العدد 3264 - الأحد 14 أغسطس 2011م الموافق 14 رمضان 1432هـ

هل الفصل من الوظيفة يمثل حلاً وطنياً مقبولاً؟

شوقي العلوي comments [at] alwasatnews.com

.

لست بصدد التبرير لأية مخالفات على صعيد الالتزام بقواعد والتزامات الوظيفة، وخاصة إذا ما كانت الوظيفة العامة ذات علاقة بالتطبيب أو التعليم أو الأماكن الحساسة التي يمكن لتلك المخالفات أن تلحق ضرراً بعموم الناس ومصالحهم ومصالح الوطن.

من حيث المبدأ نقول إن هناك ثمة أخطاء ارتكبت من قبل المحتجين في الأحداث الأخيرة التي شهدها الوطن منذ الرابع عشر من شهر فبراير/ شباط 2011، وما تلاه، وفي مقدمة تلك الأخطاء ما تم في الحقل الطبي من تجاوزات.

بالمقابل في الوقت الذي نرفض فيه تلك التجاوزات، نتفهم جانباً مما تم واستجابة البعض لدعوات الإضراب والاحتجاج في المواقع الحساسة من مصانع ومنشآت اقتصادية، ومثلها يتم في كل بلاد العالم التي تشهد احتجاجات شعبية واسعة، والبحرين ليست استثناء، وحركة الاحتجاجات والإضرابات ليست جديدة على البحرين، لكن ما تم خلال أحداث 14 فبراير وما تلاه يعد الأكبر والأضخم والأخطر مما شهدته البحرين خلال عقود عديدة من نضالات شعب البحرين في سبيل نيل حقوقه المشروعة.

إن حجم الاحتجاجات التي تمت والمشاركة الواسعة فيها من قبل قطاعات واسعة من الناس، وكذلك المواجهات الأمنية التي تمت في تلك الأحداث وسقوط العديد من القتلى فيها، هي ظروف لم يكن مستبعداً ولا مستغرباً أن يتم فيها تصعيد في المواقف وامتناع عن العمل، فسقوط قتلى يعني أن ستكون هناك عواطف جياشة، وعبر جلالة الملك وسمو ولي العهد عن حزنهما وألمهما لسقوط القتلى وتوجها بتعازيهما لذوي الضحايا، بل وأعلنت الدولة الحداد العام، كما أن الظروف الأمنية كثيراً ما أدت إلى خوف الكثيرين من التوجه إلى أعمالهم، تلك ظروف يجب تفهمها وأخذها بعين الاعتبار عند معالجة مثل هذه القضايا الوطنية، فلا يمكن للمعالجات أن تصب الزيت فوق النار لتزيدها اشتعالاً.

هل من المفيد وهل من المعقول أن يتم الفصل من العمل كعقاب لأشخاص لمجرد أنهم شاركوا في مسيرة أو لأنهم انقطعوا عن الذهاب إلى أعمالهم في أحداث هي بحجم الأحداث التي شهدها الوطن؟ بل لمجرد ظهور صورهم في التجمع الذي كان قائماً في دوار اللؤلؤة، وقد يكون بعض هؤلاء الأشخاص غير متعاطف مع الفعل الموجود في الدوار، بل إن البعض قد يكون العقاب طالهم لأن هناك من وشى بهم لخلاف ما أو بسبب الحسد والغيرة في العمل أو بسبب الشحن الطائفي البغيض الذي بدأ يغزو بعض العقول بفعل بعض الطائفيين، أو بفعل البعض على صفحات وسائل الاتصال الحديثة!

إذا كانت الأحداث قد ألحقت أضراراً بالوطن، فهل من المقبول أن تؤدي بعض المعالجات والإجراءات الرسمية إلى أضرار إضافية تضاف إلى الأضرار التي لحقت بالوطن، إجراءات تزيد من معاناة الناس وتلحق الأذى بآلاف العائلات، تلحق الأذى حتى بالأطفال والعجزة من الآباء والأمهات والأجداد والجدات، ليتحول العقاب من عقاب فردي إلى عقاب جماعي يطال مجموع الناس!

هل من المقبول أن تفقد عائلات بكاملها مصدر رزقها الذي مصدره معيلها الذي تم فصله من عمله؟ هل المطلوب تجويع الناس وتحويلهم إلى مزيد من الإفقار والإذلال؟

التقدير عالياً لجلالة الملك على أوامره التي سعى من خلالها بكل تأكيد لوقف مثل هذه الإجراءات وإعادة من تم فصله إلى عمله. لكن بالمقابل نجد هناك ما يؤسف له وهو ألا تجد أوامر جلالته الطريق السهل والسلس للتطبيق. يبدو أن هناك من يسعى للتأزيم، بدليل استمرار إجراءات الفصل من الأعمال وبما يخالف توجيهات جلالة الملك.

لقد طالت عمليات الفصل كوادر متقدمة في قطاعات مهمة من قطاعات الاقتصاد الوطني وفي وزارات مهمة تؤدي خدمات تتعلق بحياة المواطن وصحته ومنها خصوصاً التربية والتعليم والقطاع الصحي، كوادر بعضها عمل لأكثر من ثلاثة عقود، ولديها تخصصات نادرة وتجربة عملية غنية يصعب تعويضها. الوطن يفقد كوادر بعضها كان يجب أن يكون مرشحاً لتولي مسئوليات قيادية في الدولة. هكذا بكل بساطة يفقد الوطن جهود أبنائه وعطائهم. هكذا وبكل بساطة، فبدلاً من أن يكون هؤلاء مستشارين صادقين للدولة لتستمع لآرائهم وتعمل على الأخذ بها، نجد أن هناك من يريد القضاء عليهم. ماذا سيقول العالم عن دولة هكذا تتعامل مع خيرة كوادرها وأبنائها، حتى لو سلمنا جدلاً بأنهم قد أخطأوا وأساءوا التقدير، لكن تظل المعالجة أسوأ من الأخطاء المنسوبة لهم.

في هذا الوقت وهذه الظروف يجب الحذر من المنافقين والمتسلقين الذين لا يهمهم إن صعدوا على جثث الناس وآلامهم وحقوقهم، المهم لديهم أن يصلوا إلى مبتغاهم بغض النظر عن الوسيلة. هناك من يريد هدم الوطن.

لا نعتقد أن الفصل من الوظيفة يمثل حلاً لمشاكلنا، بل هو بكل تأكيد يزيد الأمور تعقيداً، بل هو من الإجراءات التي تزيد من مساحة المعارضة السياسية، هي إجراءات حولت البعض من هؤلاء المفصولين ومعهم بعض المحيطين بهم من الأهل والأصدقاء وبقرار ممن فصلهم من دون أن يقصد ذلك إلى معارضة سياسية

إقرأ أيضا لـ "شوقي العلوي"

العدد 3264 - الأحد 14 أغسطس 2011م الموافق 14 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 5:05 ص

      شكراً للتوضيح

      شكراً لتوضيحك أخ شوقي.. وشخصياً أعتبر التظاهر وعملية تركيب مكبرات صوت وشتم "رموز" الحكومة، خطأ تكتيكي واضح، ناهيك عن افساح المجال لكي تتشوه الصورة الكلية لفعل الحركة والتظاهر السلمي.
      شكراً مرة أخرى للتوضيح، دمت بود

    • زائر 14 | 12:21 م

      لا تتعجل في رأيك

      الأخ الذي خاطبني طالباً من ألا أتعجل في رأيي، أقول له وللأخ صاحب التعليق رقم 3، أن سؤ فهم يبدو قد حصل لديهما ربما بسبب عدم توفيقي في التعبير عما أريد قوله، بالتأكيد ليس القصد هو موضوع الكادر الطبي سواء من اعتقل و وجهت له اتهامات لا أرى أن فيها شيئاً من الحق، كان قصدي هو تحويل السلمانية إلى ساحة احتجاجات، فهذا ما لاأتفق معه وأعتقد أن الكثيرين لا يتفقون معه
      وأضيف أنني لا أعقد مقارنة بين تصرفات السلطة وتصرفات المحتجين والمعارضة، أقول وتقول المعارضة أن هناك أخطاء وقعت كان يجب ألا تقع
      شوقي

    • زائر 12 | 9:03 ص

      لا تتعجل في رأيك رجاء!

      أستاذ شوقي العلوي:
      أولا: لا يصح ولا يجوز لك أن تستعيد تهمة سياسية لفقت ضد الكادر الطبي، وهي مازالت تنظر في المحاكم.
      ثانياً: تلك التهمة وغيرها يكون لإثباتها قيمة في ظل وجود قضاء عادل ومحاكمات نزيهة، والكل يعي أن المشكل البحريني سياسي بامتياز قبل أن يكون حقوقيا أو اجتماعي أو حتى اقتصاديا معيشيا.
      ثالثا: لو سلمنا أن المعارضة فعلت أخطاء ولا يمكن لأحد أن ينزه أي معارضة عن فعل ذلك، ولكن ما فعلته السلطة هو خطايا ترقى إلى أن تكون جرائم ضد الإنسانية.

    • زائر 11 | 8:55 ص

      الرد على الزائر 5

      بيوت الحكومة حق من حقوق المواطن الاصلي وليس الى أحد ان يمن عليه!!

    • زائر 10 | 7:25 ص

      الحر

      نعم والمفروض يأخذون منهم بيوتهم التي أخذوها من الحكومة لأنهم ما يستاهلون مثل بريطانيا التي تريدون أن تقلدوهم في الديمقراطية والمفروض يخلونهم بس أشمون هوى البحرين الغالية ويحرمونهم من كل شيئ

    • زائر 8 | 3:57 ص

      حسبي الله ونعم الوكيل

      هل من المقبول أن تفقد عائلات بكاملها مصدر رزقها ،،،،،،،،؟
      ماذا لو كان هذا المفصول بسبب كره وغيرة المسئول عليه، فجائت هذه الحجة لإزاحته من وجه المدير، ومسكين ذلك المفصول، آذان "المجلس التأديبي" عاجزة عن السمع والمفصول يقول غيابي يا جماعة =صفر،، حسبي الله على من كان سببا في قطع رزقي، وشغل فكري،،،

    • زائر 7 | 3:51 ص

      أي تجاوزات التي تتكلم عنها في الحقل الطبي

      هؤلاء الأطباء مواطنون شرفاء قدموا لبني وطنهم خدمة
      متعارف عليها في كل دول العالم بلا استثناء حتى في أحلك الظروف لا يمكن لطبيب أن يتخلّى عن إنقاد حياة أي شخص مهما كان سواء أكان معارضة موالاة من الشرطة من الجيش من من أي شخص محتاج للإسعاف يجب إسعافه وليس للأمر علاقة بأمر آخر
      وما قام به الأطباء لا يعدو هذا

    • زائر 6 | 2:07 ص

      سؤال يحتاج إلى جواب

      هل من المقبول أن تفقد عائلات بكاملها مصدر رزقها الذي مصدره معيلها الذي تم فصله من عمله؟ هل المطلوب تجويع الناس وتحويلهم إلى مزيد من الإفقار والإذلال ؟
      من سيجيب على هذين السؤالين سيحصل على جائزة. إحقاق الحق و إزهاق الباطل...

    • زائر 1 | 11:09 م

      فرصة لتقليص عدد العاملين ودون مقابل

      للأسف، أستغلت الأحداث لتنفيذ خطط بعض الشركات لتقليص عدد العاملين فيها من البحرينيين. احدى الشركات عليها أمر قضائي ألزمها التقيد بالقانون البحريني عند الحاجة لتقليص عدد العاملين فيها. هذا بالاضافة الى تعهد منها وقع تحت قبة البرلمان بعدم الزام العاملين فيها بالتقاعد المبكر القسري. هذه الشركة فصلت ما يزيد على 160 عاملاً بحرينياً ولم ترجع أحداً لحد الآن برغم تذكيرها بمخالفتها للقوانين العمالية وعدم تقيدها بالقرار الملكي بارجاع المفصولين.

اقرأ ايضاً