تعقيبا على المقال الرائع الذي نشره منصور الجمري على صفحات «الوسط» بتاريخ 3 اكتوبر/ تشرين الاول 2002م بشأن المواطنة وحقوق المواطن في المواطنة، سوف أحاول في هذا المقال التوسع في الموضوع ليشمل تعريف المواطنة وحقوق المواطن في المواطنة.
الحد الادنى للمعايير الديمقراطية المعترف بها دوليا هو اعتراف الدولة بحق المواطنة للسكان. وهذا الحق يعتبر أساسيا لنيل الحقوق المدنية للمواطن. والبلدان التي تمنح المواطن حقه الكامل في المواطنة تكون بذلك حققت السقف الاعلى لمعايير الديمقراطية المعترف بها دوليا. ولكن ما هي العناصر الاساسية للمواطنة كحق مدني شرعي يكتسبه المواطن؟ في هذا المقال سوف نشرح باختصار شديد الحقوق المدنية للمواطنة في معظم الديمقراطيات القائمة.
- تعريف المواطنة: المواطنة اصطلاح يشير الى الانتماء الى امة او وطن ويعني هذا الاصطلاح في سياق آخر الجنسية، وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى ان مفهوم الجنسية يحمل معنى اكثر اتساعا، إذ يشير الى حق الحماية التي تسبغها الدولة على مواطنيها اثناء زياراتهم لدولة أخرى.
- الحقوق والواجبات: ينتمي معظم الناس على الأقل لجنسية واحدة، وتسبغ المواطنة حقوقا وواجبات معينة على المواطنين تشمل حق التصويت، وشغل الوظائف العامة.
حقوق المواطنة ايدها الدستور البحريني في الباب الثالث (الحقوق والواجبات العامة) في المادة (17)، الفقرة (ألف) تنص على: أن الجنسية يحددها القانون، ولا يجوز اسقاطها عمن يتمتع بها بصفة اصلية، الا في حالتي الخيانة العظمى وازدواج الجنسية، وذلك بالشروط التي يحددها القانون.
وهناك واجبات تناط بالمواطنين مثل عدد الاشخاص الذين يتمتعون بجنسية الدولة او حق المواطنة أجانب. ويكتسب الكثير هذه الصفة نتيجة انتمائهم لدولة اخرى، او اثناء ترحالهم او اقامتهم في بلد آخر. وعلى هؤلاء الاشخاص ان يحصلوا على تأشيرة دخول تسمح لهم بالزيارة او الاقامة في بلد آخر. ويطلق على الاجانب الذين يقيمون بصفة غير رسمية، مقيمين غير شرعيين.
تختلف حقوق المواطنة من دولة الى اخرى. وتكفل دساتير دول كثيرة الحقوق الاساسية التي يطلق عليها الحقوق المدنية للمواطنين. ويسمح عدد من الدول بحق التصويت للحكومة وحق التجول او السفر. وتحرم بعض الدول مواطنيها من هذه الحقوق.
الفقرة (جيم) من المادة 17 لدستور البحرين تنص على: انه يحظر ابعاد المواطن عن البحرين او منعه من العودة اليها. والفقرة (باء) تنص على: انه لا يجوز سحب الجنسية من المتجنس الا في حدود القانون.
وميثاق العمل الوطني ايضا ايد حق المواطنة في الفصل الاول (المقومات الاساسية للمجتمع)، ثانيا (كفالة الحريات الشخصية والمساواة)، الفقرة الاولى تنص على: ان المواطنين متساوون امام القانون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم بسبب الجنس او الأصل او اللغة او الدين او العقيدة، وذلك اكده الأمير القائد في اول خطاب وجهه الى شعبه غداة توليه مقاليد الحكم في البلاد.
وهناك بعض القيود التي توضع للحد من هذه الحقوق. فلكي يتمكن المواطن من الادلاء بصوته، يجب ان يتم تسجيله، وان يكون قد بلغ السن القانونية لممارسة هذا الحق والتي تحددها الكثير من الدول بـ 18 عاما، الا ان البحرين حددت السن بـ 21 عاما.
- واجبات المواطن: تختلف واجبات المواطن من دولة الى اخرى، اذ تفرض معظم الحكومات على مواطنيها دفع الضرائب (هذا النظام لا ينطبق على المواطن البحريني المعفى من دفع الضرائب) والدفاع عن الوطن، والامتثال للقانون. وهناك دول تطلب من بعض مواطنيها العمل في هيئات المحلفين (غير مطبق في البحرين والبلدان الاسلامية)، كما تجبر مواطنيها على الادلاء بأصواتهم في انتخابات معينة. ويعتقد كثير من الناس ان عليهم واجبات اختيارية لم ينص عليها القانون مثل: الالمام بالمشكلات العامة، وحماية البيئة. وقد اكد ميثاق العمل الوطني في فصله الثالث (خامسا) على ضرورة حماية المواطن للبيئة والحياة الفطرية. وترتبط هذه الواجبات بحقوق المواطنة ارتباطا وثيقا.
يجب على الاجانب الامتثال لقوانين الدول التي يقصدونها او يقيمون فيها. ويستثنى في هذا السياق تلك القوانين الملزمة للمواطنين فقط. اضافة لذلك يجب على الاجانب طاعة بعض القوانين الملزمة في بلادهم ، على سبيل المثال ، يمكن ان يفرض على الاجانب دفع ضرائب مزدوجة. ويمكن ان يتعرض الاجانب الذي ينتهكون قوانين الدول المضيفة الى السجن او الغرامة، (لا ينطبق على الاجانب المقيمين في البحرين).
وتمنح معظم البلدان الحصانة الدبلوماسية للأجانب الذين يمثلون حكوماتهم. وتنطوي الحصانة الدبلوماسية على حقوق معينة يتمتع بها ممثلو الحكومات الاجنبية وموظفوهم وعائلاتهم، وتعفي هذه الحقوق الدبلوماسيين من التوقيف.
- اساليب الحصول على الجنسية: تحكم منح الجنسية في عدد من الدول قواعد مختلفة. وهناك اسلوبان يجب اتباعهما للحصول على الجنسية: الاول بالميلاد، والثاني بالجنسية المكتسبة او التجنس، لكن خطاب عظمة الملك اسقط الشرط الثاني للحصول على الجنسية البحرينية، وبهذا ساوى عاهل البلاد بين المواطنين بحق الحصول على الجنسية البحرينية من دون تمييز.
- أما الميلاد فيكتسب معظم الناس الجنسية بالميلاد. وتمنح قوانين الكثير من الدول هذا الحق استنادا على هذا القانون. وتضع بعض الدول قيودا على منح الجنسية للاطفال الذين يولدون في اقليمها، على رغم اكتساب آبائهم للجنسية. كما تمنح الجنسية بعض الدول حق اكتساب الجنسية لمجموعات معينة من الاشخاص. وتشمل هذه المجموعات ابناء الدبلوماسي وأطفال اللاجئين (اي اولئك الاشخاص الذين اجبروا على مغادرة ديارهم بسبب الحرب او مشكلات اخرى).
وتستخدم بعض الدول قواعد اخرى لمنح الجنسية غير حق الميلاد على ارض الدولة. وتنص هذه القاعدة على منح جنسية احد الوالدين او كليهما للاطفال بغض النظر عن مكان ولادة الاطفال او مسقط رأس الطفل. ويطلق على هذا الحق حق الدم او جنسية البنوة.
الجنسية المكتسبة: يعني هذا الاصطلاح العملية القانونية التي يكتسب من خلالها الاجنبي جنسية الدول الاخرى، التي يريد استيفاءها لاكتساب الجنسية. فبعض الدول تشترط على طالبي الجنسية، الاقامة في ارضها لعدد من السنين. وهناك عدد من الدول يمنح الجنسية للاشخاص الذين يدركون واجبات المواطنة، اضافة لاتقانهم الكامل للغة الدولة الوطنية. ويشترط بعض الدول على الاجانب التنازل عن جنسيتهم الاصلية اذ ارغبوا في التجنس او اكتساب الجنسية.
الجنسية المزدوجة: يحمل بعض الاشخاص جنسية دولتين. ويطلق على هذه الحال الجنسية المزدوجة (مملكة البحرين لا تعمل بهذا النظام حسب ما ورد في نصوص الدستور). ويكتسب بعض الاشخاص الجنسية المزدوجة بالميلاد، اذ يمكن لطفل ولد على سبيل المثال لعائلة بحرينية في الولايات المتحدة ان يصبح اميركيا بحق الميلاد على ارض الدولة.
ويكتسب بعض الاشخاص الجنسية المزدوجة نتيجة للتجنس. فهناك على سبيل المثال الدول التي تسمح لمواطنيها الذين اكتسبوا جنسية اخرى بالاحتفاظ بجنسياتهم الاصلية. كما تمنع بعض الدول التي تسمح مواطنيها من التنازل عن جنسياتهم. وعندما يعلن بعض هؤلاء الاشخاص التخلي عن جنسياتهم ويكتسبون جنسية الدول الاخرى فان ذلك يعني اسقاط جنسياتهم الاصلية.
يعد مواطنو رابطة الشعوب البريطانية (كومنولث الامم) على سبيل المثال، مواطنين لدول الكومنولث، ومن ثم لا يعدون اجانب في دول هذه الرابطة، لكن هذا لا يعني بالضرورة اكتسابهم لجنسيات دول الكومنولث الاخرى. ويمكن الاشارة في هذا الصدد إلى انه على رغم عدم ارتباط جمهورية ايرلندا بمجموعة الكومنولث، يعد المواطنون الايرلنديون طبقا للقانون البريطاني غير اجانب.
- فقدان الجنسية: يعني هذا الاصطلاح تنازل الشخص عن جنسيته، كما يعني ايضا اسقاط الجنسية عن الشخص.
- انعدام الجنسية (البدون): الشخص عديم الجنسية هو الذي لا تنطبق عليه صفة الانتماء لأي دولة وفق قانون جنسيتها ويسمى في دول الخليج «البدون». ويشار في هذا الصدد، الى انه في بعض الدول لا يحق لابناء الاجانب اكتساب جنسية الدولة التي ولدوا فيها، بحق الميلاد اذا لم يكن قانون الدولة يسمح بهذا الحق، وكذلك لا يكتسبون جنسية آبائهم الاصلية. اذا ما تنازل شخص عن جنسيته من دون ان يكتسب جنسية اخرى، يصبح عديم الجنسية. كما يفقد بعض الاشخاص حقهم في الجنسية في بعض الدول غير الديمقراطية نتيجة لقرار حكومي. فعلى سبيل المثال، تعاقب بعض الحكومات مواطنيها بنفيهم واسقاط الجنسية عنهم. كما فقد الكثيرون جنسياتهم في اعقاب تدمير الحروب لاوطانهم. الفقرة (جيم) من المادة 17 لدستور البحرين تنص على: انه يحظر ابعاد المواطن عن البحرين او منعه من العودة اليها.
والفقرة (باء) كذلك تنص على: انه لا يجوز سحب الجنسية من المتجنس الا في حدود القانون.
اذا القانون هو المحك في تحديد العلاقة بين الدولة والمواطن. وحصول المواطن على حقوقه المدنية، يتطلب اصدار مملكة البحرين لتشريعات جديدة تملك روح الدستور وميثاق العمل الوطني، اللذين حددا الحقوق المدنية للمواطن البحريني، وحقه في المواطنة في ظل النظام الديمقراطي. وجود قانون جديد للحقوق المدنية في البحرين، سوف ينظم ضمن امور اخرى، العلاقة بين الدولة والمواطن، بما في ذلك تحديد حقوق وواجبات المواطنة، مع الاخذ في الاعتبار حق المواطن البحريني الكامل في المواطنة
العدد 32 - الإثنين 07 أكتوبر 2002م الموافق 30 رجب 1423هـ