العدد 3207 - السبت 18 يونيو 2011م الموافق 16 رجب 1432هـ

مساق «خدمة المجتمع»... والانطلاق نحو فضاء المواطنة

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

الرؤية التعليمية مهمة للغاية، فقبل سنوات خلت طلب مني صديق يدرس في الولايات المتحدة الأميركية، أن أزوده بنسخة من مجلة اجتماعية بحرينية، حيث كنا نعمل سوياً في هيئة تحريرها. وبيِّن لي الصديق أن الجامعة التي يدرس فيها هي التي طلبت منه، كإثبات على قيامه بنشاط اجتماعي أو عمل تطوعي في بلده، وتشجيعاً للطلبة الآخرين على المبادرة في خدمة المجتمع.

هذه الجامعة لديها خط فكري قائم على أساس أن النشاط الاجتماعي متطلب دائم، وليس خدمة تقدم لمرة واحدة، فالمساران مزدوجان (النشاط الاجتماعي والتحصيل الأكاديمي)، ولا ينفصلان عن بعضهما بعضاً.

تدفعنا هذه الرؤية للحديث عن «التعليم مدى الحياة»، وهو عنوان أحد المحاور الرئيسية التي استندت إليها وثيقة تطوير التعليم الثانوي لعام 2005م، والقانون رقم (27) لسنة 2005 بشأن التعليم، والذي نصَّ في مادته الثالثة على أنه «يهدف التعليم إلى تكوين المتعلم تكويناً وطنياً وعلمياً ومهنياً وثقافياً...».

انبثقت فكرة مساق خدمة المجتمع ضمن تأسيس نظام توحيد المسارات الأكاديمية، وهو أحد المساقات التطبيقية الإثرائية الرئيسة لتخرج الطالب من المرحلة الثانوية. هو مساق يعنى بتشجع الطلبة على أداء الأعمال من دون مقابل مادي، بحيث تعود بالنفع على المجتمع المدرسي أو البيئة الاجتماعية العامة (خارج المدرسة)، فهو يهدف إلى إعداد المواطن ليشارك بإيجابية وفعالية في خدمة مجتمعه، وليحمل مبادئ التلاحم والانتماء والمواطنة والإيثار معه طوال مشوار حياته.

خصصت للمساق 4 ساعات معتمدة، أي ما يعادل (60) ساعة دراسية، منها 30 ساعة دراسية تطبيق داخل البيئة المدرسية، و30 ساعة تطبيق خارجي في المؤسسات الرسمية بالمجتمع. كما يخضع أداء الطلبة إلى عملية تقييم في الأنشطة داخل البيئة المدرسية من قبل عضو فريق خدمة المجتمع المكلف بمتابعة الطالب، بينما الجزء الخاص بالأنشطة المجتمعية خارج المدرسة، فإن المؤسسة الرسمية تشترك في عملية تقييم أداء الطالب.

وبحسب استمارة تقييم أداء الطالب في مساق خدمة المجتمع، فإن الكفايات الأساسية المراد اكتسابها تتمثل في تجسيد روح الولاء والمواطنة، والتزام الطالب بالتنفيذ الشخصي والمباشر لأنشطة المساق، وتكوينه العلاقات الإيجابية مع الآخرين، والإلمام بوسائل وطرق تحقيق النفع العام، وإتقان مهارات قيادة الذات وحل المشكلات، وتوظيف المعارف الأكاديمية والمهارات الحياتية والقدرات في تقديم خدمات للمجتمع، وإظهار الجدية والانضباط واحترام خصوصية المؤسسة والالتزام بقواعد الأمن والسلامة بها، وصولاً إلى احترام حدود مهمته والأدوار الموكلة إليه، وتقديم المقترحات المفيدة لتطوير تجربته في مجال خدمة المجتمع.

قبل أيام نشرت وزارة التربية والتعليم خبراً عن توزيع الطلبة المطبقين لمساق خدمة المجتمع خلال هذه الفترة من بدء العطلة الصيفية على 150 مؤسسة رسمية، وأن 5622 من طلبة المستوى الثاني الثانوي في المدارس الحكومية سيقومون بالتطبيق الخارجي لمساق خدمة المجتمع، وذلك بمعدل 30 ساعة عمل لكل طالب وطالبة، حيث من المؤمل أن يؤدي الطلبة 168660 ساعة عمل خلال فترة التطبيق.

ليس ذلك فحسب، وإنما سيركز القائمون على المشروع في هذا العام 2011م على ثلاثة محاور أساسية:

المحور الأول: تهمين خدمة المجتمع، بحيث يتم التطبيق الخارجي للطلبة لمساق خدمة المجتمع بالمؤسسات الرسمية بما يتوافق مع ميول الطلبة المهنية، لتحقيق المزيد من الرضا الذاتي ورفع مستوى كفاءة عطائهم للمؤسسة.

المحور الثاني: تنقيح المؤسسات التي تتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وفقاً لمعايير تحقيق الفائدة للطلبة وبما يتطلبه تحقيق أهداف المساق وفلسفته.

المحور الثالث: التوسع في قاعدة المؤسسات المتعاونة مع وزارة التربية والتعليم، بناءً على معايير خاصة يتم تحديدها من خلال التعليم الثانوي لتتوافق مع احتياجات الطلبة.

لدينا في البحرين 29 مدرسة ثانوية (بنين وبنات)، في الوقت الذي نأمل استئناف العمل ببرنامج التوأمة بين المدارس الثانوية باعتباره توجهاً عالمياً متقدماً، لأنه يساعد مجموعة المدارس الثانوية على القيام بمهماتها فترة التطبيق الداخلي والخارجي وفق لوائح ونظم إدارة التعليم الثانوي، وربط المدارس في المجموعة الواحدة برباط وثيق، والتعاون والتوافق المؤسسي بين المدارس، ومنح فرصة للمشاورات وفق المستجدات وعلى مدار العام الدراسي، والمساهمة في تبادل التجارب والخبرات العلمية والتعليمية بين مدارس المركز الواحد، من خلال التواصل والزيارات المتبادلة، لتسهيل مهمات المدارس، والتواصل الشبكي الدائم مع إدارات المدارس ومنتسبيها وطلبتها، والتواصل مع مؤسسات المجتمع المحلي، وتشكيل قيادات ميدانية لبناء وتطوير البيئة المدرسية، وأخيراً الحد من السلبيات التي تعترض المدارس أثناء تطبيق خدمة المجتمع.

وبالاقتراب من الفضاء التربوي فإننا نقدر جهود جميع المعلمين والمعلمات من اختصاصيي خدمة المجتمع والذين نراهن على أدائهم ودورهم الكثير في تنمية روح المواطنة، فطبقاً للوصف الوظيفي لاختصاصي خدمة المجتمع فإن الغرض الرئيسي لوظيفته يتمثل في الإشراف العام على طلبة مساق خدمة المجتمع وحصص التطبيق الداخلي والخارجي وحضور الاجتماعات الدورية مع فريق خدمة المجتمع بالمدرسة، وإدارة التعليم الثانوي والمعلمين والمشرفين وحضور برنامج التوأمة.

يُناط باختصاصي خدمة المجتمع عدد من الواجبات والمسئوليات الرئيسية، أبرزها: متابعة طلبة خدمة المجتمع في التطبيق الداخلي والخارجي، بحيث تكون المتابعة خارجياً في المؤسسات الرسمية عن طريق الزيارات الخاصة يقوم بها الاختصاصي، وإعداد الدراسات والبحوث الإجرائية والتطويرية حول أنواع التثقيف المنفذة بالمدرسة في مساق خدمة المجتمع.

وبما أننا في العام السادس لتطبيق مساق خدمة المجتمع، فمن المهم النظر إلى جملة من الأمور، مثل التنسيق بشكل أكبر مع المؤسسات لتمكين الطلبة على القيام بأدوارههم في مواقع العمل، من خلال عقد ورش عمل مخصصة للمشرفين على المؤسسات أثناء التطبيق الخارجي، لكي يستفيد الطلبة قدر الإمكان من الأعمال الموكلة إليهم، لا أن يسجل الطلبة ساعات الحضور والانصراف وانتهى الأمر، كما أن الزيادة المطّردة في عدد الطلبة تدعو إلى التفكير بجدية في البدائل الأخرى مثل تشجيع التعاون مع القطاع الخاص.

هذا فضلاً عن ضرورة توفير وسائل المواصلات للطلبة واختصاصيي خدمة المجتمع، فبعض الطلبة ربما لا يستطيعون الوصول إلى مواقع العمل، نظراً إلى عدم وجود وسائل مواصلات، والأمر نفسه ينسحب على اختصاصيي خدمة المجتمع، فلابد من منحهم علاوة مواصلات واتصالات إضافية، باعتبار أنهم يعملون خارج أوقات الدوام، ويستخدمون مواصلاتهم وهواتفهم الشخصية.

البعض يرى أن وظيفة اختصاصي خدمة المجتمع شاقة جداً، فلا توجد لديه إجازة سنوية كسائر المعلمين، إلى جانب زيادة الأعباء والمسئوليات عليه في التطبيق الداخلي (من حصص ومتابعة لجميع الطلبة)، والتطبيق الخارجي أثناء العطلة الصيفية وعطلة الربيع والفترة المسائية في الفصلين الدراسيين الأول والثاني، ما يجعل الاختصاصي يعمل صباحاً ومساءً، هذا في وقت يعتبرون مهماتهم أقرب إلى الوظيفة الإدارية منها إلى وظيفة المعلم الاعتيادي.

العائد المادي هو الآخر مطلب يتطلع إلى تحقيقه اختصاصيو خدمة المجتمع، وخصوصاً بعد إقرار ديوان الخدمة المدنية التصنيف الوظيفي لوظيفة اختصاصي خدمة المجتمع على الدرجة السادسة التعليمية، وصرف الساعات الإضافية.

إن عقد المؤتمرات التربوية التي ستقيِّم مساق خدمة المجتمع ضرورة ملحة من منظار اختصاصيي خدمة المجتمع والمؤسسات المتعاونة في التطبيق الخارجي.

في 10 نوفمبر 2008م تم عقد المؤتمر العام لمساق خدمة المجتمع في المرحلة الثانوية، وأملنا أن تتواصل الجهود في تنظيم مثل هذه اللقاءات التربوية المباشرة والمهمة

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3207 - السبت 18 يونيو 2011م الموافق 16 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:34 م

      فرص تحسين المساق

      اشكرك على هذا الطرح وقد وفقت بايصال مجموعة من الرسائل الايجابية منها للاختصاصيين ومنها لاولياء الامور والطلبة ومنها للمسئول المباشر وهو مدير ادارة التعليم ومنها لراسمي السياسات التعليمية وعلى راسهم سعادة الوزير والسادة المستشارين. نقطة واحدة فقط :لا يمكن ان تسير سفينة تطبيق وتطوير المساق مع وجود فجوة بين الاختصاصيين ومدير التعليم، فلم نشهد اجتماعات مجدية ومثمرة بل قررات فردية ....من دون دراسة ميدانية ومن غير مراجعات تقويمية، واشير هنا تقويمية وليس تقيمية. نرجوا ان تصل الرسالة للمعنيين

    • زائر 2 | 1:08 م

      نقطة نظام

      ينبغي ان تكون خدمة المجتمع عمل طوعي لا الزامي وتلك مسالةمهمةلبنا روح العمل التطوعي والمبادرات الذاتية للفرد وذلك بما يعزز مسارات قيم الانجاز الايجابي للبمادرات ويحقق طفرة نوعية في جودة العمل التطوعي وفي المقابل تضع اسس للمكافات التفضيلية للافراد في خدماتهم التطوعية لماذا نشير الى ذلك النهج.؟
      في حقيقة الامر وبحكم موقعي في خارطة العمل الاجتماعي يتقدم الطلبة عادة للمشاركة في الفعاليات لا لتقديم خدمة بل لتعبة المطلوب في المساق الجامع او المدرسي لذلك ندعوا المسؤولين الى ابتكار توصيفة كثر فاعليةوجدة

    • زائر 1 | 12:46 ص

      اين الدليل

      بخصوص مقال تمديد الدوام المدرسي .. انت تحدثت عن ان القرار اخذ بالتشاور مع اولياء امور الطلبة فمتى اخذت ارائهم ؟ وبأية وسيلة ؟ واين هو الدليل على ذلك ام ان الوزارة مارست تنفيذ سياستها العليا في تمديد اليوم المدرسي بدون الاستناد لاي جهة اخرى ؟

اقرأ ايضاً