما نشاهده ونعيش نتائجه الكارثية على جميع المستويات في البحرين.

إن الهروب والتزييف للحقائق لن يغير من الأمر شيئاً، ولابد من مواجهة إفرازات الأزمة بجدية بعيداً عن التسطيح، والبحث في أسبابها وجذورها، بهدف معالجتها وليس التستر عليها، وتشتيت الناس عبر التركيز على مشاكل الدول الأخرى، ومرة أخرى يصدق قول مظفر النواب: ويدافع عن كل قضايا الكون ويهرب من وجه قضيته.

اليوم نحن أحوج ما نكون إلى الكلمة الصادقة والتشخيص الدقيق حتى نستطيع الخروج من الأزمات التي تعصف بنا، نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن لدينا أزمة ثقة، ولدينا قطاعات واسعة من الشعب تشعر بالغبن والاضطهاد، ولدينا فئات كبيرة من المواطنين تشعر بالتهميش والازدراء، ولدينا شعور عام وجارف بفقدان الحرية وحق المشاركة المتساوية في العملية الديمقراطية، وحق الحصول على الخدمات والحقوق كافة بعيداً عن التقسيم الطائفي، وحق الشعور بالأمان النفسي والوظيفي، وألا تنتهك حرياتنا الشخصية والدينية والثقافية، وألا تستباح حرمات ومنازل ومقدسات لمجرد نزوة عند فئة أو جهة.

إن الخروج من هذه المشاكل يحتاج إلى مكاشفة ومصارحة وأن تبدي الجهات المسئولة قدراً كبيراً من المرونة والتفهم والاستعداد لإطلاق ورشة إصلاح سياسي كبيرة ترتكز على مبادئ ومواثيق حقوق الإنسان المقرة والمعترف بها دولياً، كما يجب أن يتم إعادة الاعتبار لجميع الأفراد والفئات كافة التي تم استهدافها وحرمانها من أبسط حقوق المواطنة بما في ذلك إعادة مكتسباتها وإرجاعها إلى مواقع المسئولية التي كانت تشغلها والتوقف عن وصمها بالخيانة والعمالة للخارج.

إننا بحاجة اى نشر ثقافة الاعتراف بالآخر وتمتعه بحقوق المواطنة كافة، وتشييد قاعدة سياسية واجتماعية جديدة صالحة لبناء شكل سياسي جديد يلبي شروط المشاركة السياسية الفاعلة من خلال نظام برلماني فعال قادر على المحاسبة والتقويم مرتبط بنظام انتخابي عادل، وهكذا نواجه مشاكلنا ونحل أزماتنا بأنفسنا ونستعيد وحدة شعبنا وبلادنا

إقرأ أيضا لـ "محمد حسن العرادي"

العدد 3308 - الثلثاء 27 سبتمبر 2011م الموافق 29 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:31 ص

      كلام اكثر من رائع

      تسلم و موفق ان شاء الله ، صحيح و لكن بعض الاشخاص يعلمون انهم ليسوا على صواب و لكن يبقون على ما هم عليه من اجل كبريائهم و طغيانهم .

    • زائر 3 | 2:30 ص

      المنامة

      شكرآ على مقالك أخ محمد.
      إذا اختفى العدل من الأرض لم يعد لوجود الإنسان قيمة.

اقرأ ايضاً