تواصل قضية الأطباء الاستشاريين تداعياتها، ويرشح من هنا وهناك الكثير من المعلومات والأخبار التي تُصعِّد من القضية، إلى درجة ربما يجد جميع الأطراف من ذوي العلاقة وصولهم إلى ما يشبه الباب المسدود، الذي ربما يقود إلى تعقيد المشكلة، وتعقيد إمكانية التوصل إلى حلول صائبة بشأنها.
تكتسب مشكلة الأطباء الموقوفين عن العمل أهميتها من عدة زوايا: الأولى، الكفاءة العالية والخبرة الغنية اللتان تتمتع بهما غالبية هؤلاء الاختصاصيين الموقوفين، والذين تخرجوا من جامعات راقية، واكتسبوا - بفضل سنوات الخدمة التي أمضوها - خبرة مهنية غنية يصعب التفريط فيها. والثانية، أنهم يمارسون مهنة إنسانية تحظر على الجميع حق حرمان المجتمع منها، وخاصة عندما ندرك أن المرضى من المواطنين، هم أكثر الأطراف تضرراً من عملية التوقيف هذه. أمّا الثالثة، وربما يشوبها بعض الغرابة، فهي إسهام هؤلاء الاستشاريين الإيجابي في الاقتصاد الوطني، حيث ليس خافياً على أحد تردد الكثيرين من أبناء دول مجلس التعاون على عيادات هؤلاء الاستشاريين، بفضل علمهم وخبرتهم.
تأسيساً على كل ذلك تبرز ضرورة إعطاء المسألة الاهتمام الذي تستحقه، والعمل على حلها في أسرع وقت ممكن، بما يضمن احترام القضاء، والالتزام بكل أخلاقيات ومتطلبات مهنة الطب، ودون التفريط في أي شيء من شأنه تجاوز القانون أو الإساءة للمهنة ذاتها. لكن، وبالقدر ذاته ينبغي عدم التهاون في حقوق الناس، قبل الاستشاريين أنفسهم، الذين ينتظرون بفارغ الصبر إعادة فتح عيادات أطبائهم كي يتسنى لهم التردد عليها، وأخذ العلاج الصحيح منها.
لذا ربما آن الأوان اليوم، بعد أن تجاوزت البحرين مرحلة الانفعال، وبدأت الأمور تتجه نحو التهدئة، وحركة المجتمع تميل نحو استعادة الاستقرار، أن يعاد النظر في القرار، من زاوية ثانية، ومن منطلقات مختلفة تأخذ بعين الاعتبار هذا الدور المميز الذي يمارسه الأطباء الاستشاريون على الصعيدين المهني/ الإنساني والاقتصادي/ التنموي من أجل الخروج من دوامة التوقيف عن ممارسة العمل.
المواطن الذي وجد نفسه ضحية الظروف التي تمر بها البلاد، يرى أن مسئولية الخروج من هذه الأزمة الطاحنة تقع على عاتق الطرفين. فمن جانب يناشد الجهات المسئولة أن تعيد النظر في قرارها، دون تفريطها في الأخلاقيات المهنية، ولا الضوابط القانونية، وعلى مستوى الأطباء، ربما، هم أيضاً مطالبون بالتفكير الجدي في خطوة تشرح قضيتهم من منطلقات مختلفة تساعد المسئولين على اتخاذ القرارات الأكثر صواباً.
لم تعد الأمور تستحمل، وكل يوم يمر دون حل جذري للمشكلة، يكون ثمنه باهظاً يسدده المواطن أولاً ويدفعه الوطن ثانياً دون أي استثناء
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3181 - الإثنين 23 مايو 2011م الموافق 20 جمادى الآخرة 1432هـ