اعتبر إمام وخطيب جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ عيسى أحمد قاسم، أن الحلول الأمنية للأحداث التي تقع تفاقم من المشكلات وتضاعفها، وتزيد في سعة التمزق، وتعمق الخلاف، مؤكداً أن التخلص من آثار هذه الحلول الموجعة بداية الإصلاح الجاد.
وقال قاسم في خطبته أمس الجمعة (3 يونيو/ حزيران 2011): «تثبت الأيام والأحداث في الساحة العالمية والعربية، أن الحلول الأمنية في خلافات الحكومات والشعوب قد فقدت القدرة على إسكات الناس، فأما بالنسبة لحل المشكلات فالحل الأمني بعيد عنه كل البعد، ولا يزيدها إلا تعقيداً وتفاقماً وامتداداً وتوسعاً، ويضع المجتمعات على فوهة البركان».
وطرح قاسم تساؤلاً وأجاب عليه بالقول «إذا استنفد الحل الأمني طاقته ليزيد من تفاقم المشكلات، فماذا بعد؟ أن تبقى المشكلات على ما هي عليه، لتتضاعف مع الأيام، وتزيد في سعة التمزق وتعميق الخلاف وتغذية الصراع وإضعاف الأوطان، ووضعها تحت التهديد الدائم بالانفجار، أو أن يبادر بالإصلاح من قبل الحكومات، ليعالج أصل الداء، ويسد منبع الفساد والخلاف والتمزقات، وإذا كان ذلك في إثر موجة أمنية صارمة، وانتهاك واسع للحقوق، وحملة كبيرة من الإجراءات الانتقامية المخلفة لآلام صعبة، ومظاهر قاسية، كان أول الإصلاح التخلص من هذه الآثار الموجعة والمظاهر الاستفزازية».
ونوّه قاسم إلى أنه «لا ننسى أن الحقيقة السارية في كل الأمور، هي أن النتيجة تتبع أخس المقدمات، فإذا صغرت أي مقدمة صغرت النتيجة، وإن اجتمع ما اجتمع من المقدمات الكبيرة، وتخلّف مقدمة واحدة يعني التخلف للنتيجة مع توفر كل المقدمات الأخرى».
وأضاف «الحقيقة الثانية الثابتة، هي أن المنظور الأول لكل العقلاء إنما هي النتيجة، أما المقدمات، فالنظر إليها نظر ثانوي والقصد إليها تابع للقصد إلى النتيجة، وكل المقدمات فاقدة للقيمة لو لم تترتب النتيجة».
وذكر قاسم أنه «من الواضح جداً، أن الطريق لقضية الأمن الداخلي للأوطان قصير جداً، وسهل وواضح، ولا تعقيد فيه، وهو أن تكون إرادة سياسة مبادرة للإصلاح وبالدرجة الكافية». ورأى أنه «مرة يكون خلاف على الصلاحيات والواجبات والحقوق بين حزب معين وحكومة، ومرة يكون هذا الأمر بين شارع عام وحكومة، وطبيعي أن يكون المنظور في الحالة الأولى هو التوافق على الحل الذي تتلاقى عليه إرادة الحزب والحكومة».
وأكد أن «الطبيعي في الحالة الثانية أن يكون المنظور في الحل هو تلاقي إرادة الحكومة والشارع العام المعارض على الحل»، موضحاً أنه «لا تقوم إرادة شخصية، أو حزب أو جمعية في هذا الفرض، مقام إرادة الشارع العام إلا بإنابة وتوكيل واضح، وإن كانت أي شخصية أو حزب أو جمعية عضواً من أعضاء المجتمع وله أن يتوافق عن نفسه مع الغير في أي أمر من الأمور التي يقدر أن فيها المصلحة».
وأشار قاسم إلى أنه «إذا دخلت أي شخصية، أو حزب أو جمعية في توافق على حل في مسألة طرفها الثاني هو الشارع العام، أمكن أن يمثل ذلك خطوة تمهيدية فقط، يُرجع إلى الشارع العام المعارض في الأخذ بمبادئها لأنه الطرف الأصيل الثاني في هذا الفرض، ولأن مطلوب الحل هو أن يرضى هذا الشارع، ويحصل التوافق العام على صيغة سياسية واضحة، ينهي سبب الشكوى والتوتر والغليان»
العدد 3192 - الجمعة 03 يونيو 2011م الموافق 02 رجب 1432هـ