إن ربط الأحداث التي تمر بها البحرين في سياقها التاريخي وظروفها السياسية بحسب كل مرحلة، نجد وجود انقسام تاريخي بين هذه القوى السياسية من الموالاة والممانعة، التي تتحول في حالات أخرى من معارضة تامة إلى القبول والتوافق والانسجام مع النظام السياسي. ونجدها بوضوح في فترة بداية المشروع الإصلاحي والتوقيع المنقطع النظير على ميثاق العمل الوطني، ثم الدخول في دوامة المقاطعات وبروز حالة أخرى من التحالفات بين بعض القوى اليسارية والوطنية مع بعض المكونات الدينية السياسية والتي أفرزت ظاهرة المؤتمر الدستوري، ثم التحوّل مجدداً من قوى الرفض (المعارضة) إلى قوى القبول والانسجام، ومن المقاطعة إلى المشاركة، وهكذا من المشاركة إلى المقاطعة ومن الممانعة والتصادم إلى القبول. وهي حالات أعاقت استكمال قيام الدولة المدنية والممارسة الديمقراطية.
إن هذا التحليل يجرنا إلى سؤال: هل نجحت الدولة في إيجاد جو الطمأنينة لدى المواطن مبنياً على تحقيق العدالة الاجتماعية، ورعاية المواطن وحفظ الحقوق، فالديمقراطية تؤسس على قواعد اقتصادية وسياسية واجتماعية عادلة.
لقد تعززت مفاهيم وقيم الوحدة الوطنية خلال الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وكانت مراحل مهمة في تاريخ البحرين والوطن العربي، ولكن محاربة القوى الوطنية والزج بقياداتها في السجون وإهمالها لاحقاً كان كفيلاً بتعزيز دور الكيانات الطائفية في الحياة السياسية وبروز ملامح الانقسامات الاجتماعية على خلفيات طائفية ومذهبية، ولضعف مؤسسات الدولة التي بنتيجتها تقوى تلك الكيانات والجماعات العصبوية والعكس صحيح. فحينما تقوى الدولة ومؤسساتها تضعف هذه الكيانات، إلى جانب غياب دور مؤسسات المجتمع المدني في مجالات التنمية البشرية، بعد أن أصبحت حكراً على مجموعات نخبوية محددة، عادةً تتمثل في إدارات هذه المؤسسات التي تختزل فيها جميع هياكل وآليات تلك المؤسسات.
وعلى هذا يمكننا قياس دور مؤسسات المجتمع المدني كمجموعات تشبعت بسلوك وممارسات الأنظمة السياسية، فهي نسخة مصغرة للنظام السياسي العربي، لذا فشلت أن تعمل بحرية، وتكون مستقلة عن الأنظمة والأحزاب والجمعيات السياسية، وأن تكون ملكاً للمجتمع الذي يمكنه من خلالها أداء مهمات الضغط والمراقبة والتمثيل.
إن فشل الحكومات العربية في بناء قواعد سياسية واقتصادية واجتماعية وفق شروط ومتطلبات بناء الدولة الديمقراطية، كان عائقاً أمام تطور الديمقراطية. هذا إلى جانب أن النظام السياسي العربي لم يكن حاضناً للمؤسسات الديمقراطية وثقافتها، ولم يفسح المجال لتراكماتها الثقافية حتى تتجذر داخل المجتمع، وخصوصاً في مبادئها الأساسية مثل حرية التعبير وحرية التجمع وحرية الاعتقاد والمشاركة السياسية بحيث تتحول إلى مفاهيم راسخة وفاعلة، اجتماعياً وسياسياً. ولهذا يجمع مفكرو الديمقراطية على أن العوامل الثقافية أهم من العوامل الاقتصادية للديمقراطية. فالديمقراطية كي تترسخ وتتجذر في المجتمع، تكون بحاجة إلى أنْ تحتضن ثقافياً.
إن معظم الأنظمة العربية ترجع أسباب عجزها وفشلها إلى العدو الخارجي، فلكل نظام عربي عدو خارجي وأبرزه الصراع العربي الإسرائيلي. وتحت هذا الشعار تمت عسكرة العديد من الأنظمة العربية ومؤسساتها، وصار كل من ينادي بالحرية وإصلاح بنية الدولة عميلاً للعدو الصهيوني. وهناك عددٌ من النظم الجمهورية التي صنعت عداوات وهمية مع الغرب، وأصبح كل مواطن ينادي بحقوقه عميلاً للغرب والاستعمار والصهيونية والرجعية والماسونية العالمية، ولكل ما أنزل من عبارات الخيانة والعمالة فقط لأنه تجرأ وقال أين حقي.
إن هذا الحجم الهائل من القمع والتسلط والاستبداد، كان كفيلاً لتفجير الواقع العربي برمته من خلال الشرارة التي أطلقها البوعزيزي
إقرأ أيضا لـ "محمد المرباطي "العدد 3233 - الخميس 14 يوليو 2011م الموافق 12 شعبان 1432هـ
المسار الديمقراطي
أتفق مع الأخ الكاتب بعجز وعدم قدرة معظم الدول العربية وفشلها في ترسيخ وتأسيس النظام الإداري الحديث من خلال بناء مؤسسات المجتمع المدني التشريعية والمهنية و كذلك تخلفها في توفير متطلبات وشروط البناء الديمقراطي ، التي تعتبر الأساس والقاعدة لتحقيق التوازن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وتصحيح المحاولات التي تهدف إلى إعاقة التطور الطبيعي وجر هذه المجتمعات إلى مراحل متخلفة من تأسيس الدولة الحديثة ، بالترويج للفكر الديني و الأصولي المتطرف وشق المجتمع ..... . مع التحية ...الدلموني
البعض يتعلم السلبي من الدروس
لكل محنة دروس إيجابية ودروس سلبية ولكن الإعم الأغلب لا يأخذ من الدروس إلا سلبيتها ولهذا السبب ظللنا نراوح مكاننا ومشاكلنا هي هي لم تتغير
...........