نبارك لمحمود شريف بسيوني ولرفاقه أعضاء اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق الثقة الملكية الممنوحة لهم، هذه الثقة التي قد تؤدي في عملهم للتوصل إلى بعض من النتائج التي يمكن أن يبنى عليها لتحديد جانب من المسئولية عن الكثير من التجاوزات التي تمت منذ الرابع عشر من فبراير/ شباط وحتى هذه اللحظة.
تجاوزات قد تكون تمت من قبل المحتجين أو من قبل السلطة. عدد القتلى تجاوز الثلاثين، بعضهم توفي خلال أيام قلائل من اعتقاله وهو في قبضة السلطات، وهو أمر بكل تأكيد يثير الكثير من الشبهات والتساؤلات ويضع المسئولية على الجهات التي كانت مسئولة عن احتجازهم. الأمر الذي نراه أكيداً أن هناك تجاوزات تدين بعضاً من ممارسات السلطة وتحمل أطرافاً فيها المسئولية عن بعض ما جرى، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنه لم تكن هناك تجاوزات تمت من البعض في أحداث الشارع، وهذا البعض ليس بالضرورة محصوراً في أطراف يُطلق عليها بالمعارض للسلطة، وهناك تجاوزات قام بها البعض منها بكل تأكيد، وهي تجاوزات مرفوضة ومدانة، لكن يقابلها تجاوزات قامت بها بعض الأطراف وانتهكت الحقوق وهي في حماية من الأجهزة الأمنية.
لابد من الوقوف وقفة تقدير عالية لجلالة الملك على موقفه الشجاع الذي يسجل له لاصداره أمره السامي بتشكيل هذه اللجنة من كفاءات عالية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، في سبيل المحاولة لإحقاق الحق وتحديد التجاوزات التي طالت الحقوق والمواثيق، والتي أدت إلى الكثير من الألم والحزن وصلت إلى إزهاق أرواح، كان من الممكن ألا تزهق، بل تجاوزات نرى أنها مازالت مستمرة، كل ذلك بالرغم من الإرادة الملكية التي تسعى لحلها وتجاوزها، وكل ذلك بالرغم من بداية عمل اللجنة الملكية لتقصي الحقائق، حيث إن هذه الحقائق في بعض جوانبها ماثلة فيما يتم حتى اليوم.
ربما تكون طموحات الكثيرين من شعب البحرين هي أكبر بكثير من المهمة الموكلة للجنة. الطموحات ليست محصورة فقط في التحقيق فيما تم من أحداث قتل منسوبة لقوات الأمن تجاه المحتجين، أو تلك المنسوبة لبعض المقبوض عليهم من المحتجين، هي أكبر من عمليات تعذيب مدعى بها من قبل الكثيرين ممن تعرضوا للاعتقال نتيجة الأحداث الأخيرة المرتبطة بـ 14 فبراير 2011 وما بعدها، بل هي أكبر من مجرد التحقيق في عمليات قتل تمت سواء المنسوب منها إلى قوات الأمن أو المنسوب منها إلى بعض المحتجين.
الطموحات ليست بجديدة، وليست وليدة الأحداث الأخيرة، ولكن الأحداث الأخيرة أكدت الحاجة الماسة للعمل على تحقيق تلك الطموحات، وهي طموحات محل مطالبة منذ فترة ليست بالقصيرة، وإن جرى الحديث عنها كثيراً مع قدوم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. تلك الطموحات تعني خلق مصالحة وطنية حقيقية، تؤدي بنا وبالوطن إلى تجاوز معاناة ومشاكل امتدت لعقود.
إن المصالحة المنشودة لا يمكن أن تتأتى بصدور تقرير من اللجنة الملكية لتقصي الحقائق، وإن كان يمكن لهذا التقرير المرتقب أن يساهم بشكل جزئي في المساعدة على خلق المصالحة الوطنية المرجوة، خصوصاً أن عمل هذه اللجنة مرتبط بأحداث جسام أدت إلى حالة من الاختناق الوطني وحالة من الانشقاق المجتمعي، إن استمرت وطالت فستطول معها المعاناة، وسنعيش وطناً ممزقاً بعيداً عن الأمن والبناء والازدهار.
عندما نقول إننا بحاجة ماسة لمصالحة وطنية حقيقية، ذلك يعني أننا بحاجة إلى دفن الكثير من الملفات المتراكمة. كيف سيكون الدفن؟ لا يمكن أن يكون هناك دفن وتشييع نهائي وحقيقي لتلك الملفات إلا بالمصالحة الحقيقية المرتبطة بالمصارحة الصادقة الحقيقية. إن للمصالحة الوطنية الحقيقية ودفن تلك الملفات المتراكمة شروطاً ومتطلبات لابد منها، هذا إذا أردنا المصالحة الوطنية الحقيقية التي لا تسمح بتكرار ما مررنا به سواء منذ الرابع عشر من فبراير وحتى الآن أو ما قبل ذلك بعقود.
عمليات التجميل والترقيع لا تنفع، قد تمتص بعض الغضب وتؤجل بعض الانفجارات، لكنها لا تشكل حلاً يبني وطناً صحياً معافى ينعم بالأمن والتنمية والازدهار متوجاً بوحدة أبنائه التي هي العنوان الحقيقي للوطن، هذا إذا أردنا أن يكون هناك وطن بالمعنى الحقيقي للوطن، وإلا...
كان الله في عون بسيوني ولجنته
إقرأ أيضا لـ "شوقي العلوي"العدد 3258 - الإثنين 08 أغسطس 2011م الموافق 08 رمضان 1432هـ
مسلسل الفصل
إستمرار الفصل السياسي التعسفي يحث شرخا خطيرا في وحدة الوطن، بعد أن ثبت أن هذا الفصل ضد التوجهات الملكية فيجب الأخذ بيد من إرتكب هذا المنكر وإعادة المفصولين فوراً وردع من يستمر فيه.
تصريح الملك بإعادة المفصولين
المصالحة الحقيقية تبدأ من أعلى الهرم كيف تفسر تصريح الملك بإعادة المفصولين ثم لايرجع أحد. المصالحة بحاجة لتسامح وغسل القلوب وإثبات النوايا الحسنة بالسلوك لا بالكلام المطاطي
......
.....أنا علقت بمطالب الشعب وقلت أي عاقل في الدنيا يرفض هذه المطالب في هالزمن
النتائج عكسية
الجماعة في واد والفصل التعسفي في واد آخر
الشرخ لا زال يتسع وسوف يصعب على راتقه ترقيعه
مصالحة
أستاذ شوقي صراحة أشكر لك هذه المقالات الرائعة ، للأسف هناك من هو مستفيد من الحقد، وهناك من لايريد إرجاع المفصولين والموقوفين ، وهناك من لازال يتشفى ، المصالحة الحقيقية تبدأ من أعلى الهرم كيف تفسر تصريح الملك بإعادة المفصولين ثم لايرجع أحد. المصالحة بحاجة لتسامح وغسل القلوب وإثبات النوايا الحسنة بالسلوك