العدد 3208 - الأحد 19 يونيو 2011م الموافق 17 رجب 1432هـ

على متن تلك الطائرة!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

جلست على أحد كراسي الدرجة الأولى لأوّل مرة على متن تلك الطائرة، ورافقتني الرحلة ابنتاي الصغيرتان، وما أن أعلن الطيّار عن مسار الرحلة وبدئها، حتى طار قلبي فرِحاً، فلأوّل مرّة يتحقّق ما طمحت إليه، وأصبح حقيقة واقعة على متن هذه الرحلة، إذ سأذهب للدراسة في الخارج، ولأوّل مرّة سأعود وفي يدي شهادة الماجستير.

وما أن بدأت الرحلة حتى بدأ عقلي باسترجاع ملفّاته، منذ الصغر وأنا أعشق العلم، وقد تربّيت على يد أمّي اليتيمة الأمّية التي مازالت تحاول كتابة اسمها، وقد علّمتني كيف أعشق العلم وأقدّره، وكيف أحقّق ما أصبو إليه، وهاأنذا اليوم أجعلها تفتخر بي من خلال مواصلة التعليم العالي. ومن ثمّ بدأت باسترجاع ملف المراهقة الصعبة التي تجلّت في تعلّمي أصول الفقه والعقيدة، والذهاب من ذلك المركز الديني إلى تلك الجمعية الإسلامية، واستفدت كثيراً من تلك الخبرات، وما هي إلاّ سنوات حتى دخلت الجامعة بشقائها المرير، فعبثاً حاول أخي إدخالي في تخصّص الأدب الإنجليزي الذي كنت أتمناه، ولم نستطع الحصول عليه بسبب الواسطة! وانتهيت بدراسة الخدمة الاجتماعية، ولم تكن الظروف المادية تساعدنا في الدراسة، فما كان منّي إلاّ العمل بعد الدراسة، وبالفعل استطعت العمل في عيادة الدكتورة عفاف، التي احتوتني كالأم الحنون، ونهلت منها معرفة كبيرة، واستفدت من خبرتها في هذه الحياة.

وأرجع إلى صندوق الذكريات مرّة أخرى وأنا قابعة في ذلك الكرسي، لأتذكّر كيف حصلت على بعثة من إحدى الدول، وجلّ ما وضعته أمام عيني هو العودة إلى الوطن، والاستفادة من خبرتي، حتى أرفع اسم وطني بين السحاب، وما أجمل أن يحمل الإنسان همّاً مثل همّ العلم والتعلّم.

وما هي إلاّ ساعات حتى حطّت بنا الطائرة على ذلك المكان الجميل، فحملت حقائبي وحقائب ابنتيّ، وبدأت مشواراً جديداً من محطّة حياتي، لأتعلّم وأستفيد وأعمل وأتعلّم مرّة أخرى.

انتهى الحلم... إنّه حلمي الذي أحلم به كل يوم وأسعى من أجل تحقيقه، فهل فكّرتم في حلم تشاركوني فيه؟ إذ إنّ الأحلام لا تكلّف ولكنها قد تتحقّق في يوم من الأيام، وإن لم تتحقّق فاعلموا بأنّ ذلك اليوم سيأتي.

الطائرة هي الحلم، والمكان هو الهدف، فلا تحرموا أنفسكم من الحلم، لأنّه جزء لا يتجزّأ من خطّة تحقيق الأهداف، ولا تنسوا بأنّ الله لا ينساكم ويعلم ما في قلوبكم، وأنّه لن يخذلكم، بل سيعطيكم ما تتمنّوه، قصر الزمان أو طال.

اليوم الطائرة التي نركبها هي حلم الحوار الناجح للخروج من الأزمة التي تعيشها البحرين، والمكان هو التعايش وتقبّل جميع الأطراف لبعضهم البعض ونبذ التقسيم والعمل على قتل سلاح الطائفية الفتّاك، ونتمنّى تحقيق هذا الحلم الأكبر في أن تكون البحرين للجميع وهي كذلك منذ القدم!

اللهم إننا عبيدك أبناء عبيدك، نسألك بكل اسم هو لك سمّيت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أن تحفظ البحرين وأهل البحرين مِن كل مَن أراد بهم سوء، ورُدَّ كيدهم في نحرهم، اللهم آمين

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3208 - الأحد 19 يونيو 2011م الموافق 17 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:37 ص

      الى الاستاذة العزيزة مريم الشروقي

      اشكرك على هذه المقالة الرائعه, وعلى هذا التصوير الجميل ....
      عرفتك انسانه طموحه منذ ايام الجامعه وزميله عزيزة في مجال العمل....
      اتمنى من صميم قلبي ان نجد مخرجاً قريب الاجل لازمتنا الحالية وان نعود نحن البحرينيين اخوه مترابطين لا تهز سفينة وطننا اي ريح او موج.....
      اخوك/ أ.موسى

    • زائر 1 | 10:41 م

      اللهم أمين

      واسمع نِدائي وَاسْتَجِبْ دُعائي وَحَقِّقْ بِفَضْلِكَ اَمَلي وَرَجائي يا خَيْرَ مَنْ دُعِي لِكَشْفِ الضُّرِّ وَالْمَأمُولِ لِكُلِّ عُسْر وَيُسْر بِكَ اَنْزَلْتُ حاجَتي فَلا تَرُدَّني مِنْ سَنِيِّ مَواهِبِكَ خائِباً يا كَريمُ يا كَريمُ يا كَريمُ بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّد وَآلِهِ اَجْمَعينَ

اقرأ ايضاً