العدد 3204 - الأربعاء 15 يونيو 2011م الموافق 13 رجب 1432هـ

جنون إلكتروني!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

ما هذا الجنون الإلكتروني الذي نعيشه في ظل العولمة؟ وما إمكانية إيقاف هذا الجنون بالنسبة للعالم ولدول الخليج العربي خاصة؟ وهل نستطيع العيش كالسابق من دون أي جهاز إلكتروني يتشارك معنا النوم والاستيقاظ والأكل والشرب، أو حتى دخول الحمّام؟!

حسناً... نجزم بأنّنا لا نستطيع العيش من دون الأجهزة ومن دون الإنترنت، فهي وسيلة من وسائل الحرّية، ولكن عندما تقوم هذه الأجهزة بالاستيلاء على الحرّية، فهي تعد أجهزة دمار وطائفية من الدرجة الأولى.

أستيقظ في الصباح الباكر على رسائل إلكترونية، واحدة تدعو للوحدة والتجمّع، وكثيرة تدعو للقصاص ممّن خان الوطن، وأخرى تستعرض موقفاً غاضباً اتجاه الدولة، وآخرها رسالة تدعوك لرؤية صور من كان في الدوّار، ولم يُمس إلى الآن.

هل نستطيع التحرّك من دون هذا الجنون الإلكتروني الذي زُجَّ في عقولنا، وهل نستيقظ في يوم من الأيام على رسالة ود ترضى بها قلوبنا؟! نشك أنّ هناك فرداً يستطيع العمل براحة، من دون أن يصرخ هاتفه النقّال أو جهازه الإلكتروني، برسالة كراهية للآخر.

يكفينا هذا التمزّق الذي لا يسمن ولا يؤدي إلا إلى خراب البناء الاجتماعي لأهل البحرين خاصة، فلو أردنا الإصلاح، لا يكون الإصلاح عن طريق رسائل تبث الكراهية والطائفية، والتي لا تنم إلا عن حقد دفين وشخصنة لقضية أخرى.

قيل لي من قبل بعض الجمهور الأحباء أن أكتب في الأمور الاجتماعية وأن أترك السياسة، لما فيها من «دوخة راس»، ولكنني لا أستطيع فصل الحياة الاجتماعية عن السياسية، فالثانية تؤثّر في الأولى، وتجعلنا نرجع دوماً إليها، حتى نستطيع تسليط الضوء على الأولى.

أحدهم قال لي إنّ الرسائل التي ترد إليه منذ فبراير/ شباط 2011، كلّها سياسية، وبالطبع هذا يسطع الشعور الكائن لدى الجميع بما يحدث حولنا، فنحن لا نستطيع الكتابة عن «الوردة الحمرة» في ظل «الأيام السودة» التي عاشتها مملكة البحرين، ولا نستطيع التحدّث عن الحب، ونحن محاصرون بكل أنواع الكراهية اتجاه بعضنا الآخر.

يا ليتنا نكتشف برنامجاً يجعلنا نلغي كل الرسائل الحاقدة، من دون أن نقرأ عنوان الرسالة، وبالتالي سنستطيع القضاء على جريمة كبرى وعلى جنون آخر يدخل التاريخ في البحرين، هذا الجنون المؤجّج الذي وسّع الهوة بدل أن يلحمها.

أصبحت أحدث أمنياتنا الذهاب إلى مكان في أرجاء المعمورة، لا تُستخدم فيه أجهزة إلكترونية، بل تستخدم فيه آلات بدائية، يعيش فيها الإنسان بحرية، يرعى الغنم ويرتع في المساحات الخضراء، ويأكل ما لذّ وطاب من الأكل الطازج، وينام في راحة بال، من دون أن يرى هذا التشوّه السياسي حول ما يحيط به.

يجب القضاء على الجنون الإلكتروني أوّلاً إذا أردنا أن نفتح الحوار، ولابد للجميع أن يؤمن بحرّية الإنسان وكرامته، حتى يستطيع التحاور مع الآخرين، فجنون الإلكترونيات سببه جنون الفكر الذي يخاف من المستقبل المشرق، فهل لنا ذلك؟

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3204 - الأربعاء 15 يونيو 2011م الموافق 13 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 12:40 م

      جنون الناس الالكتروني! عندما تصبح الأجهزة الالكترونية نقمة ودمار بدل أن تكون نعمة ورفاهية ... ام محمود

      ان سوء استخدام الأشخاص لهذه الأجهزة الحديثة جداً في العالم العربي ومنها مملكتنا العزيزة بالطبع أصابتنا في مقتل .. عشرات الرسائل اليومية تصل لا تدري أيها الصادق من الكاذب والبعض منها اشاعات وتشويه وقلب للحقائق لذا الذكاء والحذر مطلوبين في هذا الوقت بالذات
      لنبتعد عن الحقد والطأفنه والشك وشق الصف
      من المستفيد والرابح من التهويل ومن الخاسر في هذه الألعاب الخطرة .. الانترنت والهواتف النقالة لها سلبيات وايجابيات كثيرة والشاطر من يختار لاثراء معلوماته وليس لتشويش فكره وعقله

    • زائر 7 | 6:29 ص

      سلمت يابنت الشوقي

      أشهد انك بحرينية اصيلة ، كم من المسجات التي اذهت النوم من عيون الابرياء و الوسائل الاخرى التي اصبحت مخيفة ومرعبة لانها ببساطة يمكن أن تحكم عليك بالاعدام وانت في غرفة نومك وبين عائلتك هذا ما وصلنا اليه من الاساءة في استخدام التقنية الحديثة بدل البناء الهدم والله المعين ،،،

    • زائر 5 | 4:33 ص

      يقال من استمع الى ناطق فقد عبده ان نطق عن الله فقد عبد الله وان نطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان .

      ان القلوب اوعية وافضلها اوعاها للخير ، وقال الرسول الاعظم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " معناها من يؤذي الناس فليس بمسلم على حد قول الرسول وليس كلامي . والناس مخابر وليست بمناظر ، ولابد ان يظهر على فلتات اليد واللسان ان خير او شر ؟؟ والله سبحانه وتعالى يصدح كتابه ليل نهار للألفة والاخوة والوحدة والمحبة وعدم الوشاية والفرقة بين الناس لكن بعض الناس غير موفقين الى ذلك ، لماذا ؟؟ لان ا لاعمال بانيات ولكل امرؤ ما نوى ..........

    • زائر 4 | 4:01 ص

      جنون البشر

      بل هو جنون البشر يااختي .. عندما تتحول لوحة التحكم الي علبة ادوات للجهل المركب ..

    • زائر 3 | 3:42 ص

      بحرانيه محبه للوطن

      سلمت يا أختاه على هذا المقال الرائع

    • زائر 2 | 2:21 ص

      الجنون

      الجنون يبقى جنون والعقل هو المسيطر فالنترك الجنون جانبا ونؤكد على العقل والمنطق والحكمه لندير الحوار المنطقي لمصلحه الوطن الواحد دون تحييز لفئه دون فئه اخرى لوطن واحد للجميع
      وشكرا للكاتبه الرائعه المتوازنه الاطائفيه واستمري يابنت الشروقي

    • زائر 1 | 11:09 م

      من أخوك البحراني

      شكرا لك على كل ما أبدعه قلمك "اللا طائفي" في هذا العمود، فلانك أبنت هذا البلد فمن المؤكد أن تخافي علبه، ولأنك تحملبن في صدرك قلب أنسان وضمير حي فأنت ما زلت تنعمين في جنة الأنسانية.
      أبقاك الله لتفرحي كل أنسان يعشق هذا الوطن

اقرأ ايضاً