نادراً ما يمر يوم في لندن، حيث أعيش، دون بعض الاهتمام من جانب الإعلام في العلاقات بين المسلمين والمسيحيين. عادة ما تكون التغطية سلبية وتعني ضمنياً أحياناً أن الدين هو مصدر ثابت لا مناص منه للنزاع، وقد جرت تغطية الصدامات الأخيرة بين المسلمين والمسيحيين الأقباط في القاهرة، والتي تركت العديد من القتلى والجرحى على سبيل المثال بشكل واسع في الصحافة البريطانية.
كانت هناك بيانات إدانة عديدة لهذه الأعمال الوحشية من جانب مسلمين ومسيحيين على حد سواء. ولكن ولسوء الحظ لا تنفع الكلمات في حالات كهذه. يتوجب علينا عمل الكثير لإصلاح وضع ضار بشكل عميق، وبعض التمثيلات الخاطئة لكل من المسيحية والإسلام. وحتى يتسنى التعامل مع هذه الحاجة في بريطانيا، تم إيجاد المنتدى المسيحي الإسلامي قبل خمس سنوات، بعد مبادرة قام بها رئيس أساقفة كانتربري روان ويليامز لزيادة التفاهم ولإيجاد أساليب يستطيع المسيحيون والمسلمون من خلالها أن يعيشوا معاً بإيمان.
يعتنق حوالي نصف سكان العالم إما المسيحية أو الإسلام. ينزعج العديد من الناس كثيراً من دور الدين في الحياة العامة وقدرته على صنع الخير والشر. ويكشف استطلاع أخير حول «المواقف الاجتماعية البريطانية» رهاباً إسلامياً معمقاً في المملكة المتحدة. وصف ما يزيد على ثلث المستَطلعين أنفسهم على أنهم «فاترون» في مشاعرهم حيال المسلمين. ويشعر أكثر من نصفهم بالارتياب إذا تم بناء مسجد كبير في منطقتهم. وبالمقابل، هناك قلق كبير في المملكة المتحدة لأن الأقليات المسيحية في بعض دول الشرق الأوسط تشعر بالتهديد وأحياناً بالاضطهاد.
طوّر المنتدى المسيحي الإسلامي عبر السنين برنامجاً مميزاً من الأحداث الفاعلة لرجال الدين المسيحيين والأئمة وغيرهم من القادة الدينيين، وكذلك للشباب ولآخرين كثيرين، على مستوى الجذور وكذلك على المستوى الوطني. كانت هناك مناسبات، على سبيل المثال لأساتذة ينظرون إلى وجهات نظر المسيحيين والمسلمين حول التعليم ويتعاملون مع قضية الدين والإيمان الخلافية في المدارس. نعمل بنشاط كذلك لتشجيع «التوأمة» بين الكنائس والمساجد المحلية، وهي حملة لبناء حوار على مستوى الجذور بين المسيحيين والمسلمين في المملكة المتحدة.
ومن المناسبات المعينة على مستوى الجذور حدث يجمع شباباً مسيحيين ومسلمين في بيرمنغهام بهدف رعاية علاقات إيجابية وتفكيك بعض سوء الفهم والصور الكاريكاتورية عن ديانة الآخر، التي يمكن أن تنشأ بسهولة، مثل الرؤى الخاطئة واسعة الانتشار بأن الجهاد يعني فقط الكفاح العنفي، أو أن المسيحية هي في الأساس ديانة غربية، بينما جذورها في الواقع متأصلة في الشرق الأوسط. في شريط سينمائي قصير يلخص الحدث، قال أحد المشاركين المسلمين: «حاولنا حوصلة التجربة وإرسال رسالة إلى أناس آخرين هناك تشجّع المزيد من هذه الأحداث وتزيل الحواجز السيكولوجية التي نملكها حول مقابلة أناس يختلفون كثيراً عنا».
قال أحد الشباب المسيحيين في تلك المناسبة «لم أدرك أن لديّ في الواقع هذا الشيء الكثير المشترك مع المسلمين». بعد نجاح هذه المناسبات قمنا بتطوير موقع مع أفكار للشباب المسيحيين والمسلمين من القادة يستضيفون مناسبات مشتركة.
هذا النوع من النشاطات بالذات هو الذي ينظمه المنتدى المسيحي الإسلامي لصالح المجتمع المحلي. ويوجد في المنتدى ما لا يقل عن ثمانية رؤساء، أربعة مسيحيين وأربعة مسلمين، بهدف محاولة تمثيل أوسع مجال ممكن من الكنائس المسيحية في إنجلترا والجالية المسلمة بكل تنوّعها. هناك ستة أزواج من «الخبراء» الذين يركزون على الشباب والتعليم أو الحياة الأسرية، والذين يقدمون الدعم والإرشاد للزيجات الإسلامية أو المسيحية، بما فيها مجموعة تلتقي بانتظام في أوكسفورد للتشارك في تجاربها في مجال حوار الأديان. وجميعهم خبراء في مجالاتهم ويقدّمون أوقاتهم بشكل تطوعي.
العديد من القضايا التي نواجهها شديدة التعقيد، ويساعدنا بعض المستشارين العلماء من المسيحيين والمسلمين. ويستمر رئيس أساقفة كانتربري بإبداء اهتمام نشط في دوره كراعٍ مؤسس، وهناك الآن راعٍ مسلم هو مولانا شهيد رازا الذي يشرف كذلك على تدريب الأئمة في كلية لندن الإسلامية.
يستمر المنتدى المسيحي الإسلامي بالنمو ضمن جهود لتوفير الأسلوب الأمثل للمساعدة على إيجاد تفاهم أفضل بين المسيحيين والمسلمين. نفعل ذلك إيماناً منا بأهميته في وقتنا هذا، ونشجع الجميع على المشاركة، وألا يكون ضحية نزوات صحافة الإثارة. ونحن نؤمن أن الحوار وجهاً لوجه يفعل الكثير لكسر الصور النمطية السلبية وسوء الفهم المسيطرين في عالم اليوم
العدد 3196 - الثلثاء 07 يونيو 2011م الموافق 06 رجب 1432هـ