كالعادة في ظل سياسات التمييز والمحاصصات الطائفية والبعد عن مفهوم المواطنة ومقاييس الكفاءة والإخلاص، مباشرة ما أن يصدر قرار بتعيينات حكومية أو تشكيلات وزارية أو مجالس أو رئاسة هيئات، وقبل كل شيء أول ما يتم نبشه والحديث عنه الطائفة والعائلة والقبيلة. السؤال كم عدد الشيعة وكم عدد السنة، هناك من يفرح ويشعر بالانتصار إذا ما كان العدد الذي ينتمي إلى طائفته يفوق العدد الذي ينتمي إلى الطائفة الأخرى، والشعور نفسه من الفرح والانتصار ينتابه إذا كان المسئول المعين منتمياً إلى طائفته وليس إلى الطائفة الأخرى. نسأل هؤلاء: هل من تم تعيينهم لهذا المنصب أو ذاك المنصب عينوا من قبل طوائفهم؟، وهل قالوا إنهم يمثلون طوائفهم ويدافعون عن مصالح طوائفهم؟ الجواب بالتأكيد كلا.
عندما ظهرت علينا قائمة المدعوين إلى الحوار الوطني، لم نفهم المعايير التي بموجبها تم تحديد قائمة المدعوين، لم نعلم من الذي حدّد الأسماء ومن أين استمد هذا الحق وهذه الصلاحية. وكالعادة في ظل سياسات التمييز والمحاصصات الطائفية والبعد عن مفهوم المواطنة ومقاييس الكفاءة والإخلاص؛ فإن البعض وبدلاً من البحث عن مقاييس الكفاءة وصلاحية التمثيل الحقيقي للقوى الشعبية في هذا الحوار، ذهب ليبحث كم هو عدد السُّنة وكم هو عدد الشيعة، فحزن من كان عدد المنتمين إلى طائفته أقل من عدد المنتمين إلى الطائفة الأخرى، وفرح من كان عدد المنتمين إلى طائفته أكثر من عدد المنتمين إلى الطائفة الأخرى! فمن الذي يمثلنا نحن الذين نخشى ونرفض المحاصصات الطائفية في هذا الحوار؟
يُمثلنا أحمد الذوادي (رحمه الله) وعبدالرحمن النعيمي (الراقد في غيبوبته) وإبراهيم شريف المحتجز في زنزانته، هؤلاء وعلى رغم عدم وجودهم الجسدي في أروقة الحوار هم من يمثلون المواطن حقيقة في هذا الحوار، لأنهم يمثلون الوطن الحقيقي المبني على المواطنة الحقة، هم يمثلون البرامج الوطنية، هم يمثلوننا كمواطنين أصحاب حق، وليس لكوننا شيعة أو سنة أو منتمين إلى عائلة أو قبيلة؛ بفكر هؤلاء هناك حسن مدن ومنيرة فخرو وحسن العالي ورفقاؤهم هم من يمثلون المواطن في الحوار، لأنهم ينطلقون من الوطن وليس من الطائفة أو العائلة أو القبيلة، هم من يمثلون وحدة مكونات الوطن. لا أرى في المعمّم أو الأفندي الذي يسير خلف المعمم هم من يمثلوننا لأنهم شيعة، أو الملتحي باللحية الطويلة وبالثوب القصير السني السلفي أو باللحية القصيرة السني المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين لأنهم سنة. أريد ويريد المواطن من يمثلنا نحن كمواطنين وليس بحسب انتمائنا المذهبي أو العائلي أو القبلي، لأن ذلك مناقض وبعيد عن مفهوم وتعزيز قيم المواطنة، ذلك هو ما يؤدي إلى تجزيء الوطن وتشطيره على أسس طائفية ومذهبية ودينية وعرقية.
ساءني برنامج إذاعي على الهواء مباشرة من إذاعة البحرين، كان البرنامج يستقبل مكالمات المهنئين بالنجاح يوم ظهور نتائج الثانوية العامة، اللغة الطائفية المشحونة المقيتة التي كان يطلقها المتصلون بتشجيع من مقدم البرنامج على خلفية الأحداث المؤلمة التي شهدتها مملكتنا الحبيبة. نفرح لتفوق أبنائنا جميعهم، من العيب أن نوزع فرحتنا بنجاح أبنائنا بحسب انتمائهم المذهبي، ذلك قمة الدونية. لدي ابنتان متفوقتان في حياتهما الدراسية، تفتخران بوالدهما الشيعي وبوالدتهما السنية، مدرساتهما جميعهن وفي كل المراحل الدراسية يفتخرن بتفوقهما ولازلن يفتخرن بهما، وعلى رغم مضي السنوات يتذكرن بشرى وصفية، ذلك هو التعبير الحقيقي عن حب الوطن وحبنا لبعضنا بعضاً.
البعض في تفكيره الضيق نراه يعطينا إحصائية عن عدد الوزراء الشيعة وعدد الوزراء السنة، عدد أعضاء مجلس الشورى السنة وعدد الشيعة، عدد السفراء من هذه الطائفة أو من تلك الطائفة! هل المهم أن يكون المسئول كفئاً ومخلصاً أو منتمياً إلى هذه الطائفة أو تلك الطائفة، لهذه القبيلة أو تلك القبيلة، بغض النظر عن كفاءته وإخلاصه ونظافة يده؟ هل نقبل بمسئول فاسد مرتشٍ لأنه من هذه الطائفة أو من تلك الطائفة؟ من المهم ألا يكون هناك اعتبار للطائفة في التعيين للوظائف مهما تكن الدرجة الوظيفية، ألا يكون هناك اعتبار لشغل أية وظيفة مهما علت درجتها إلا اعتبار الكفاءة والإخلاص والسمعة الطيبة، ذلك هو الميزان العادل، به لن يشعر المواطن بالغبن والتمييز.
المحاصصة الطائفية تعمل على القضاء على مقياس الكفاءة ليحل محلها مقياس فاسد هو مقياس الانتماء الطائفي والعرقي والعائلي والقبلي، بل نظام الولاء للمتنفذين في الحكم بدلاً من الإخلاص والانتماء للوطن، ذلك يربي ويفرخ الفساد والمحسوبية والتمييز بمختلف أنواعه، وبذلك نعيش في وطن فاسد ممزق يتصارع فيه مواطنوه بحسب انتماءاتهم الطائفية والعرقية والقبلية.
نرفض أن يتم توزيع وقسمة الوظائف والمراكز وعضوية المجالس طبقاً لمعايير فاسدة كالمعايير الطائفية أو العائلية أو العرقية أو القبلية، وكأنها مغانم يستحوذ عليها القوي.
مطالبنا هي العدالة المبنية على المواطنة، نرفض المحاصصات الطائفية، نرفض الفساد في السلطة وفي الوظيفة أيّاً يكن مرتكب هذا الفساد
إقرأ أيضا لـ "شوقي العلوي"العدد 3227 - الجمعة 08 يوليو 2011م الموافق 06 شعبان 1432هـ
بوحمد
صح الله لسانك ولكن هذا هو الواقع الذي نواجه في جميع المواقع في مملكه البحرين وسبحان مغير الاحوال.
صح لسانك وسلم قلمك وجعلك الله على الدوام تنبض لعموم الوطن
............... ، متى نعي بضرورة وحدة التيار الوطني وانسجامه مع نفسه وتميّز عن الحركات الطائفية
ومن زرعها اخي الفضل من بيده القرار اوالناس؟؟؟؟
............. اقول لانرغب الا بالمواطنة المتساوية وتعزيز قيم المواطنه الحقة وهي ليست مستحيلة التطبيق مانحتاجة هو ترشيد خطاب الفتن المدعوم والمحمي من بعض من لديه قوة اعتبارية واتمنى ان لايزيد الشرخ الواقعين فيه اكثر فمضاره حاليا شديدة وتحتاج لوقت طويل بعدما حدث من استغناءات ا