تافهة تلك الفتاة التي تلهث وراء البريق الاجتماعي والمظاهر الكذابة، فالمال لا يخلق انسانا ولا يجعله أصيلا وبحثك يا فتاتي عن زوج غني ومن عائلة مرموقة قد يعرضك للكثير من الإهانة والتجريح فأنت فقيرة وبيتك كوخ أمام قصره وتربيت تربية تختلف عنه تماما فأين البساطة والسذاجة والتواضع أمام الفخامة والخدم والحشم؟ حتى طعامك ربما يختلف عن طعامه وربما الذوق أيضا فما الذي يدفعك للسعي وراء شاب من طبقة مخملية؟ قفي مكانك وتأملي وفكري طويلا... اليوم أمه تقول انك على غير المستوى ويقف عاجزا عن الرد عليها وهو يراك تتألمين وتمسحين دموعك من وجع الجرح... جرح الكرامة فماذا ينتظرك بعد الزواج؟، هل تتوقعين العيش بنعيم الفلوس والجاه من دون دفع ثمن من كبريائك وكرامتك؟، انها ستذكرك في كل حين بفقرك ويتمك، وتذكرك بشيء لا ذنب لك فيه، وتتفاخر عليك بشيء لا فضل لها فيه.
فيا فتاتي الحائرة لقد قلت لك ان المال لا يخلق انسانا أصيلا ان لم يكن قبل الثراء أصيلا... ودعك من خرافة البحث عن زوج وسيم ومرتاح ماديا واجتماعيا واقتصاديا... ابحثي عن رجل كريم ومن أصل كريم يتوافق معك ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا... ابحثي عن رجل يرجح في حياته الخلق الرفيع والدين الحنيف يراعي ربه في أمور حياته ويخاف الله في دنياه وبعد مماته وثقي بأنه سيعاملك بالحسنى والاحترام وستكونين في مكانك الصحيح معززة مكرمة من دون تجريح، دعك من المال ان الله يرزق من يشاء بغير حساب... أما الثري فإن الحواجز بينك وبينه كثيرة تحول دون اتصالكما وانسجامكما وبالتالي نجاحكما في الحياة الزوجية، وستدفعين الثمن وحدك. فألف ساذجة مثلك على قائمة الانتظار في مفكرته ثم انك تقولين انه مريض وعلى رغم مرضه تطلبين الاقتران به... هذا هراء وكلام غير عقلاني، ان سلامة الزوجين من الناحية النفسية والناحية الجسمانية أمر مهم للغاية فلابد من الكشف الطبي قبل الزواج للتأكد من سلامة أي زوجين وخلوهما من الأمراض الوراثية التي قد ينتج عنها لا قدر الله طفل مشوه او معوق الى غير ذلك، بالإضافة الى مراعاة الجانب النفسي الذي لا يقل أهمية عن الجانب الصحي فقد يكون الزوجان متناسبين من الناحية الاجتماعية والمادية والثقافية ولكنهما من ناحية القبول النفسي ليسا على وفاق... فماذا دهاك يا عزيزتي وتصرين على الوسامة والثراء.
أيتها الفتاة دعك من ذلك البريق الوهاج الذي يخطف الأبصار ويحرق كل من يقترب منه، ان الثروة تكبر بالثروة ولا تلبسي ثوبا غير ثوب الصحة والطهارة والنقاء، ثوبا يناسبك في اللون والمقاس... وتزوجي من وزنك بالفضيلة والعفاف والأصل الكريم فأنت مازلت صغيرة ولا تعرفين من شئون الحياة شيئا. تزوجي من يشتريك بالحب والحنان ولا يسخر منك ولا من فقرك ويصبر عليك ويتحمل زلتك. يوجهك ويرشدك ويرضى عنك فإن اخطأت غفر لك وان تحيرت كان لك ناصحا، ضعي يدك في يده النقية القوية العاملة بجهد من أجل لقمة العيش، سيري معه وارتشفي من نبع الصفاء والرضا لتعرفي معنى هذا الاحساس الخلاب الذي يداعب المشاعر ويأخذ بالعقول وذوقي طعم السعادة الحقيقية بعيدا عن بريق المال والماس
العدد 322 - الخميس 24 يوليو 2003م الموافق 25 جمادى الأولى 1424هـ