العدد 3240 - الخميس 21 يوليو 2011م الموافق 19 شعبان 1432هـ

إصـلاح الشـرطة فـي العالم العـربي

جوزيف برودي comments [at] alwasatnews.com

.

يعد رجال الشرطة في معظم أنحاء العالم العربي وبشكل عام عوامل قمع واضطهاد، إذ تأمل الثورات العربية في دول مثل مصر وتونس وغيرهما أن يتخذ رجال الشرطة دوراً جديداً كحماة لحكم القانون.

إن آمال الديمقراطية في دول مثل مصر وتونس وغيرها تتطلب أن يتخذ رجال الشرطة دوراً جديداً كحماة لحكم القانون، ويعني ذلك الحفاظ على مبدأ أن الجميع، بمن فيهم رئيس الدولة، يجب أن يكون مسئولاً وبشكل متساوٍ تحت قوانين عادلة يشرف عليها الشعب. لن يكون هذا الانتقال الحيوي سهلاً، ولكن يمكن استنباط دروس قيّمة من دولة عربية بدأت فعلاً بتطبيق التغيير.

قضيت في العام 2008 أربعة شهور مع الشرطة المغربية في الدار البيضاء كصحافي. سمحت لي الحكومة بمرافقة وحدة من مباحث الشرطة الذين يلبسون ثياباً مدنية في عملهم اليومي، حتى أستطيع مشاهدة المواجهات على مستوى الشارع بين المواطنين ونظامهم عبر عيون شرطي. شهد المغرب، مثله مثل دول عربية أخرى في الشهور الماضية مظاهرات قام بها الشباب مطالبين بالإصلاح السياسي. ولكن بعكس الدول المجاورة، كانت المطالب بإسقاط الملك نادرة نسبياً. وقد يكون أحد أسباب هذا الفرق أن الخدمات الأمنية التابعة للنظام تميل إلى أن تكون أكثر اعتدالاً من نظيراتها في الدول العربية المجاورة. مازالت الوحشية والفساد منتشران، ولكن عندما وصلْت إلى المغرب كانت جماعات حقوق الإنسان قد بدأت تلاحظ تحسناً متواضعاً. كانت الشرطة المغربية تتعرض لتجربة محليّة المنشأ من الإصلاح، تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية.

عناصر الإصلاح

كان العامل الأول جهداً من جانب أعلى مستويات الحكومة لإصلاح أخطاء الماضي. أسس الملك محمد السادس في العام 2004 هيئة المساواة والتسوية للاعتراف بضحايا الوحشية التي مارسها نظام والده الملك حسن الثاني وتعويضهم. ويبدو أنه نتيجة لذلك أظهر بعض رجال الشرطة وعياً مثابراً لأنهم أصبحوا عرضة لتظلمات المواطنين. قال أحد رجال المباحث لي «إذا استخدمت العنف للتحقيق مع مشبوهين، فإن لديهم موارد وسوف أتعرّض للعقاب». وشهدْت فعلياً رجل شرطة يضرب مشبوهاً في منطقة فقيرة في إحدى الليالي، وهو عرض من العنف لم يهتموا بالتستّر عليه، إلا أن السلوك القانوني الذي شهدته بين الآخرين لم يبدو وكأنه تمثيلية صُممت لاستهلاكي الشخصي.

والعامل الثاني الذي رأيته هو بداية محاولة لجعل تطبيق القانون المغربي أكثر شمولية. كان المركز الأمني يسيطر عليه رجال مباحث عرب، إلا أن العديد من رجال الشرطة الجدد تم التعرف عليهم كبربر، وهي مجموعة عرقية شمال إفريقية. وكان تجنيدهم جزءاً من جهد أوسع لإدخال المزيد من البربر في صفوف الضباط، اتّباعاً لنظرية أن قوة عرقية مختلطة تستطيع إنشاء علاقات أفضل مع مجتمع محلي حضري مختلط.

تستحق هذه المبادرة أن يتم تبنّيها في مجتمعات منشرخة في أماكن أخرى في المنطقة. خذ على سبيل المثال التركيبة الغريبة للشرطة الأردنية: معظم أفراد الشرطة الأردنية ينحدرون من أصول على الضفة الشرقية لنهر الأردن، بينما غالبية الشعب الذي يخدمه رجال الشرطة هؤلاء هم من أصول فلسطينية من الضفة الغربية. والوضع متطرف أكثر في بلدان أخرى، حيث تقوم قوة شرطية معظم أفرادها من انتماءات أو من جنسيات أجنبية، بخدمة غالبية من السكان من انتماءات أخرى، أو في سورية حيث تلعب أقلية علوية بالدرجة الأولى دوراً مهيمناً في قوات الشرطة المختلفة.

أما العامل الثالث في المغرب فمحاولة من قبل الحكومة لتعليم الشرطة معنى حقوق الإنسان وعلاقتها الوثيقة. بعد فترة قصيرة من تولّي الملك الحالي سلطاته العام 1999 أصبح تعليم حقوق الإنسان جزءاً من تدريب الشرطة. تحدث الضباط الأصغر سناً الذين قابلتهم أحياناً عن هذه المُثل عند شرحهم لتوجهاتهم في تطبيق القانون. يبدو أنه كان لزرع معايير حقوق الإنسان، مضافاً إليها تهديدات بالمحاسبة، بعض الأثر على سلوك رجال الشرطة.

في هذه اللحظة المحورية من التحوّل المأمول به نحو الديمقراطية وحكم القانون في العالم العربي، تشكّل عملية إصلاح العمل الشرطي العربي أمراً حيوياً. وإذا قامت الحكومات في المنطقة بعمل ذلك فإنه سيشكل دليلاً واضحاً على صدق الإصلاح وإمكانات نجاحه

العدد 3240 - الخميس 21 يوليو 2011م الموافق 19 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:00 ص

      كلام في مكانه

      انا اتفق معك تماما في كلامك الموضوعي الذي يثبت متابعتك للمنطقة العربية، فعلاً الوضع متطرف أكثر في بلدان أخرى، حيث تقوم قوة شرطية معظم أفرادها من انتماءات وجنسيات أجنبية، بخدمة غالبية من السكان من انتماءات أخرى. تكتب كانك تعيش في هذه البلدان.

    • زائر 2 | 2:27 ص

      لكي تتغير النظرة الشعوب يجب تغيير نظرة الشرطة اولا

      بما أن الشرطة لا تنظر للشعوب إلا بأنها شعوب مشاغبة وإرهابية وأصحاب أجندات خارجية نتيجة لهذا فإن الشعوب لا ترى في الشرطة إلا قمعيتها وتعذيبها
      وإلا فإنه من المفروض أن للشرطة أدوار مهمة للمجتمعة من المفروض أن تحترم على أساسها
      ولكن لأنها تمارس عكس الدور المنوط بها تماما
      فإن رؤية المجتمع أيضا معكوسة تماما لتقاب الدور الذي تقوم به هذه الشرطة
      فلو تغيرت وجهة نظر الشرطة بالنسبة للشعوب وطريقة التعامل معها فإن الشعوب حتميا ستغير وجهة نظرها للشرطة

اقرأ ايضاً