نشر محمود القصاب مقالا قيِّماً من حلقتين بعنوان «رؤى للحوار... شرعية النظام وشرعية المشاركة» في «الوسط» بتاريخ (17/ 6/ 2011 و18/ 6/ 2011). ينطوي المقال على قدر كبير من الأهمية الوطنية في وقت تتأهب فيه القوى المجتمعية والشخصيات المعنية لدخول أبواب حوار التوافق الوطني الذي دعا إليه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بأفق متفتح نحو مستقبل أجمل وأكثر عدلاً وتطوراً لمملكتنا الحبيبة. وبقدر ما يشخِّص مقال القصاب الواقع السياسي البحريني ما بعد الأحداث الأخيرة التي مر بها مجتمعنا فهو يطرح عددا من الرؤى الرصينة الحَرية بأن تفضي لحوار ناجح. وفي ثنايا رؤى الكاتب التي تتناول الحوار المرتقب من جوانب عدة بإمكان المرء أن يلتقط عديد الطروحات والأفكار المهمة الكفيلة برفد حوار وطني مصيري مقبل عليه مجتمعنا. وأخص بالذكر هنا طروحات وأفكار أظنها محورية لإرساء أسس مبدئية وأخلاقية وإجرائية يتم التوافق عليها من أجل حوار محرز يتطلع إليه المجتمع البحريني. وأحسب أنها أفكار تستحق أن يُسلط عليها المزيد من الضوء، ويظل للقصاب فضل وسبق التطرق لها، وليسمح لي إن اقتبست بعض صياغاته ومصطلحاته.
يعايش مجتمعنا تداعيات الأزمة التي عصفت به ويمكن القول إننا جميعا (كل أطراف المجتمع ومكوناته) عالقون في عنق زجاجة نأمل أن يكون حوار التوافق الوطني سبيلا ناجعا لإخراجنا منها. فالمجتمع يشهد انقساما واصطفافا بل وتخندقا طائفيا غير مسبوق تفاقمه حملات إجراءات رسمية انتقامية لم تشهد لها البحرين مثيلا ويغذيه إعلام رسمي منحاز ويعززه جهل بعض القطاعات الشعبية بمبادئ المواطنة وحقوقها.
لقد استجدت معطيات سياسية في الواقع البحريني تؤكد أن الحوار المرتقب لن يكون حوار ما قبل الأزمة ولا الحوار أثنائها، وحري بكل معنيٍّ بهذا الحوار أن يعي أن غالب مفاتيح الحل والربط هي اليوم بيد سلطة النظام الرسمي.
إضافة لذلك فقد دخلت أطراف جديدة مسرح الحراك والفعل السياسي لها رؤاها ولها مطالبها، وقبل كل ذلك لها حقها في المشاركة وطرح الطموحات والمطالب والدفع باتجاه تحقيقها. من جانب آخر، وفي ظل ما جرى من أقلمة وتدويل للأزمة التي مرت بها مملكة البحرين فعين العالم على هذا الحوار ومتطلبات مبادئ حقوق الإنسان شاخصة وستلقي بظلالها وتأثيرها على سير الحوار ونتائجه.
في ضوء تداعيات الأزمة تولت الدولة منفردة وضع محاور الحوار وتحديد آلياته ووقته وعدد وهوية حضوره، صحيح أن الجهة المنظمة للحوار طلبت مرئيات الجهات المدعوة إليه، لكننا نظن أن من العدل أن يترك للمتحاورين بعد جلوسهم على الطاولة أمر التوافق على أسس مبدئية وأخلاقية وإجرائية يُبنى عليها الحوار قبل خوضهم غماره والدخول في تفاصيله. وانطلاقا من معطيات الواقع الحالي وتداعيات الأزمة التي عصفت بمجتمعنا نقترح الأسس التالية دون أدنى ادعاء بكامل صحتها أو كمالها:
- اعتماد مبدأ التوافق بين المتحاورين في القضايا التي ستطرح على طاولة الحوار، أي وضع الحلول بشكل توافقي يتم التوصل إليه بعد المناقشات والتقريب بين وجهات النظر.
- الالتزام والإقرار بالشرعية الدستورية للنظام وبالحكم المتوارث لأسرة آل خليفة.
- الالتزام بميثاق العمل الوطني والدستور وغيره من قوانين مع التوجه - في الوقت ذاته - لتطويرها بما يرفد التطور الديمقراطي لمجتمعنا.
- الالتزام بكل المعاهدات والمواثيق الخليجية والعربية والدولية التي وقعت عليها مملكة البحرين والتزمت بها.
- انطلاق الحوار على أسس وطنية بحتة قوامها: الوطن، المواطن والمواطنة واعتماد الرؤى والحلول من منظور وطني بحت.
- مستقبل مملكة البحرين وشعبها هو في التوجه نحو ترسيخ الدولة المدنية الديمقراطية بما يقتضيه ذلك من إصلاحات حقيقية وشاملة.
- رفض طروحات المحاصصات الطائفية وعدم السماح بأي طرح طائفي منطوِ على تحريض أو كراهية للآخر.
- اعتماد مبادئ التسامح وقبول الآخر والإجماع وتوحيد الصف الوطني وإضفاء تلك المبادئ على أجواء الحوار.
- لا يحق لأي طرف أن يدَّعي احتكاره تمثيل الشعب البحريني ذي التعدديات السياسية والعرقية والأيديولوجية والطائفية والمذهبية.. إلخ.
- اعتماد مبدأ علو سقف الحوار دون قيود أو نزوع لتحديده بمستوى معين.
- إتاحة المجال لكل مكون أن يعبر عن آرائه بكل حرية دون قمع أو إقصاء.
- عدم العودة للوراء أو التراجع عما حققته البحرين من مكتسبات على جميع الصعد في العهد الإصلاحي لجلالة الملك.
ختاما، وبعيدا عن كل تداعيات الأزمة، تظل دعوة جلالة الملك الأمل الباقي والمخرج المتاح، بها نلقي بالأزمة وراء ظهورنا - كما عبر جلالته عن ذلك - ونتطلع للأمام ونتوجه يدا بيد نحو المستقبل
إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"العدد 3210 - الثلثاء 21 يونيو 2011م الموافق 19 رجب 1432هـ
رؤى الحوار
هذه رؤى مقتبسة من التريخ الإسلامي و كان اها إيجابياتها حينئذ.