العدد 3188 - الإثنين 30 مايو 2011م الموافق 27 جمادى الآخرة 1432هـ

منال الشريف بعد سياقة السيّارة!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

منال الشريف فتاة خليجية قامت بضرب العادات الجاهلية على الجدران الأسمنتية، وتحدّت مجموعة من العقبات المعقّدة، واصطفّت مع بعض بنات جنسها، ممّن حاولن رفع شعار محاولات التغيير عن طريق قيادة السيّارة، تقف اليوم أمام المجتمع في إحدى الدول الخليجية مذنبة لذنب ليس به عيب أو حرام إلا وجودها في هذا المجتمع!

قادت منال السيارة، وهي تعلم ماذا ستواجه، مجتمعاً وقيوداً وأباطيل وسمعة سيّئة، وعلى رغم ذلك كلّه تحدّت هذه المرأة الحواجز، حتى تخلق جيلاً جديداً من النساء، ممّن يقلن إنّ هناك حقوقاً لدينا في مجتمع الرجال التحكّمي.

سياقة المرأة عورة، وخروج المرأة من بيتها من دون محرم من الكبائر، وعدم وضع غطاء الوجه فتنة، ونضيف إلى ذلك التقوّلات على سمعة الفتاة أو المرأة في هذه الدولة الخليجية إن واجهت العادات والتقاليد، فماذا بقي للمرأة في هذه الدولة حتى تحصل على الحرّية، التي تعتبر في نظر المجتمع تفاهة من تفاهات الفكر الليبرالي؟

أيعقل أنّنا في القرن 21 بعد أن استطاعت المرأة الوصول إلى الفضاء، وقيادة الطيّارة، ومسابقة الرجال في المحاضر العلمية والاجتماعية؟ فالمرأة في هذه الدولة معروفة بأنّها على قدر من العلم، ولكن ما فائدة العلم في ظل التخلّف الرجولي التحكّمي؟ وماذا تصنع لتحاول الحصول على حقوقها، في مجتمع لا يعترف بحقوقها، على رغم وجود هدي الرسالة في معقل داره؟!

من الطريف المبكي أن يقوم عالم دين وهو رئيس لجنة التكافل الأسري في هذه الدولة، للمطالبة بجلد منال حتى تكون عبرة لمن لا يعتبر، أليس هذا قمّة العنف الأسري، وإساءة معاملة المرأة والحط من قدرها وحقوقها، وخاصة أنّ الجميع يعلم بتحرّشات بعض السائقين من العمالة الأجنبية بالنساء؟ ومراكز الشرطة تستطيع إفادتنا بالكثير من هذه القضايا، جلّ ما يقوم به أهل الاختصاص تسفير العامل خوفاً من الفضيحة.

نساء الصحابة كنّ أفضل حالاً من هذه المرأة بكثير، ففي تلك الفترة لم يكن عندهن وسيلة مواصلات غير امتطاء الإبل أو الأحصنة، وكانت المرأة تسابق الرجل في هذه الوسيلة، أما اليوم فلقد خرج علينا بعض علماء الدين المتشدّدين ممن لا يعرفون العلم، حرّموا ما هو حلال، وجعلوه نسقاً من أنساق مجتمعهم!

علماً بأنّ قانون هذه الدولة لا يذكر ممانعة سياقة السيارة من قبل المرأة، فكيف تجرّأ رجال الشرطة على القانون؟ أوَليس القانون هو الذي يحدّد الحقوق والواجبات؟ أم إنّ العادات الجاهلية للمجتمع الذكوري هي التي تحكم بقبضة حديدية على المرأة، وتجعلها أسيرة ولا تعرف طعم الحرّية، التي حباها الله إيّاها؟

نتمنى أن تقف هذه المرأة مع بنت جنسها وبنات جنسها الأخريات، ممّن يحاولن الخروج وتحدّي هذه الترّهات والخزعبلات، حتى نجد المرأة في هذه الدولة - وهي الوحيدة في العالم التي سلبت حق السياقة من المرأة - تسوق في الطرقات، وتعيش بكرامة، وتقضي حاجيّاتها، دون اللجوء إلى الرجل أو الاعتماد على العمالة الأجنبية، ليوصلوها إلى منالها!

منال... لنا الشرف أن يدخل اسمك في التاريخ، بأنك إحدى البطلات اللاتي قلن «لا»، وحاولتِ التغيير من أجل حياة أفضل، فهنيئاً لك يا أخيّة ما قمتِ به، وعسى ألا تكون هذه آخر المحاولات، حتى نظفر بمجتمع طبيعي يجعل المرأة في نفس كفّة الرجل

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3188 - الإثنين 30 مايو 2011م الموافق 27 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً