تلقى شعب البحرين برمته، صبيحة يوم الخميس (1 سبتمبر/ أيلول 2011 ) ضربة موجعة في خاصرته، برحيل القائد المناضل الشجاع الوطني والقومي والأممي وأبو الفقراء والمسحوقين في البحرين، الأب الروحي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) المهندس عبدالرحمن محمد النعيمي، عن عمر يناهز 66 عاماً، إلى جوار ربه راضياً مرضياً بكل ما قدمه من تضحيات جسام من أجل البحرين وشعبها الذي لايزال يحمل حلم هذا المناضل بوطن يتسع للجميع.
الأب القائد والرمز أبوأمل، الذي رحل في أشد الأوقات حساسية في الساحة البحرينية، على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وقف دائماً مواقف نضالية مشرفة وأبوية صادقة ومخلصة ومدافعة عن قضايا شعب البحرين برمته، وكذلك القضايا الإنسانية المتعددة، من دون كلل أو تعب أو رغبة في نيل الامتيازات ومكاسب الجاه والمال، فهو قد بدأ حياة النضال الطويلة التي استمرت زهاء أكثر من 50 عاماً من الزمن، منذ زهرة شبابه عندما كان يتلقى علومه في مدارس البحرين الابتدائية والإعدادية والثانوية وحتى تخرجه من الجامعة الأميركية في بيروت في ستينيات القرن الماضي (1966)، حيث شارك في العديد من التظاهرات الطلابية والتحركات الاحتجاجية الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والكرامة الوطنية والاستقلال وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية الدستورية المنشودة في البحرين، ومختلف القضايا المساندة الداعمة لتحرير فلسطين من براثن الصهيونية، والأقطار العربية من الاحتلالات الأجنبية الغاشمة، وانخرط في العديد من التنظيمات السياسية المعارضة في البحرين والخليج من بينها حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج والجبهة الشعبية في البحرين الذي ظل على رأسها أميناً عاماً طوال سنوات النضال السري في البحرين والمنافي القسرية في بعض العواصم العربية، وكان مؤسس أول جمعية سياسية معترف بها رسمياً في الخليج هي جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، ولم يكتفِ بذلك بل حمل هموم الشعوب العربية والأممية في نضالاتها من أجل الحرية والكرامة والاستقلال والتبعية الأجنبية، بصرف النظر عن العرق أو الجنس أو المعتقد، وظل مدافعاً شرساً وقوياً عن الحق والعدل والكرامة الإنسانية في وجه الطغيان وانتهاكات حقوق الإنسان وكل القيود السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حاولت فرضها بالقوة والقمع الأنظمة الاستبدادية ضد شعوبها ومنعها من نيل حريتها واستقلالها واختيار أنظمتها السياسية الوطنية وعلاقاتها الخارجية.
وطوال فترة حياته في النضال الوطني، وقف عبدالرحمن محمد النعيمي، إلى جانب قضايا الفقراء والبؤساء من شعب البحرين، ولم تستطع أدوات أية سلطة قمعية، أن تهزم إرادته أو تحبط عزيمته في النضال، أن تفعل شيئاً للإضرار بشعبيته وسمعته وصموده، حيث احتل هذا القائد الفذ مرتبة الرمز والأب الروحي لكل المناضلين والطامحين لبناء الوطن الذي يتسع للجميع في البحرين.
تعرفت على المناضل الشجاع النعيمي، في بيروت في العام 1979 عندما كنت أعيش في المنفى القسري نتيجة حقبة القمع التي سادت في البحرين خلال سنوات قانون ومحاكم أمن الدولة السيئة الصيت، ورافقته في دروب النضال طوال 20 عاماً في المنافي البعيدة، ووجدت فيه روح النخوة والشهامة وتقديم المساعدة للمحتاجين، والصدق والدفاع الشديد عن قضايا شعب البحرين وكل الفقراء والمحرومين في مختلف بقاع العالم، وقد حمل على أكتافه راية النضال وتعريف قضايا شعب البحرين في المؤتمرات والمنتديات والتظاهرات والعديد من وسائل الإعلام في مختلف العواصم العربية والعالمية.
وعندما عاد النعيمي من المنفى القسري الذي استمر أكثر من 40 عاماً، إلى الوطن بعد الانفراج السياسي في العام 2001، واستقبلته بمعية رفيق دربه في النضال المهندس عبدالنبي العكري، في مطار البحرين الدولي آلاف الجماهير من مختلف الفئات والتيارات والطوائف البحرينية، عرضت عليه الكثير من الامتيازات السياسية والمادية والمعنوية التي رفضها بقوة، وتخلى عنها من أجل متابعة طريق النضال وتحقيق أحلام وطموحات وأماني شعب البحرين في بناء الدولة البرلمانية الدستورية التي ناضلت واستشهدت من أجلها أجيال من شعب البحرين.
منذ ذلك الوقت كان النعيمي بطلاً شامخاً في النضال، لا تهز شخصه القوي الرياح ولا العواصف ولا الإغراءات، ويحظى بمحبة الناس جميعاً سواء على المستوى الوطني أو العربي أو الدولي الذين عايشوا حياته النضالية والاجتماعية عن قرب، التي عرفت بنموذج الأب الروحي والمناضل الصلب.
رحل القائد المناضل عبدالرحمن محمد النعيمي، إلى جوار ربه راضياً مرضياً بكل ما قدمه من تراث وارث نضالي مشهود له من الجميع، وحياة حافلة بالعطاء والتضحيات الجسام من أجل الشعب والوطن، لكن يبقى الأمل في حياة الأجيال التي تشربت أفكارها وثقافاتها وأحلامها من ينابيع الأفكار الصادقة والمخلصة التي ضحى من أجلها طوال حياته.
رحم الله المناضل الأب عبدالرحمن النعيمي وأدخله فسيح جناته مع كل الشهداء الأبرار
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 3284 - السبت 03 سبتمبر 2011م الموافق 04 شوال 1432هـ
ستراوى اصيل
رحمك الله ابا امل انت ستظل في قلوبنا الى الابد الى جنة الخلد
شكراا على هذا المقال
سوف يكون في الذكرة واسمة سوف يخلد
االى جنات الخلود
يذكرني
يذكرني بالماضي الذي لم أولد فيه و لكنني قرأت عنه ، يذكرني بخلفه شريف ، يذكرني بعبارة " الحياة وقفة عز " ، يذكرني بالوحدة بين الكل و التي كانت آنذاك من دون تصنيفات او مسميات ، رحمك الله يا أبا امل
مناضل شريف
نعم يستحق هذا المناضل الشريف أن يخلد اسمه في التاريخ وكل هذه الكلمات لاتفي بحقه رحمه الله واسكن روحه الطاهرة مع الشهداء الابرار .
وجع الغياب
رحمه الله و ادخله فسيح جناته
و نعم الرجال