العدد 327 - الثلثاء 29 يوليو 2003م الموافق 30 جمادى الأولى 1424هـ

عناء غير مثمر أيها الرجل

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

ترتفع حدة الغضب ويتضاعف التوتر والقلق وتتلاشى فرحة الأهل بنجاح ابنهم وعودته بعد سنين طويلة كانوا خلالها يعيشون الاحلام ويخططون لحفلة زواج تاريخية تبدد معاناتهم وصبرهم الطويل على فراقه وتنسيهم العمل المتواصل في سبيل تأمين حياة مستقرة له في الغربة لاتاحة الفرصة والهدوء له لتلقي العلم والمثابرة من دون عناء.

ولكن الصدمة اكبر من كل هذه الآمال والاحلام حين عاد ولدهم بفتاة غير مسلمة واخبر اهله بنيته الزواج منها وحين تضاعف غضب الاهل واجههم بحدة بالغة ليكبح بها جماح الغضب العائلي ان هذه المعارضة العائلية الاجتماعية المفهومة والمشروعة دفعت الابن للاعتقاد بانه واجه العالم وحده وبان الاهل جعلوا من زواجه قضية كبيرة وانه لن يضيع الوقت في سبيل اقناعهم مادام التفاهم والاقتناع بينه وبين الفتاة التي اختارها كفيلين بان ينسياه النزاعات والمواجهات الخارجية وسيقترن بها حتى وان تطورت الامور إلى قطيعة طويلة بينه وبين اهله... وانه باسم الدفاع عن قلبه وعن حبيبته سيخوض الصعاب والتحديات ناسيا او متناسيا ان هذه الفتاة التي تحدى من اجلها اسمى عاطفة في الوجود لم تعتد العيش معه بالقيود الدينية والخليجية ولابد من خلاف بينهما بشأن طريقة الحياة والعادات والتقاليد وهنا يحدث نوع من الاختلال في التوازن المعهود داخل الوسط الأسري المعهود وعلى رغم ان هذا الزواج يهدد هوية الاولاد وانتمائهم الا ان المتزوجين يواصلان الكفاح بدافع من الحب والغرام فالاثنان لا ينظران إلى جميع عناصر التقارب والتوحد بينهما ولا تنقضي شهور الا والمسافة بينهما قد ظهرت إذ اصطدمت الاحلام الوردية بالواقع وتعرت الاختلافات تحت شمس ساطعة ويبدأ كلاهما يشعر بغربة مع الآخر ويرجع هذا إلى طبيعة الوضع وطريقة معالجة وفهم القضايا العالقة بين الطرفين والسؤال الملح... هل يستمر كل واحد منهما في احترام رغبات الآخر على رغم شعوره بالاختلاف والغربة عنها وبعد ان أصبحت اكثر وضوحا الأمر يتطلب بذل الكثير من الجهود والمعاناة والتنازلات للحفاظ على تماسك هذه المؤسسة الثنائية قبل ان يتسرب اليها العطب ولكن الرجل الذي بذل الكثير من التضحيات من اجل حبه سيواجه وحده تبعات هذه الخلافات ابسطها الامور اليومية الصغيرة كاللغة ومكان الاقامة والاستقرار وهوية الابناء وغالبا ما تتمسك الغربية بعاداتها وعليه ان يغير كل شيء فيه كل ما اعتاد عليه منذ نعومة اظفاره حتى رائحة الاكل والتذوق... اما اللغة فالبعض يعيش في حال من الاضراب الدائم يشعر به المقربون اليهم فيوما بعد يوم يتزايد القلق الناجم عن المسافة الفاصلة بينهما وبصورة متزايدة فعلى رغم تعلمه لغتها واتقانه لها الا ان التفاهم مازال صعبا ومرد ذلك إلى الاختلاف في طريقه التفكير والنظر إلى الامور ومن هنا يبدأ شعوره بان التواصل بينه وبين زوجته غير مكتمل فهي وان اتقنت اللغة العربية فانها لن تفهم مضمونها واسرارها ورموزها. ومن الملاحظ في هذا النوع من الزواج ان اللغة العربية وحدها التي تتعرض للاختفاء فبدلا من ان يحاول جاهدا تعليمها اللغة العربية يسعى هو لتعلم لغتها ونادرا ما تسعى الزوجة لتعلم العربية على رغم انها لغة الحضارة والدين.

في هذه الحال ما هو مصير الابناء الذين غالبا ما يتلقون لغة الأم واعتقاداتها وسلوكياتها وربما ديانتها وقد حدث كثيرا ان اعتنق ابناء المسيحية ديانة الأم ورفضوا الاسلام وهو ديانة الاب.

أمر آخر قد يعترض استمرار هذا النوع من الزيجات مدى الحياة وهو تسمية الابناء من هنا تبدأ الحساسيات ويثار العداء العنصري لذلك فمن المستحيل ان نسمع باسم محمد وامه اجنبية إلى آخر هذه المتناقضات ولكن لا انكر بانني سمعت بحالات نادرة جدا تم اندماج الاجنبيات في الوسط العائلي الكبير ومن ثم الوسط الاجتماعي الاكبر. اما بقية الحالات فيغلب عليها التوتر والتأرجح والصراع الخفي المضمر فاما تنتهي بالانفصال واما يبقى الرجل يعاني ويكابد حرارة تحديه وكفاحه من اجل رغبته فاذا كان هذا امر الزواج بالاجنبيات فما بال شبابنا يتهافت عليهن ويسعى وراءهن متحملا شقاوة ابنائه واستهجانهم وضياع هوياتهم... بالله عليكم أليست فتاة البحرين تفوقهن جمالا وعلما وتفهما؟ الا توجد على هذه الارض من تلقى استحسانك ورضاك وقد زينتها العفة والطهارة وجمال الروح وتجمعك بها لغة دين وقيم وعادات وتقاليد؟ لماذا هذا العناء غير المثمر ايها الرجل؟

العدد 327 - الثلثاء 29 يوليو 2003م الموافق 30 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً