العدد 3219 - الخميس 30 يونيو 2011م الموافق 28 رجب 1432هـ

الإسراء... رحلة الأرض إلى السماء

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يحتفل المسلمون في السابع والعشرين من شهر رجب بذكرى الإسراء والمعراج، التي وقعت قبل حوالي عامين من الهجرة على الأرجح، وسجّلها القرآن الكريم في سورتين مكيتين... «الإسراء» و«النجم».

السورة الأولى تتكلّم عن الإسراء إلى أرض فلسطين وتبدأ بالتسبيح: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا...»، وتتناول جانباً من سيرة بني اسرائيل، مؤكدةً وحدة الأديان السماوية التي تنطلق من مشكاةٍ واحدة. أما السورة الثانية فتتكلّم عن المعراج إلى السماء وتبدأ بقَسَمٍ عظيم: «والنجم إذا هوى، ما ضلّ صاحبكم وما غوى». وهي رحلةٌ سماويةٌ خارقةٌ في زمانٍ كانت وسائل نقله الرئيسية الجِمال، التي تقطع المسافة بين مكة والشام في شهر.

كتّاب السيرة القدامى اهتموا بإيراد التفاصيل عن الواقعة وما فيها من إعجازٍ، وموقف معاصري الرسول (ص) بعد إعلانه عنها صبيحة الإسراء. أما الكتّاب المحدثون فأشاروا إلى خلفية الرحلة، التي جاءت في وقتٍ عصيبٍ على صاحب الرسالة، بعد حصار بني هاشم في الشِعب؛ وفي أعقاب عام الحزن حيث فقد حاميه أبي طالب وزوجته الوفية خديجة؛ وبعد عودته من رحلة الطائف حيث سلّطوا عليه السفهاء والصبيان يرمونه بالحجارة؛ وبعدما اشتدت وطأة المشركين على أتباعه. لقد كانت رحلةً تسرّيه وتخفّف أحزانه وتنقله من أزمة الأرض إلى آفاق السماء.

هنالك التقى عدداً من الأنبياء عليهم آلاف التحايا والسلام، ورأى أحدهم كالقمر فسأل عنه فقيل هذا أخوك يوسف. ورأى كهلاً أبيض الرأس واللحية فسأل عنه فقيل انه هارون. ورأى رجلاً طويلاً آدم (أسمر) فسأل فقيل انه موسى. والتقى بكهلٍ لم ير رجلاً أشبه به منه، فسأل فأُجيب: هذا أبوك إبراهيم. أما أبدع تصوير فما قاله عن عيسى «رجل أحمر، بين القصير والطويل، سبط الشعر، كثير خِيلان الوجه، كأنه خرج من ديماس، تخال رأسه يقطر ماء، وليس به ماء»، حسبما جاء في سيرة ابن هشام الحميري المعافري.

في هذه الرحلة أطلعه الله على مصائر بعض العباد من أصحاب الكبائر، من أكلة أموال اليتامى والمرابين الجشعين، والمتهاونات من النساء بأعراضهن، لينقل هذه الصور المريعة لتتعظ الأجيال.

1. ابتدأت الرحلة ليلاً، وانتهت قبيل الفجر في بيت أم هانئ، ولما حدّثها بحديثه طلبت منه ألا يحدّث قومها لكيلا يكذّبوه فأبى. وهكذا كان... صدقه بعضهم وكذّبه وسخر منه آخرون. ونزلت السورة الأخرى: «ما ضلّ صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحيٌ يوحى. علّمه شديد القوى. ذو مِرّةٍ فاستوى. وهو بالأفق الأعلى. ثم دنا فتدلى. فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى. ما كذب الفؤادُ ما رأى. أفتمارونه على ما يرى». وهكذا تتدفق الآيات البينات بهذا الإيقاع الساحر الآسر للألباب، حتى ينتهي الدرس السماوي بقوله تعالى: «أفمن هذا الحديث تعجبون. وتضحكون ولا تبكون»؟ كيف... «والأرضُ جميعاً قبضته يوم القيامة والسمواتُ مطوياتٌ بيمينه».

جاءت الرحلة في أوج الحصار والمقاطعة والمعاناة. قبائل وثنية ظلّ يدعوها إلى ترك عبادة الأصنام أكثر من عشر سنين، فتصدّى له أصحاب المصالح والأموال والتجارات. وكان يمنّيهم بمُلكِ كسرى وقيصر، فكذّبوه وهم الذين كانوا يسمّونه الصادق الأمين. لم يلتف حوله إلا قلةٌ من الأحرار الأنقياء، وكثرةٌ من العبيد والأرقاء، حتى خرج من مكة مهاجراً إلى يثرب، فاستقبله أهلها أحسن ترحاب وأكرموا وفادته، ليبدأ التأسيس لأول دولةٍ عادلةٍ في التاريخ، بعد دولة يوسف الصديق في مصر.

كانت رحلةً موحيةً فيها الكثير من الصور الكونية الباهرة والظلال، ألهمت أدباء وشعراء، عرباً وأجانب، الكثير من الكتابات على مر العصور

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3219 - الخميس 30 يونيو 2011م الموافق 28 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 4:47 ص

      النبي سليمان ع والنبي محمد ص .. عرجا في الفضاء والكون بالقدرة الالهية قبل أي انسان ونظر للنجوم والكواكب والعلامات ... ام محمود

      شهد الإمام علي(عليه السلام) بهذه الحقيقة التأريخية حين قال في إحدى خطبه: "... الى أن بعث الله سبحانه محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) لإنجاز عِدَتِه واِتمام نبوّتِه، مأخوذاً على النبيين ميثاقه مشهورةً سِماتُه...
      ويذكر عليه السلام الرحلة السماوية العظيمه بقوله: (بعثه بالنور المضيء والبرهان الجلي والمنهاج البادي والكتاب الهادي، أسرته خير أسرة وشجرته خير شجرة أغصانها معتدلة وثمارها متهدلة)
      --
      نتعلم من الذكرى :
      الصمود-الصبر-تحمل المشاق-التضحية
      التمسك بالمبدأ والحق- النصرة من السماء

    • زائر 9 | 4:27 ص

      نبارك لكم الذكرى العطرة .......... 2 ........... ام محمود

      التي تنسخ بها الملائكة في صحفها في اللوح المحفوظ7- سماع النبي ص كلام الله الذاتي الأزلي الذي لا يشبه صوت البشر.
      8-رؤيته الى الله تعالى عز وجل بفؤاده وليس بعينه بعد أن أزال عنه الحجاب المعنوي.
      ومن أقوال الرسول محمد (و اعلموا انكم لن تروا ربكم حتى تموتوا)
      9-تذليل الدابة (البراق) للقيام بهذه الرحلة التي تفوق جميع المقاييس وسميت بذلك لأن سرعتها تفوق البرق
      10- قبه الصخرة سميت بهذا الاسم لأنها تقوم على الصخرة المقدسة التي عرج منها الرسول محمد خاتم الرسل والأنبياء ..

    • زائر 8 | 4:15 ص

      نبارك لكم الذكرى العطرة ليوم المبعث النبوي الشريف المعجزة الخالدة ... 1 .. ام محمود

      ومن العجائب الباهرة التي رآها الرسول الأعظم محمـــــــد (ص) ما يفوق الخيال الانساني :
      1-_ مالك خازن النار.
      2- البيت المعمور وهو بيت مشرف في السماء السابعة لأهل السماء كالكعبة المشرفة لأهل الأرض.
      3-سدرة المنتهى وهي شجرة عظيمة بها من الحسن والجمال ما لايصفه أحد وفراشها من الذهب الخالص.
      4-الجنة وهي فوق السموات السبع فيها ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر ببال بشر.
      5-العرش وهو من مخلوقات الله يحمله 4 من الملائكة ويوم القيامة يحمله ثمانية أملاك عظام.
      6- سماع الرسول ص لصرير الأقلام

    • زائر 7 | 4:09 ص

      صباحك عسل يا سيدنا الكريم

      الف صلاة وسلام وتحيات عطرة على جدك رسول الله صلي الله عليه وعلى آل بيته الاطهار النجباء المعصومين عليه وعليهم افضل وازكي وانمى واعطر التحيات والصلوات وسلامه عليهم اجمعين- تسلم سيدنا على كلماتك العطرة وجزاك الله خير الجزاء

    • زائر 6 | 3:09 ص

      عجيب

      شكرا سيد، وعجيب هذه المعلومات مثل ما قلت أما أبدع تصوير فما قاله عن عيسى «رجل أحمر، بين القصير والطويل، سبط الشعر، كثير خِيلان الوجه، كأنه خرج من ديماس، تخال رأسه يقطر ماء، وليس به ماء»، يجعلك هذا التصوير تتخيل النبي عيسى عليه السلام واقف امامك.

    • زائر 5 | 2:32 ص

      عبد علي عباس البصري

      يقول الامام زين العادين ابن الحسين ابن علي ابن رسول الله (( سبحان الذي يعلم وزن الريح كم هي من مثقال ذره ، ويقول سبحان من يعلم وزن الفيئ والضياء)) يبين الامام ان الذره هي الوحده الادق للوزن وهي المكونه للغازات وهناك وحده ادق منها هي ((الفوتونات)) التي تنطلق على هيئه ضوء . نعم عندما نقرأ مثل هذا وغيره من كلام علي وابناء على نصدق ان جدهم اسري به لان اذا كان هذا علم ابنائه فكيف به هو صلى الله عليه وآله وسلم وحقيقُ ان يكون هو اعلم منهم ويستحق ان يسري به .

    • زائر 2 | 2:04 ص

      عبد علي البصري

      الرحلات التي تقوم بها وكاله الفضاء ناسى كانت ترسل علماء فضاء فهم يعلمون البعد الزمني والظرف المحيط الخالي من الهواء والماء !! وأحوال الكواكب والنجوم والتصادمات في النجوم والمجرات وانتحار المجرات وأنواع النجوم مثل (( النجم الهاوي والنجم الثاقب )) والكواكب الدواره (( وهم في فلك يسبحون)) ........ فالله ارسل نبينا عالما بحقائق الامور ؟ قبل ان يطاف به في اقطار السماوات؟ ونما الفرق هو لنريه من آياتنا الكبرى

    • زائر 1 | 1:47 ص

      عبد علي البصري

      هكذا كانت رحلته صلى الله عليه وآله وسلم لا للترويح عن عنائه وتعبه ,كمانحن نفعل وأنما ( لنريه من آياتنا الكبرى)خرج الى اقطار السماوات فما هذه الآيات الكبرى ؟! خرج وعاد في ليله واحده بينما البعد الزمني يقضي بملاييين السنيييين بين المجرات والكواكب فكيف اختزل الله له هذه السرعه ، بقدرته جل جلاله . .... ........

اقرأ ايضاً