ربما يكون عيد فطر العام 2011 من أحزن الأعياد التي مرّت على البحرين، ففي هذا العيد فُجعت البحرين بمقتل طفل صغير لا يتعدى عمره 14 عاماً، ورغم كل الروايات التي أثيرت حول القضية أو اختلقت، إلا أنها بقت قضية سياسية مرتبطة بما تشهده البحرين منذ الرابع عشر من فبراير/ شباط وحتى الآن.

وزارة الداخلية والنيابة العامة تؤكدان بأن الأدلة في القضية شحيحة جداً، ونفتا بشدة أن تكون الوفاة نتيجة إصابة الطفل بمقذوف غاز مسيل للدموع خلال تعامل أمني، ولذلك رصدت وزارة الداخلية ولأول مرة في تاريخها مكافأة مالية (10 آلاف دينار) لمن يرشدها لأي معلومات بشأن القضية والجاني أياً كان.

وعلى إثر ذلك توجه لمركز شرطة مدينة عيسى حتى الآن أربعة شهود شهدوا الواقعة عن قرب ووقدوما تفاصيل الحادث ومجرياته وملابساته، وأصبحوا بشهادتهم ركيزة أساسية في القضية، ففي ظل غياب الأدلة المادية، فإن الشهود على الواقعة يصبحون أساساً مهماً من أسس الاستدلال.

كما بات من الضروري إما تكذيب شهادات الشهود وإثبات ذلك بالقرائن والحجج، أو تأكيدها والأخذ بها.

ما لا يمكن أن نتصوّره أبداً أن يتم تهميش شهادة الشهود في هذه القضية بالشكل الذي شاهدناه، إذ لم يتم التركيز عليهم، أو حتى الكشف عن طبيعة شهادتهم، وإلى من وجهوا الاتهامات؟ وهل كانت شهادتهم متطابقة، أم مختلفة؟ وهل وجهوا الاتهام لطرف معين أم لأكثر من طرف؟

كما أننا لم نسمع عن استدعاء أي طرف للتحقيق، بعد سماع شهادات الشهود الأربعة، كما لا يمكن أبداً في ظل غياب الأدلة المادية ألا يتم التركيز على شهادة الشهود، حتى وإن جاءت بعكس ما تراه الجهات الرسمية، أو تتمناه.

شهادة الشهود أصبحت عمود خيمة قضية الطفل علي جواد الشيخ، وشهادة الشهود هي من ستقودنا إلى الحقيقة التي يبحث عنها الجميع بما فيها وزارة الداخلية والنيابة العامة، وبالتالي فإن شهادة الشهود الأربعة وكيفية التعامل معها ستثبت لنا مدى الجدية في البحث عن الجاني الحقيقي والقاتل الذي قتل طفلاً في يوم العيد.

بعد يوم واحد وقبل تشييع جثمان الطفل علي جواد، فجعنا بخبر آخر كان من العيار الثقيل وهو وفاة المناضل الوطني والأب الروحي للحركة الوطنية الليبرالية في البحرين ومؤسس جمعية العمل الوطني الديمقراطية عبدالرحمن النعيمي (أبو أمل).

النعيمي كان إنساناً وطنياً «لا طائفياً» كان من أكثر الشخصيات احتراماً وتقديراً من قبل مختلف الأطياف والتيارات السياسية، ومن أكثرها قبولاً في الشارع البحريني لتميزه بـ «الاعتدال»، ولاحترامه لإنسانية الإنسان مهما كان وقبل كل شيء.

كان للنعيمي خطاب شهير في تأبين أحد شهداء التسعينيات حسين الصافي من جزيرة سترة، وتحدث النعيمي كثيراً عن هذه الجزيرة وتضحياتها وما تقدمه من أجل هذا الوطن.

النعيمي الذي اختتم كلمته بكلمة سيخلدها له التاريخ وهي «إن نسينا شهداءنا فارجمونا بالحجارة».

ذهب أبو أمل بعد أن بقي في هذه الدنيا 66 عاماً، كما ذهب علي جواد الشيخ بعد 14 عاماً فقط، وكان الاثنان يحدوهما الأمل في وطن أجمل لا يرجف فيه الأمل