هرباً من صخب الحياة وضجيجها وبعيداً عن السياسة اخترت ان أحدثكم اليوم عن جارتي الرائعة، «أم خليل» المرأة الآسيوية التي اختار لها قدرها ان تعيش وسط أزقة المنامة، وان ترتبط برجل من رجالاتها بعد فقدانه البصر رعاية له وطمعاً في الأجر. كانت تلك بداية انخراطها في المجتمع، لم تكن هذه المرأة على شاكلة الكثير من الأجنبيات اللاتي يتزوجن بخليجيين طمعاً في الثروة لكنها تزوجت من هذا الرجل كبير السن وفاقد البصر وقليل الحيلة والمال بعد طلب أخيه منها رعايته.
حياة هذه المرأة بسيطة وتكاد تكون معدمة، تعيش هي وعائلتها على الفتات الذي تقدمه لها بعض العائلات الصديقة، لكنها في الوقت ذاته امرأة تملك من عزة النفس ما يمنعها من قبول صدقات الآخرين إلا بما يضمن استمرار حياتها، باختصار يمر يومها في رعاية زوجها ثم تتوجه لرعاية الآخرين، تنتقل من بيتٍ إلى آخر تساعد كبار السن في الحي في تأدية أعمال المنزل الثقيلة، أو شراء الحاجيات نيابة عن المتقدمات في السن، وعندما ينتصف الليل تجلس في إحدى زوايا المنزل تخرج قائمة المرضى والموجوعين وتصلي من أجلهم.
لقد أثارت هذه المرأة على الدوام إعجابي، لصبرها وتحملها ورضاها بكل ما قدره الله لها، وما رزقه إياها، منذ أيام قالت: «التقيت إحدى النساء الفقيرات فأعطيتها نصف ما أملك من مال ومضيت فما وصلت المنزل حتى ارسل الله لي من أعطاني ضعاف ما أعطيتها، هكذا هو الله نعطي لعباده بيد ويعطينا بأياد» لو أننا جميعنا تبنينا نظرتها هذه للحياة لما اشتكى فينا احد من فقر أو مشقة، لو امتلكنا شجاعة اقتسام ما يجود به الله علينا مع الآخرين لما بقي فينا محتاج يشتكي العوز والفاقة، لو فكرنا قليلاً في كيف سيعيش الآخر حين يكون محروماً، ولو امتلكنا قليلاً من الإنسانية كي نتخيل انفسنا مكانه لما استطعنا ابتلاع لقمة هانئة وأخونا أو جارنا أو صديقنا أو أي احد تطرق حاجته أبوابنا فنصم آذاننا عنها وندعي أن الدنيا بخير.
تذكرني حياتها دائماً بأسطورة صينية قديمة تذكر أن أماً فقدت ابنها وصعب عليها تقبل الأمر فذهبت للحكيم فسألته أن يرجعه بأي ثمن فطلب منها أن تأتي له بحبة خردل من بيتٍ لم يعرف الحزن أبداً وتراءى لها أن ما طلبه الحكيم أسهل ما يمكن أن يطلب وهمت بالبحث عن حبة الخردل في بيوت القرية وفي كل بيت كانت هناك حكاية ودمعة ومع كل زيارة كانت المرأة تخرج حاملة مسئولية أهل البيت والاعتناء بهم ومع الأيام نسيت انها كانت تبحث عن حبة خردل فالذوبان في مشاكل ومشاعر الناس أخرج تلك المرأة من مرارة فقدان ابنها، وهكذا فعلت جارتي انصهرت بهموم الناس ومشكلاتهم حتى باتت لا تجد غير كلمات الشكر والثناء على ما تعيشه وما يكتبه الله لها
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3302 - الأربعاء 21 سبتمبر 2011م الموافق 23 شوال 1432هـ
HSA
VERY GOOD ARTCLE.. THANK FOR AM KHALEEL
بوفهد
صح الله لسانك يا اميره
شكرا يا أبنتي العزيزة
وأعذريني بمناجاتك بأبنتي لانك فعلا اولا فى مقام بنتي وثانيا على مسمي أبني التوأم الثانية وهى بسنك تقريبا أشكر لك عبق كلماتك ويجزيك الله خير الاحسان لصنيعك بكلمة طيبة أصلها ثابت فى الارض وفروعها فى السماء فشكرا لك يا بنتي
الكلمة الطيبة
شكرا الى الكاتبة المبدعة الداعي الى الكلمة الطيبة التي بحد ذاتها صدقة ولكن أين بقية الكتاب الذين يتفنون في صنع الكلمة النشاز والمقززة الى النفوس عن الكلمة الطيبة!!!.
مقال رائع
إن مقالك اليوم اكثر من روعة... اسلوبكِ في عرض قصة "ام خليل "ابكاني صباحا لانه ذكّرني الى حد ما بما عانته امي رحمها الله..... تركيزكِ على القضايا الاجتماعية وما يجب علينا القيام به يحسب لك يا اختي الفاضلة... اشكركِ من اعماق قلبي.. شكرا
يا دانه المنامه
غير صدقه المال هناك صدقه الكلمه الطيبه وكلمه الحق التي هي في بعض الاحيان ابرك عند الله من اموال الدنيا قاطبه ربما بكلمه حق امام صاحب قرار تنقد امه بأكملها اجرها اكبر من اجر من تصدق بقناطير الذهب والفضه