أعرف ماذا يعني أن يأمل الناس.
أعرف ماذا يعني أن ييأسوا.
تماماً كألم الولادة.
النزع الأخير من الحياة والفارق بينهما!
بدء حياة، وذبول أخرى.
يقول شاعر لشرطي: أنت خازن اليأس.
خزائني بإطلاق الأمل إلى سمائه وحريته وفضائه الضروري، واحتماله المفتوح على المعنى والدهشة.الحروب، الأوبئة، شهوة التكالب على النهب، الدسائس، رواج ثقافة الكراهية، هيمنة الجهلاء على القرار، والمناهج التي تعمِّق الغياب، كل تلك علامات لقيامة اليأس.
النقيض من ذلك، يفسح للحياة مكاناً لأخذ حصتها من الشمس والحب، وما يؤثث هذا العالم بكل ما هو مدهش وبسيط وعميق في الوقت نفسه!
تكون أقرب إلى نفسك، روحك، ملامحك حين الأمل.
تكون بمنأى عن نفسك، روحك، ملامحك حين اليأس.
لكأن الأمل مكانك.
واليأس منفاك وتيهك.
في الأول تجد بيتك.
وفي الثاني أنت مقصى ومبعد عن ذلك البيت.
لا بيت لك.
في النفي ممعن من دون روح، ولا تتعرف عليك الجهات التي تجهلها أساساً.
ما يجعل الأمل مقدَّساً، أنه يدلُّك على الحياة التي يجب أن تحياها بمعنى عميق.
ما يجعل اليأس شريراً، هو ذلك النفث الذي يمارسه في روحك، تحريضاً على الحياة/عليك. أن تراها من زاوية عتمته ورماده.
لا يريد لعينيك أن تعرف الألوان وتتعلمها.
يعمد إلى أجنحة روحك وتوقك، فيمعن فيها حطْباً وقصفاً.
يريدك شاهد زور عليك. شاهداً على الشلل ووصفة له!
الأمل يأخذ بيدك نحو التجلِّي في كل روح.
اليأس يأخذ بيدك نحو كل قبر وشيخوخة غائبة وتاريخ مبتلى.
الأمل صديق تراه وإن انشغل عنك.
اليأس خنجر يباغتك في كل زاوية ومكمن.
الأمل ربيع قلبك. اليأس خريفك المضجر والكئيب. الأمل كاس عافيتك اليومية.
اليأس كأس سم تتجرعه لكأنه ماؤك الذي يودي بحياتك!
والسياسات المتخبطة اليوم، حوَّلتْنا إلى كائنات من يأس.
لكأن كل أمل هدى. لكأن كل يأس ضلال!
الأمل يجعلك مشغولاً بأفق لا ترى له نهاية.
اليأس يجعلك مشغولاً بعدم مطلق.
في الأمل تتبدد أوهامك.
في اليأس ثمة مرتع للأوهام.
في الأمل لا تحتاج إلى نفق كي تلتمس ضوءاً في نهايته.
في اليأس أنت في أنفاق موصدة.
لا تحتاج إلى معنى في الأمل.
في اليأس أنت بلا معنى.
في الأمل تتنفس العالم.
في اليأس أنت بل رئة.
في الأمل أنت شيخ وقتك.
في اليأس لا شيء يدل عليك.
في الأمل أنت مهبط الضوء.
في اليأس أفقك العتمة
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 3222 - الأحد 03 يوليو 2011م الموافق 01 شعبان 1432هـ