العدد 3204 - الأربعاء 15 يونيو 2011م الموافق 13 رجب 1432هـ

المهم... الأوقاف الجعفرية إلى أين؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الأوقاف الجعفرية من المؤسسات التي كانت وستبقى تثير الجدل، لأنها ببساطةٍ، تشرف على أقدم مؤسسات المجتمع تجذّراً وأوسعها حضوراً في حياة القطاع الأوسع من المواطنين.

إلى جانب الإشراف اليومي على المساجد، هناك إشرافٌ موسمي على المآتم والحسينيات في ثلاثة أشهر من كل عام (محرم وصفر ورمضان)، غير المناسبات المتفرقة في أشهر رجب وشعبان وشوّال وشهري الحج. فالمأتم ليس مكان عبادة فقط كما يتصوّر البعض، بل هو مؤسسةٌ ذات تأثير عميق على حياة المجتمع البحريني. وهذه المؤسسات التي تزيد على الألفين بين رجالية ونسائية، تمتلك بعضها أوقافاً آلت أغلبها إلى إدارة الأوقاف منذ تأسيسها قبل ثمانين عاماً، وهي بذلك من أقدم الهيئات الرسمية تنظيماً في البلد.

خلال هذا العمر الطويل تعاقب على الأوقاف رؤساء كان يتم تعيينهم من أسر أو شخصيات معروفة، من الوسط الديني أو التجاري المحافظ. في مثل هذه التشكيلة المغلقة وفي ظل غياب الشفافية والرقابة الشعبية، تراكمت السلبيات والمشكلات والإشكالات والتجاوزات، التي يتكلّم عنها الجميع منذ عقود. وتهيأ لهذا الخزين أن ينفجر مع أول انفراجة سياسية بعد العام 2000. وبعد صدور الصحافة المستقلة في سبتمبر/ أيلول 2002، أصبحت معالجة ملف الأوقاف من ضمن الأولويات.

استمر السجال الساخن خمس سنوات، والمفارقة أن من فجّر الصاعق كان مدير الأوقاف السابق علي الحداد، (وهو من التيار المحافظ أيضاً)، إذ لجأ إلى الصحافة لمكاشفة الجمهور بعدما اصطدم بمجلس الإدارة، الذي طالب بإقالته، ووصلت الأمور إلى المحاكم وظل الملف يتفاعل لفتراتٍ أطول في المجتمع والصحافة. وطرحت أفكارٌ متقدمة من بينها الدعوة لانتخاب مجلس إدارة الأوقاف بدلاً من التعيين، إذا أردنا إصلاحها وضمان الرقابة عليها وتحقيق الشفافية والمحاسبة.

في التغيير التالي بعد انتخابات 2006، تم تعيين النائب السابق أحمد حسين آل عباس، وهو رجلٌ متديّنٌ من التيار السياسي المحافظ، حين تلتقيه – والتقيته في عدة مناسبات - تشعر أنه من النوع المسالم، الذي لا يميل إلى أيّ نوعٍ من الصدام. وانعكس ذلك على أداء المؤسسة، وتحسين سمعتها ووضعها العام. زادت الإيرادات العامة وتم تعديل الإيجارات على العقارات بصورة تدرجية، وتم إقرار مخصّصات للمؤذنين والقيّمين على المساجد، وسعت لتسجيل بقية الأوقاف المهملة منذ عقود طويلة. ويمكن القول إنه بذل جهداً واضحاً لإصلاح ما أمكن، فقد كان الخراب كبيراً. ولكي لا نبخس الناس أشياءهم، كان هناك أعضاء آخرون معه في هذا الاتجاه، ساروا بالسفينة في بحر أقل اضطراباً.

هذه التشكيلة الإدارية المحافظة أطاحت بها التطورات السياسية الأخيرة، إذ وجدت نفسها مضطرةً شرعاً لتوضيح ما تراه حقاً، بعدما تعرّض عددٌ من المساجد والمآتم للهدم. ودخلت في سجالٍ مع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف التي تطرح روايةً أخرى لهذه الوقائع المحزنة. وحين ردّت الأوقاف بما لديها من وثائق ومراسلات رسمية لإثبات رأيها لجأت الوزارة إلى إغلاق موقعها الإلكتروني، في سابقةٍ هي الأولى من نوعها بإغلاق موقع مؤسسة رسمية.

كان التقليد أن يتم أي تغيير في الأوقاف بصورةٍ محدودةٍ، يخرج بعض الأعضاء ويدخل آخرون. لكن في التغيير الأخير تمت الإطاحة بالمجلس السابق بالكامل، وإن كان تعيين المجلس الجديد تم بالمعايير القديمة ذاتها. وهو مجلسٌ ينتظره عملٌ كثير، وما تم إعلانه من برامج ومشاريع كبيرة، أكبر من طاقة أية إدارةٍ غير متفرّغةٍ للعمل، حتّى لو كان نصفها من الوجوه المعروفة والمقبولة شعبياً. ومن المبكّر جداً الحكم عليها مسبقاً سلباً أو إيجاباً، أو نعتها من الآن بصفة إصلاحيين أو محافظين... فذلك تسطيحٌ ومغالطةٌ واستباقٌ للأمور. فليس من مهمة الصحافة المستقلة إصدار كتب التزكية قبل أن يجلس الوزير على مقعده! فلننتظر ونراقب، كلنا أعينٌ وآذانٌ صاغية، لنرى إلى أين تسير

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3204 - الأربعاء 15 يونيو 2011م الموافق 13 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 11:53 ص

      2000 مأتم أو دور عبادة أو مؤسسة ذات تأثير عميق على حياة المجتمع البحريني .......... ام محمود

      هذه المآتم النسائية والرجالية تم انشائها منذ أكثر من مائة عام ودورها كبير في تماسك وترابط الناس وترسيخ العقيدة وذكر الله ومآثر أهل البيت عليهم السلام كذلك المواكب الحسينية واحياء المناسبات الدينية عريقة جدا في البحرين لا نريد من الأحداث الأخيرة أن تغير من اقامة الشعائر سواء الحزينة أو السعيدة أقصد في المواليد والوفيات للأئمة ع في جميع الشهور العربية بشكل عام
      وفي رمضان ومحرم بشكل خاص
      وأرجو للسفينة البحرينية أن تبحر في بحر هاديء
      بعيد عن الأمواج المتلاطمة
      والأعاصير المهلكة

    • زائر 3 | 2:00 ص

      بالتوفيق

      نتمى التوفيق

    • زائر 2 | 12:43 ص

      وفق الله الجميع

      نتمنى التوفيق لمجلس الإدارة للسير بالقافلة لبر الأمان ونبارك لهم الثقة الملكية الغالية

    • زائر 1 | 11:13 م

      غريب الرياض

      نتمنى النجاخ للمحلس الجديد في السير على خطى المجلس القديم و التمسك بكل ما هو حق و الاستقلال عن السلطات الحكومية في مساعيها لتسجيل العقارات المفقودة و بيان رخص المساجد اللتي ازيلت. ........

اقرأ ايضاً