كان يسقي الزهور في حديقة جدته بفرح طفولي حين التفت إلى أبيه وسأله ببراءة الأطفال: أبي لماذا ليس لدينا حديقة بالمنزل كحديقة جدتي؟ فرد عليه: لأنه ليس بيتنا. ربما كانت الإجابة صادقة لكنها بالنسبة إلى الطفل كانت بداية صدمة حقيقية، فاستمر يكرّر السؤال في الأيام التالية، فيسأل أمه ليتأكد: ليس بيتنا؟
يوسف الطفل الذي فجع بأنه يسكن بيتاً ليس بيته، وأن رحيله عنه أضحى إحدى المسلمات في حياته، ليس النموذج الأوحد في البلد، فربما يمكن القول إن ثلثي أطفال البحرين على الأقل يعيشون الخوف ذاته.
ففي بلدٍ كالبحرين تعداده لا يتجاوز 700 ألف مواطن، بحسب المعلومات المعلنة في الموقع الالكتروني للجهاز المركزي للمعلومات (بلغ تعداد المواطن في العام 2010م 666.172)، ويتمتع بمزايا ربما لا تقارن بمزايا جاراتها الخليجيات، إلا أنه يمتلك من المقومات ما يكفي ليعيش المواطن عيشة لن نقول مرفهة ولكن معتدلة في الحد الأدنى، من مقومات الحياة الكريمة التي تترجم مواد الدستور وميثاق العمل الوطني اللذين نصّا على حق المواطن في السكن اللائق، الذي هو واجب على الدولة توفيره بالدرجة الأولى.
لن نتحدث عن حلم بيت الإسكان الذي يقتطع المواطن من راتبه شهريّاً لسداد أقساطه ثم يتملكه بعد خمسةٍ وعشرين عاماً كهبة، ولا الشروط التي ما فتئت تزداد يوماً بعد آخر ويحرم على أساسها الكثير من المواطنين من حق الحصول على وحدة سكنية من الدَّولة، بسبب تعدي راتب الزوجين الحد الأقصى لعامل الدَّخل، الأمر الذي يجده الكثيرون مجحفاً. فالدخل يحتسب على أساس الرَّاتب الأساسي للزوجين مع العلاوات من دون النظر إلى الالتزامات المالية الشهرية كالقروض والاقتطاعات الموثقة الأخرى التي لا أظن أن مواطناً بحرينيّاً يفلت منها إلا من رحم ربي. ناهيك عن مبلغ القروض السكنية التي لم تكن تتعدى حتى يوم قريب 40 ألف دينار ينتهي معها حلم المواطن بتملّك منزل العمر.
هذا هو الواقع الذي يعيشه ويعاني منه الكثيرون، فالسكن ليس مكاناً للاستقرار فقط، بل هو كصندوق للذكريات وملاذٍ للذاكرة، وهو المكان الذي نحبو فيه ونتعلم خطواتنا الأولى في الحياة. فهنا نطقت لأول مرة، وهنا جلست في حضن أبي، وفي تلك الزاوية كنت أجمع لعبي، وأسفل خزانة ملابسي كانت تنام رسائل الحب في مراهقتي، وعند أولى سلالم المنزل احتضنت أمي فرحةً بتخرجي.
انها حياة كاملة، ذاكرة المكان التي توثّق ذكرياتنا كقصاصات الورق على الجدران، ذاكرة المكان التي تختزل الحب والفرح، الحزن والوجع، وكل التفاصيل الصغيرة التي نود أن نتشاطرها في الغد مع صغارنا، هذه الذاكرة التي يغتالها حرمان أو تأخير حصول المواطن على سكن يقتسم فيه رغيف الذاكرة
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3254 - الخميس 04 أغسطس 2011م الموافق 04 رمضان 1432هـ
املاك
الاخ الزائر6.. ان يخطا غيري لا يعني ان اقبل بالخطأ عندي، لذا علينا ان نكون سباقيين للاصلاح واسترجاع حقوقنا، الله الذي لا يحمد على مكروه سواء وليس العبد.
الى زائر رقم 6
عندك بيت حبيبي من جديه موو مفتكر في غيرك والله لو حارقتني المعيشة في الاجارات ما قلت هالكلام والله بنقعد نقولها ونطالب ابها لين ما يعطونا بدل ما يفضلون الاجنبي والغريب علينا .. على الاقل في امريكا ما يعطون الكل مو ناس وناس ناس تموت اولادها واهم ما حصلوا على بيت .....بس خلها على الله
صح لسانش رفيقتي
تسلمين يالغاليه على المقال وإنشاء الله ربي يوفقش ويعوضش خير
احسن من غيرنا
احمدو ربكم تراكم في خير في امريكا واوربا لا يوجد شي اسمه بيت حكومي ولا دعم حكومي انتم في نعمه خلو التذمر
سلمت يداكِ
موضوعكِ رائع .. في الصميم
Bo_toto
من يتجاهل كل هذا الامر يجب عليه النظر من فوق مكان مرتفع ليعزف باننا نعيش في دوامه من المشاكل التى ليس لها الى حل واحد كفله الدستور
الله يوفقج يا بنت عمي
أشهد اني مبهور بالاسلوب الشيق فشكرا لكي يا بنت العم ع الكتابة الهادفة والمشوقة وعسي الله يوفقج فيما تصبين له وعساج ع القوة ويعطيج الف عافية وتسلمين ولمزيدج القادم ننتظر
شكرا لكاتبة المقال
تحية شكر و احترام على هذا المقال الجميل
لأنه يمس واقعنا المعاش الصعب الذي نعيش
فيه شكرا لك اختي الكاتبه والى الامام دائمااا
شكرا
تسلمين استاذه جبتيها على الجرح
اااااااااه ياوطني