شرعت القوى المختلفة المحتمل تمثيلها في الحوار الوطني، في الإفصاح عن مطالبها أحياناً، وهي محقة في ذلك، وشروطها أحياناً أخرى، التي قد تشكل إحدى عقبات الجلوس إلى مائدة الحوار، فيما تعتقد هي أن تحقيقها سيكون له دور في إنجاح ذلك الحوار. بالمقابل عبّرت الدولة - عبر أكثر من قناة: تصريحات سمو ولي العهد، ما جاء في مقابلة معالي وزير الخارجية مع صحيفة «وورلد ستريت جورنال»، عن تصوراته العامة لأطر الحوار الوطني المرتقب - عن رؤيتها العامة لما يمكن أن يتناوله الحوار.
ربما تكون الصورة غير واضحة، ومازال يشوبها بعض الغموض، وتثير معالمها الكثير من التساؤلات. لكن من يقرأ بين سطور تصريحات تلك الأطراف يستشف، وفي منتهى السهولة، غياب عنصر مهم عنها جميعاً، وهو عنصر الثقة المتبادلة بين الأطراف التي ستشارك في الحوار، والتي بدونها (الثقة) سيفقد الحوار عنصراً مهمّاً، إن لم يكن العنصر الأهم من عناصر نجاحه الذي لا يمكن أن يكون مسألة للمناقشة.
والثقة التي نتحدث عنها ليست تلك الثقة المطلقة، العفوية، العمياء، فكما للشك آذان وعيون، للثقة أيضاً ضوابط ومحركات، من دونها تتحول الثقة إلى نوع من الممارسة الساذجة التي تفقد الحوار مبرراته، وتجرده من أية مكاسب لأيِّ طرف.
فالثقة الواعية، اليقظة، التي نتحدث عنها، ونطمح أن تبنيها الأطراف المختلفة فيما بينها، هي تلك الثقة المسئولة، التي بقدر ما تضع على عاتقها مهمة إنجاح الحوار، بعد إزالة العقبات من طريقه، لكنها، وبالقدر ذاته، لا تغفل عن التمسك بأدق التفاصيل التي تنظم العلاقات المبنية على مقاييس حوار مثمر، يتقيد بمعايير الحوارات المتعارف عليها عالمياً، فيما بين الأطراف الباحثة عن عناصر مشتركة لبناء مجتمع متحضر، لكنها تحافظ، في الوقت ذاته، على بقاء الجسور مفتوحة فيما بينها، حتى في فترات توقف الحوار، وربما تعثره.
قد يرى البعض في مطلب توافر الثقة، سلوكاً مقارباً لسلوك بعض من وضع شروطاً تعجيزية يطلب التقيد بها قبل جلوسه إلى مائدة الحوار، لكن الأمر على العكس من ذلك تماماً، فالثقة المطلوبة هنا، هي تلك القادرة على توفير المناخات الصحية الضرورية التي تكفل بناء مفردات معجم ينظم الوصول إلى ما هو مشترك بين القضايا المختلف عليها.
ولكي لا يجد من سيحضرون الحوار أنفسهم أمام أحجية مَنْ يسبق مَنْ: الحوار أم الثقة؟ عليهم أن يباشروا في العمل بشكل متواز لتحقيق المسألتين في آن: تعزيز الثقة فيما بينهم، وفي الوقت ذاته التهيؤ للمشاركة في جلسات الحوار الذي بات إنجاحه مطلباً وطنياً استراتيجياً، غير قابل للنقاش
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3202 - الإثنين 13 يونيو 2011م الموافق 12 رجب 1432هـ
أزمة الثقة
الثقة + الثقة+ الثقة الى مالانهاية الكلمة المطلوب ترجمتها على ارض الواقع ليلمس الجميع معناها الحقيقي .
شكرا
مسك العصا من النصف
مسكت العصا من النصف يا استاد وتناسيت اهمية الشروط
سؤال ايد ان تجاوب عليه بصراحة هل الشروط التي طرحتها معية الوفاق محقة ومطالب شرعية ام لا؟